كيف سيغير حكم محكمة العدل الأوروبية قواعد تصنيف الدول الآمنة وتبعاته على ألمانيا؟

أخبار العرب في أوروبا-متابعات
أصدرت محكمة العدل الأوروبية مؤخرا قرارا مهما بشأن قانونية قائمة الدول المصنفة كدول “آمنة”، وهو القرار الذي يحمل تداعيات كبيرة على سياسة الهجرة واللجوء داخل الاتحاد الأوروبي، ولا سيما في دول مثل ألمانيا وإيطاليا التي تعتمد إلى حد كبير على هذه القوائم لتسريع إجراءات اللجوء.
جاء القرار في حكم قضائي صادقت فيه المحكمة على حق إيطاليا في تصنيف بعض الدول كآمنة، مما يسمح للحكومة الإيطالية بتسريع رفض طلبات اللجوء المقدمة من مهاجرين قادمين من هذه الدول، مثل ألبانيا.
مع ذلك، شددت المحكمة على ضرورة أن يستند تصنيف الدول الآمنة إلى معايير قانونية صارمة، وأن يتيح لمقدمي طلبات اللجوء والمحاكم إمكانية الوصول إلى الأدلة التي تدعم هذا التصنيف، وحق الطعن فيها.
كما أوضحت المحكمة أنه لا يجوز اعتبار دولة ما آمنة إلا إذا كانت توفر الحماية الكافية لجميع سكانها، بما في ذلك الفئات الأكثر عرضة للاضطهاد مثل الأقليات والمثليين.
وأشارت إلى أن عدم توفير الحماية لهذه الفئات يعني أن الدولة لا يمكن إدراجها في قائمة الدول الآمنة.
هذا الحكم أثار جدلا واسعا في ألمانيا، حيث يرى بعض الخبراء أنه قد يهدد سياسة الهجرة المتبعة ويصعب من تصنيف الدول كآمنة، في حين يعتقد آخرون أن التصنيفات الحالية في ألمانيا تستند إلى معايير واضحة ومنطقية يمكن الدفاع عنها أمام المحكمة الأوروبية.
وتعد ألمانيا من الدول التي تشمل قائمتها للدول الآمنة عددا من دول الاتحاد الأوروبي إلى جانب بعض الدول الأخرى مثل ألبانيا والبوسنة والهرسك وجورجيا، بينما اقترحت المفوضية الأوروبية مؤخرا إضافة دول مثل بنغلاديش وكولومبيا ومصر والمغرب وتونس إلى هذه القائمة.
في الوقت نفسه، أثار القرار القضائي قلق نقابة الشرطة الألمانية التي اعتبرت أن الحكم يصعب تطبيق نظام اللجوء الأوروبي المشترك ويزيد من تعقيد إجراءات ترحيل اللاجئين، خاصة مع التأكيد على أن جميع السكان في الدولة يجب أن يكونوا في أمان، وهو أمر يصعب تحقيقه بشكل كامل حتى في دول الاتحاد الأوروبي ذاتها.
على صعيد آخر، تعبر بعض الدول الأوروبية عن اهتمامها بنموذج “ألبانيا” في تسريع إجراءات طلبات اللجوء خارج الاتحاد الأوروبي، إلا أن هناك عقبات قانونية كبيرة تواجه تنفيذ هذا النهج.
ردا على الحكم الصادر عن العدل الأوروبية، أكد وزير الداخلية الألماني أن ألمانيا لا تصنف دولة كآمنة إلا إذا كانت توفر الحماية الكاملة لسكانها، مع تقديم أسباب واضحة لكل تصنيف.
في المقابل، حذر خبراء قانونيون من تقلص مساحة التحرك للدول الأعضاء بسبب التدخل القضائي المتزايد، مؤكدين على أهمية التوازن بين حماية حقوق اللاجئين واحتياجات الدول المضيفة في تنظيم سياسات الهجرة واللجوء.
في النهاية، يبرز هذا القرار القضائي كعلامة فارقة تعيد تشكيل سياسات الهجرة واللجوء في أوروبا، وتفتح نقاشا واسعا حول مدى إمكانية التصنيف القانوني والإنساني للدول الآمنة، ومدى قدرة الدول الأوروبية على التحكم في تدفقات الهجرة دون التنازل عن معايير حماية حقوق الإنسان.