اقتصاد وأعمالتقارير
أخر الأخبار

الاقتصاد الفرنسي تحت الضغط.. نمو ضعيف وديون متصاعدة وضغوط اجتماعية

أخبار العرب في أوروبا-فرنسا

لطالما شكّلت فرنسا عمودا رئيسيا في المنظومة الأوروبية، مستندة إلى قوتها الاقتصادية وثقلها السياسي ونموذجها الاجتماعي الراسخ، إلا أن السنوات الأخيرة أظهرت تحديات كبيرة تهدد استقرار الدولة.

يمثل عام 2025 مرحلة فاصلة تكشف عمق الأزمات الداخلية وضغوط التغيرات الجيوسياسية على قدرة فرنسا على الحفاظ على توازنها الاقتصادي والاجتماعي

تباطؤ النمو الاقتصادي

يشهد الاقتصاد الفرنسي حالة ركود مزمن، حيث تشير التقديرات إلى أن معدل النمو في 2025 لن يتجاوز 0.6%، مقارنة بـ0.8% في 2024، وهو أدنى معدل منذ عام 2015 بين الاقتصادات الأوروبية الكبرى.

ويعكس هذا التباطؤ اختلالات هيكلية في القدرة الإنتاجية وتراجع فعالية أدوات التحفيز الاقتصادي.

تصاعد الدين الفرنسي

بلغ إجمالي الدين الحكومي والخاص نحو 7.65 تريليونات يورو حتى منتصف 2025، أي أكثر من ضعفي الناتج المحلي الإجمالي البالغ 2.9 تريليون يورو. ويزداد الدين بوتيرة 6,500 يورو في الثانية تقريبا.

ومن المتوقع أن يصل الدين الحكومي إلى 4 تريليونات يورو بحلول 2029، مع ارتفاع تكاليف الفوائد إلى نحو 100 مليار يورو سنويا.

وقد خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني لفرنسا في ديسمبر/كانون الثاني 2024، محذرة من خفض إضافي إذا لم تُضبط النفقات العامة.

الضغوط الضريبية

تمثل الضرائب نسبة 42.8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو من أعلى المعدلات عالميا، لكنها لم تحقق نتائج مالية متوازنة. كما يُهدر نحو 84 مليار يورو من خلال الإعفاءات، بينما يُقدّر التهرب الضريبي بـ80-100 مليار يورو سنويا، ما يفاقم العجز ويثقل كاهل المواطن ويقلل من جاذبية الاستثمار.

أزمة القطاع الخاص

يسهم القطاع الخاص بنسبة 84% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أنه يعاني ركودا منذ 11 شهرا، مع ضعف الطلب وثقة الشركات.

يهيمن قطاع الخدمات على الاقتصاد بنسبة 72.3%، بينما تراجعت الصناعات التحويلية إلى 17.5%، مما يعكس ضعف النشاط الصناعي تحت ضغط الضرائب وتراجع الاستثمارات.

الضغوط الديموغرافية

تسارع الشيخوخة وتقلّص السكان النشطين، حيث يشكل من تجاوزوا 65 عاما 21% من السكان، مع توقع وصول النسبة إلى 25% بحلول 2040.

ويسجل نظام التقاعد عجزا متزايدا، مع مغادرة نحو 50-60 ألف شاب مؤهل سنويا، ما يضعف القاعدة الإنتاجية والتمويلية.

التوترات الاجتماعية والسياسية

شهدت فرنسا أكثر من 12 ألف مظاهرة في 2023، بمعدل 66 احتجاجا شهريا، وهو من الأعلى في أوروبا.

ويعبّر 67% من السكان عن عدم الثقة في قدرة الحكومة على تحسين أوضاعهم، بينما يرى 58% أن مستقبل البلاد الاقتصادي والاجتماعي مظلم.

قطاع الطاقة

تحقق فرنسا اكتفاءً في إنتاج الكهرباء بنسبة تزيد عن 70% عبر 56 مفاعلا نوويا، لكنها تعتمد على الخارج لتلبية كامل احتياجاتها من النفط والفحم ونصف احتياجات الغاز، ما يشكل نقطة ضعف هيكلية تهدد الأمن الطاقي.

تراجع الدور الفرنسي دوليا

تراجع النفوذ الفرنسي في أوروبا وأفريقيا والشرق الأوسط خلال العقدين الأخيرين، مع انخفاض القدرات العسكرية والاقتصادية، وصعود منافسين مثل روسيا والصين وتركيا.

في ظل هذا المشهد المعقد، تواجه فرنسا خيارات محدودة، تتطلب قرارات جريئة لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مع ضرورة حماية المواطن واستعادة موقعها الفاعل على الساحة الدولية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى