
أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
أصدرت السلطات الألمانية مؤخرا أول قرار رسمي بترحيل لاجئ سوري إلى بلاده، مستندةً إلى ما يسمى بمبدأ “زوال الخطر العام”، في خطوة تمثل سابقة منذ عام 2014.
يأتي القرار بعد ثلاث سنوات من انتظار اللاجئ السوري إبراهيم، البالغ من العمر 24 عاما، الذي وصل إلى ألمانيا عام 2022 وبدأ رحلة البحث عن حياة آمنة ومستقبل مهني وتعليمي.
تلقى إبراهيم رسالة رسمية من دائرة الهجرة في ألمانيا تفيد برفض طلب لجوئه، مطالبة إياه بمغادرة البلاد خلال 30 يوما أو تقديم استئناف خلال الفترة نفسها.
وردّ إبراهيم على القرار بغصّة، مؤكداً أن سنواته الثلاثة في ألمانيا ضاعت بلا أي ضمانات أو تأكيدات بحقوقه، وأنه كان يأمل في لم شمل أسرته المكونة من زوجة وطفلين.
ورغم أن القرار قابل للطعن، فإن الشاب يواجه الآن تحديات كبيرة، خصوصا مع استمرار الوضع الأمني المتقلب في سوريا، بما في ذلك مقتل أحد أشقائه ووجود تهديدات شخصية في منطقته بدير الزور.
وجاء القرار ليضع حدا لأمل استمر ثلاث سنوات، تخللها محاولات مستمرة لتعلم اللغة والعمل والمشاركة في برامج اندماجية، في حين لاحظ أن آخرين حصلوا على الإقامة بسرعة أكبر دون مبرر واضح.
وأجرى إبراهيم جلسة استماع أمام المحكمة في مارس/آذار 2023، وتابع أوراقه أكثر من خمسين مرة، لكنه ظل بلا قرار نهائي.
ومع توقف الإجراءات بسبب الأحداث السياسية في سوريا، تم إصدار القرار النهائي في 25 يوليو/تموز 2025، متجاهلين قضاءه على أرض الواقع ومستقبله المهني والدراسي.
القرار استند إلى تقرير السلطات الألمانية الذي أكد أن سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، “يعني زوال الخطر العام، وعدم وجود خطر شخصي محدد على اللاجئ”، إضافة إلى غياب أي نشاط سياسي أو ملاحقة فردية سابقة.
واستندت السلطات في تقييمها إلى تقارير إعلامية دولية بدلا من الاعتماد على مصادر رسمية صادرة عن وزارة الخارجية الألمانية أو منظمات دولية، ما أثار جدلا حول دقة المعايير وتقييم المخاطر.
القانوني أحمد الأقرع أوضح أن القرار قد يشكل سابقة تؤثر على ملفات اللاجئين السوريين في ألمانيا، إذ يرسخ مبدأ أن مجرد وجود خطر عام في بلد المنشأ لا يكفي لمنح الحماية ما لم يثبت وجود خطر شخصي مباشر.
وأضاف أن القرار قد يتعارض مع مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في اتفاقية جنيف واتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية، إذا ثبت استمرار وجود تهديد حقيقي على اللاجئ في حال ترحيله.
وأكد الأقرع أن طول مدة الانتظار التي بلغت ثلاث سنوات قبل صدور القرار تسبب في ضرر بالغ للاجئ، مضيفا أن القانون الألماني يلزم بالبت في ملفات اللجوء “في أسرع وقت ممكن”، بينما تسمح التوجيهات الأوروبية بفترة ستة أشهر قابلة للتمديد حتى 21 شهرا للحالات المعقدة، ما يجعل فترة الثلاث سنوات غير مبررة.
من جانبها، أوضحت المتحدثة باسم وزارة الداخلية الألمانية، سارة فروهاوف، أن 1,337 شخصا عادوا طوعا إلى سوريا حتى نهاية يوليو/تموز الماضي، وأن الأولوية الحالية لعمليات الترحيل تقتصر على المجرمين والأشخاص الذين يشكلون خطرا أمنيا، فيما يخضع بقية المقيمين لتقييم ملفاتهم لاحقا.
وأضافت أن الوضع في سوريا ما يزال متقلبا، مما يؤثر على قرارات اللجوء، ولا توجد حتى الآن تفاصيل بشأن مفاوضات الترحيل مع السلطات السورية أو نتائجها.