تقاريرمجتمع وطفولة
أخر الأخبار

أزمة التعليم في فرنسا: نقص في المعلمين وتقشف يهدد العام الدراسي الجديد

أخبار العرب في أوروبا-فرنسا

يجد قطاع التعليم في فرنسا الذي بدأ اليوم الإثنين (1سبتمبر /أيلول 2025) نفسه أمام أزمة متصاعدة، رغم تعهدات الحكومات المتعاقبة بجعل المدرسة “أولوية وطنية”.

الأرقام الرسمية تكشف عن واقع مقلق، حيث أن أكثر من 2,600 منصب تدريس ما زال شاغرا بعد انتهاء مسابقات التوظيف، في وقت تستعد فيه وزارة المالية لإقرار تخفيضات إضافية قد تمس آلاف الوظائف، استجابة لمطالب التقشف.

أساتذة متعاقدون بلا تأهيل كافٍ

بحسب تقرير لشبكة “سي.نيوز” الفرنسية، لجأت الأكاديميات التربوية إلى نشر مئات الإعلانات على منصة التوظيف التابعة لوزارة التربية لاستقدام أساتذة متعاقدين لا يحملون شهادات تعليمية متخصصة.

وفي بعض الحالات، يكفي أن يكون المرشح “ناطقا بالألمانية” لتدريس هذه اللغة، حتى دون إجازة جامعية في التخصص.

ويحكي “بيير”، الذي تم توظيفه لتدريس اللغة الفرنسية عبر هذا المسار المبسط: “لقد سألوني عن القرن الذي عاش فيه موليير، وبعدها مباشرة تم قبولي كأستاذ”.

ويضيف أن هذا المثال يختصر حجم التنازلات التي تقدمها الوزارة لضمان وجود معلم في كل فصل.

تقشف يفاقم النزيف

الأزمة لا تقتصر على النقص الحالي في الكوادر، بل تتجاوزها إلى خطط التقشف الحكومية. ففرنسا مطالبة بتوفير 44 مليار يورو من النفقات العامة، والتعليم لن يكون مستثنى من هذه الإجراءات.

النقابات أكدت أنه تم إلغاء 470 منصبا تعليميا هذا العام، ما سيؤدي إلى إغلاق أكثر من ألفي فصل دراسي.

ورغم الانخفاض المتوقع في عدد التلاميذ بنحو 130 ألفا هذا العام، تحذر النقابات من أن الحكومة قد تتخذ من التراجع الديموغرافي ذريعة لتسريع سياسة التخفيضات.

وخلال الفترة بين 2017 و2022، جرى خلق 16 ألف وظيفة تعليمية، لكن منذ ثلاث سنوات بدأ الاتجاه في الانعكاس عبر إلغاء متزايد للوظائف، خصوصا في التعليم الابتدائي، بحسب صحيفة ليزيكو.

نقابات تهدد بالتصعيد

الاتحاد النقابي الرئيسي SNES-FSU حذّر من الدخول في “إضراب وطني قبل عطلة Toussaint” إذا جرى المساس بعدد الوظائف، مطالباً بخلق 10 آلاف وظيفة إضافية على الأقل للعودة إلى مستوى التأطير لسنة 2017.

وقالت الأمينة العامة للنقابة، صوفي فينيتاي: “من غير المقبول أن تبدأ السنة الدراسية دون أستاذ أمام كل قسم. إذا لم تتحرك الحكومة، فإن التعبئة ستكون حتمية”.

أعباء مهنية وإدارية متزايدة

بعض المسؤولين يعتبرون أن انخفاض عدد التلاميذ يستدعي منطقيا تقليص عدد الأساتذة، لكنهم يحذرون في الوقت نفسه من تداعيات ذلك على ضغط ساعات العمل.

برونو بوبكيفيتش، رئيس اتحاد مديري المؤسسات الثانوية، قال: “الخطر أن تفرض الدولة على المدرسين المزيد من الساعات الإضافية لتعويض النقص، ما سيرفع من مستوى التوتر داخل المؤسسات”.

وأضاف أن الأمر لا يقتصر على المعلمين، بل يشمل الطواقم الإدارية أيضا، حيث إن غياب نائب مدير أو مستشار تربوي قد ينعكس بشكل كارثي على سير العملية التعليمية.

“العقد التعليمي” في مهب الريح

على صعيد آخر، يتقلص تمويل ما يُعرف بـ”العقد التعليمي”، الذي يمنح الأساتذة 1,250 يورو مقابل مهام إضافية مثل الدعم المدرسي أو التدخلات العاجلة.

ففي بعض المؤسسات، انخفض عدد المهام الممولة من 45 مهمة سابقا إلى 5 فقط هذا العام، ما اعتبرته النقابات ضربة للحوافز التي وعدت بها الحكومة لجعل المهنة أكثر جاذبية.

وبين نقص حاد في المعلمين، وضغوط تقشفية، وتهديدات بالإضراب، تدخل فرنسا عامها الدراسي الجديد 2025 في ظل ظروف غير مسبوقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى