
أخبار العرب في أوروبا-فرنسا
في أول يوم له على رأس الحكومة الفرنسية، واجه رئيس الوزراء الجديد، سيباستيان لوكورنو، أمس الأربعاء، موجة من الاحتجاجات الشعبية وتهديدات سياسية بحجب الثقة، في ظل أجواء متوترة تشهدها البلاد.
تأتي هذه التطورات بعد تكليف لوكورنو رسميا من الرئيس إيمانويل ماكرون لتولي رئاسة الحكومة، عقب إسقاط حكومة سلفه فرانسوا بايرو نتيجة حجب الثقة عنها، ما جعل لوكورنو سابع رئيس وزراء في عهد ماكرون، والخامس منذ بداية ولايته الثانية عام 2022، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الجمهورية الخامسة، المعروفة لفترة طويلة بالاستقرار السياسي.
وشهدت فرنسا صباح الثلاثاء مظاهرات واسعة تحت شعار “لنعطل كل شيء”، شارك فيها آلاف المتظاهرين في مختلف المدن، مع انتشار مكثف لقوات الشرطة، حيث بلغ عدد عناصرها نحو 80 ألف شرطي لضمان النظام العام.
وأبدى كثير من المشاركين في الاحتجاجات شعورهم بالغضب من أداء السياسيين، معتبرين أن نتائج صناديق الاقتراع لا تنعكس على قرارات الحكومة.
وفي أول تصريحاته بعد توليه المنصب، تعهد لوكورنو باتباع “نهج جديد” في إدارة الدولة، مشيرا إلى عزمه على إجراء تغييرات جذرية في النهج والمضمون السياسي، مؤكدا أن “لا طريق مستحيلا” للخروج من الأزمة السياسية الراهنة، وأنه سيلتقي بمختلف الأحزاب السياسية خلال الأيام المقبلة لضمان تشكيل حكومة قادرة على تمرير برامجها، لا سيما الميزانية المقبلة.
لكن الطريق أمام لوكورنو يبدو صعبا، فالأحزاب اليسارية الراديكالية أعلنت عن نيتها تقديم مذكرة لحجب الثقة فور عرض الحكومة أمام الجمعية الوطنية، فيما أعرب الحزب الاشتراكي عن قلقه من “غضب اجتماعي” و”عرقلة مؤسساتية” يمكن أن تواجه الحكومة الجديدة.
وفي المقابل، أبدى حزب “التجمع الوطني” اليميني المتطرف استعداده المبدئي للتعاون مع الحكومة بشأن الميزانية، لكن بشرط تلبية مطالبه، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي أمام رئيس الوزراء الجديد.
ويتمثل أحد أبرز التحديات أمام لوكورنو في تمرير ميزانية العام المقبل داخل برلمان منقسم إلى ثلاث كتل أيديولوجية مختلفة.
فالميزانية التي كانت سببا في سقوط حكومة بايرو تهدف إلى تنفيذ إجراءات تقشفية توفر نحو 44 مليار يورو لخفض الدين العام الذي وصل إلى 114% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، وهو ما يفرض على الحكومة الجديدة موازنة دقيقة بين الإصلاح المالي وتلبية المطالب الاجتماعية والسياسية المتباينة.
يبقى مشهد الاحتجاجات والتهديد بحجب الثقة مؤشرا على أن بداية ولاية لوكورنو ستكون محفوفة بالصعوبات، سواء على الصعيد السياسي أو الاجتماعي، وسط ضغط متزايد من الشارع الفرنسي لمحاسبة الحكومة على سياساتها السابقة، وضمان تنفيذ وعود الإصلاح التي أعلن عنها الرئيس ماكرون.