رسول الحرية.. “كامي ديمولان”
”لوسي سيمبليس كامي بينوا ديمولان” (2 آذار 1760 – 5 نيسان 1794)
كان صحفيًا وسياسيًا لعب دورًا مهمًا في الثورة الفرنسية. كان صديق طفولة لـ ماكسيميليان روبسبير وصديق مقرب وحليف سياسي لجورج دانتون وهما من الشخصيات المؤثرة في الثورة الفرنسية. تمت محاكمة ديمولان وأعدم جنبا إلى جنب مع دانتون.
ولد “ديمولان” في “جيز في بيكاردي” في باريس. كان والده، “جان بنوا نيكولاس ديمولان”، محاميًا ريفيًا.
من خلال جهود التي بذلها أحد أصدقاء والده ، حصل على منحة لكامي للدخول إلى كلية “لويس لو غراند” في باريس. أثبت “ديمولان” أنه طالب استثنائي حتى بين معاصريه البارزين مثل “ماكسيميليان روبسبير” و “لويس ماري ستانيسلاس فريرون”.
برع في دراسة الأدب الكلاسيكي والسياسة، وتابع في دراسة القانون، ونجح في الحصول على القبول كمحامي الدفاع عن برلمان باريس في عام 1785.
تقول المصادر أنه في حدود الساعة الحادية عشرة صباحاً من يوم 12 تموز 1789، أقبل المحامي والصحافي الفرنسي، كامي ديمولان، مسرعاً نحو مقهى دي فوي (Café de Foy) بقصر الكاردينال، المعروف أيضا بالقصر الملكي، قادماً من قصر فرساي ليصعد فوق طاولة ويباشر بإلقاء كلمة حماسية.
ومن خلال خطابه للجماهير، أعلن ديمولان عن طرد الملك لويس السادس للوزير جاك نيكر المقرّب من الشعب، وخيانة الأرستقراطيين للوطنيين مؤكداً على استعداد القوات الأجنبية، السويسرية والألمانية، الموالية للويس السادس عشر لمغادرة ساحة شون دي مارس (Champ de Mars) لقمع الاحتجاجات بالحديد والدم.
وأمام هذا الوضع، طالب هذا المحامي والصحافي الشاب البالغ من العمر حينها 29 عاماً، أهالي باريس بحمل السلاح وأشهر مسدسه في وجه عدد من رجال الشرطة الحاضرين على عين المكان معلنا عن استعداده للموت.
في الأثناء، لعب هذا الخطاب الحماسي الذي ألقاه كامي ديمولان دورا هاما في تغيير مستقبل فرنسا، فأثار غضب الباريسيين الذين لم يترددوا في الحصول على البنادق من منطقة ليزانفاليد قبل التوجه نحو سجن الباستيل للتزود بالبارود يوم 14 تموز 1789 لتشهد فرنسا خلال ذلك اليوم حدثا هاما، سمّي بسقوط الباستيل ومثّل نقطة اللاعودة في مجريات أحداث الثورة الفرنسية.
وبسبب كل هذه الأحداث لقّب العديد من المؤرخين “كامي ديمولان” برجل يوم 14 تموز/يوليو.
خلال العام نفسه 1789، باشر كامي ديمولان بطباعة صحيفته التي حملت عنوان Les Révolutions de France et de Brabant وقد استمرت هذه الصحيفة لحدود شهر تموز 1791، قبل أن يتم حظرها عقب أحداث “شون دي مارس”. أيضا، حصل ديمولان ما بين عامي 1792 و1794 على منصب نائب لمنطقة السين بالمجلس الوطني، وصوّت على قرار إعدام الملك لويس السادس عشر.
سنة 1793، أدان “ديمولان” واقعة إعدام النواب الجيرونديين، ونقد أتباع السياسي “جاك رينيه إيبير” (Jacques René Hébert) بعد اتهامهم بالحياد عن الثورة وقيادة فرنسا نحو حمام دم، كما أسس بمساعدة صديقه “جورج دانتون” جريدة Le Vieux Cordelier، والتي اعتمدها لحشد الرأي العام ضد أعمال العنف والإعدامات التعسفية التي عرفها عهد الرعب.
رسول الحرية
أواخر شهر آذار 1794، أمرت لجنة السلامة العامة الفرنسية باعتقال أتباع “جورج دانتون”، وعلى رأسهم “كامي ديمولان”، وقد جاء اعتقال الأخير عقب موافقة صديق طفولته “ماكسيمليان روبسبير”، عضو لجنة السلامة العامة، على ذلك.
ومطلع شهر نيسان من نفس السنة، مثل هؤلاء المتهمون أمام المحكمة الثورية والتي لم تتردد في إصدار أحكام بالإعدام ضدهم.
أعدم “كامي ديمولان” بالمقصلة برفقة “جورج دانتون” يوم 5 نيسان 1794، وعند وقوفه أمام المقصلة قال “ديمولان” كلمته الشهيرة: “هكذا يجب أن يموت أول رسول للحرية”، كما قدّم للجلاد سانسون (Charles-Henri Sanson) خصلة من شعر زوجته وطلب منه أن يرسلها لأمّها.
وقد فارق “كامي ديمولان” الحياة عن عمر يناهز 34 سنة، وبعد 8 أيام فقط لحقت به زوجته “لوسيل ديمولان” نحو المقصلة فأعدمت يوم 13 نيسان 1794، بينما لم يتجاوز سنّها 24 عاما بعد اتهامها بتدبير مؤامرة ضد الجمهورية.