أخبار العرب في أوروبا-مالطا
شهدت مالطا انخفاضا ملحوظا في أعداد المهاجرين غير الشرعيين المتوافدين إليها منذ بداية العام الجاري 2024، وذلك بعد توقيع اتفاق مثير للجدل مع ليبيا قبل عدة سنوات.
الاتفاق يهدف إلى الحد من تدفق المهاجرين عبر البحر المتوسط عن طريق اعتراض القوارب في المياه الإقليمية الليبية.
ورغم أن هذا الاتفاق ساعد في تقليص الأعداد، إلا أنه واجه انتقادات واسعة من منظمات حقوق الإنسان، التي اعتبرت أن إعادة المهاجرين إلى ليبيا، التي تُعتبر غير آمنة، يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان.
اتفاق مالطا مع ليبيا: تفاصيل وآلية العمل
منذ عام 2020، أصبح الاتفاق بين مالطا وليبيا أساسيا في الحد من تدفق المهاجرين غير النظاميين إلى مالطا.
بموجب هذا الاتفاق، تُعترض قوارب المهاجرين المغادرة من السواحل الليبية قبل أن تصل إلى المياه المالطية.
كما تم إنشاء مراكز تنسيق مشتركة في طرابلس وفاليتا، حيث يعمل موظفون من كلا البلدين في هذه المراكز لتنسيق عمليات الإنقاذ والاعتراض. يهدف هذا التعاون إلى تسهيل الرد السريع على محاولات الهجرة غير النظامية عبر البحر المتوسط.
انخفاض أعداد الوافدين إلى مالطا
وفقا للإحصاءات التي قدمها وزير الداخلية المالطي، بايرون كاميليري، تم تسجيل وصول 380 مهاجرا إلى مالطا في العام الماضي، وهو انخفاض كبير مقارنةً بالأعوام السابقة.
وحتى الآن، في عام 2024، وصل أقل من نصف هذا العدد (155 مهاجرا). هذا التراجع يُعزى إلى الاتفاق بين مالطا وليبيا، حيث ساعد في تقليص عدد القوارب التي تغادر السواحل الليبية، وبالتالي تقليل أعداد الوافدين إلى مالطا.
الانتقادات الموجهة للاتفاق
على الرغم من الانخفاض الملحوظ في أعداد الوافدين، فقد تعرض الاتفاق لانتقادات شديدة من قبل منظمات حقوق الإنسان.
المنظمات تقول إن المهاجرين الذين يتم اعتراضهم وإعادتهم إلى ليبيا يواجهون ظروفا غير إنسانية، حيث تُعتبر ليبيا “مكانا غير آمن” بالنسبة لهم.
المهاجرون الذين يُعادون إلى ليبيا غالبا ما يتعرضون للاحتجاز في مراكز غير قانونية، حيث يعانون من سوء المعاملة والاعتداءات.
وتُتهم السلطات المالطية بالانتهاك الواضح لحقوق هؤلاء المهاجرين من خلال إعادة أولئك الذين يعبرون البحر في قوارب محطمة إلى بيئة غير آمنة.
تشابه مع اتفاقات أخرى
يُعتبر الاتفاق المالطي مع ليبيا مشابها للاتفاقات الأخرى التي أبرمتها دول الاتحاد الأوروبي مع ليبيا. على سبيل المثال، وقع الاتحاد الأوروبي مع إيطاليا اتفاقا في عام 2017 ينص على إعادة المهاجرين إلى ليبيا.
ورغم أن هذه الاتفاقات تهدف إلى الحد من تدفق الهجرة غير النظامية، فإنها تعرضت لانتقادات كبيرة بسبب الظروف المزرية في مراكز الاحتجاز في ليبيا.
وقد ربطت منظمات حقوق الإنسان هذه الاتفاقات بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، مطالبة الدول الأوروبية بوقف هذه السياسات.
الوضع في ليبيا
في ظل تزايد القيود على الهجرة نحو مالطا وإيطاليا، عبر مسؤولون يونانيون عن قلقهم من تحول مسارات الهجرة إلى مناطق أخرى مثل “طبرق – كريت”.
في نفس الوقت، تعاني ليبيا من تكدس كبير للمهاجرين غير النظاميين.
ووفقا لوزير الداخلية الليبي، عماد الطرابلسي، دخل إلى ليبيا أكثر من 2.5 مليون مهاجر بشكل غير قانوني، ومن المتوقع أن يتجاوز هذا العدد الثلاثة ملايين.
هذا الضغط الكبير على الأراضي الليبية يزيد من صعوبة الوضع بالنسبة للمهاجرين الذين يواجهون ظروفا صعبة، بينما تظل فرص الترحيل إلى بلدان أخرى محدودة للغاية.
وبينما ساعد الاتفاق بين مالطا وليبيا في تقليص أعداد المهاجرين الوافدين إلى مالطا، فإنه يثير في الوقت ذاته تساؤلات حول حقوق الإنسان وظروف المهاجرين في ليبيا.
وتواجه هذه الاتفاقات انتقادات متزايدة بسبب الظروف غير الآمنة التي يُعاد إليها المهاجرون، ما يعكس تحديات كبيرة في التعامل مع ظاهرة الهجرة غير النظامية في البحر المتوسط.
يبقى هذا الاتفاق محط جدل حقوقي، في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط على الدول الأوروبية المطلقة على البحر المتوسط لاسيما إيطاليا واليونان للتعامل مع هذه الظاهرة بشكل يضمن احترام حقوق المهاجرين ويخفف من معاناتهم.