أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
منذ أكثر من 13 عاما، عاش السوريون تجربة قاسية من الشتات والتهجير القسري، حيث اضطروا لمغادرة وطنهم هربا من الحرب التي شنها النظام المخلوع ضدهم بعد مطالبتهم بالحرية.
ومع كل يوم يمر، كانت آمالهم في العودة إلى سوريا تتجدد، على أمل أن يجدوا فيها الأمان والاستقرار. ولكن مع سقوط النظام في 8 ديسمبر 2024، بدا أن الصورة التي رسموها للعودة قد تلاشت أمام واقع جديد مفعم بالتحديات.
ففي وقت بدت فيه العيون تتطلع إلى المستقبل، جاءتها قرارات مفاجئة من الدول الأوروبية بشأن تجميد طلبات اللجوء ووقف تمديد الإقامات، مما زاد من القلق حول مستقبلهم المجهول.
وفي ظل الأوضاع السياسية والاقتصادية المعقدة التي تزداد سوءا. وبينما يسعى العديد من السوريين للعودة إلى وطنهم، تواجههم العديد من التحديات النفسية والاقتصادية التي قد تحول دون ذلك.
قرارات مفاجئة تزيد من القلق
في الثامن من ديسمبر الجاري، وبعد سقوط النظام، كان السوريون يتطلعون إلى مستقبل أفضل، إلا أن تفاجؤهم بقرارات صادمة جعل الأمل يتلاشى.
وقد أعلنت العديد من الدول الأوروبية عن تجميد طلبات اللجوء السوري لمدة ستة أشهر، بالإضافة إلى اقتراحات بوقف تمديد الإقامات المؤقتة وتعليق لمّ شمل العائلات.
هذه القرارات أثارت حالة من القلق العميق بين اللاجئين، الذين أصبحوا في مواجهة مستقبل غامض ومجهول.
تحديات العودة إلى الوطن
على الرغم من أن العودة إلى الوطن كانت حلما طالما رافق السوريين طوال سنوات الشتات، إلا أن الواقع يفرض تحديات كبيرة. يبقى السؤال الأهم: هل ستكون الظروف مهيأة لعودة آمنة؟ فالوطن الذي لطالما حلموا بالعودة إليه لا يزال يعاني من آثار الحرب والدمار، وهو ما يعكس صورة قاتمة لمستقبلهم في حال قرروا العودة.
الانتقال إلى مرحلة جديدة
مع سقوط النظام، شهد السوريون تغيرات سياسية في بلادهم، لكنهم لا يزالون يتساءلون عن قدرة السلطات الجديدة على تجاوز سنوات من الفساد والاستبداد. كيف ستكون المرحلة الانتقالية؟ وهل ستنجح السلطة الجديدة في بناء دولة عادلة؟ هذه الأسئلة تمثل مصدر قلق مستمر للاجئين الذين يرصدون التغيرات عن كثب، في محاولة لفهم ما إذا كان بالإمكان العودة إلى سوريا بأمان.
كذلك، تظل الأزمة الاقتصادية في سوريا عائقا كبيرا أمام أي أمل بالعودة. التضخم المتسارع، والدمار الهائل للبنية التحتية تجعل من إعادة بناء حياة جديدة في سوريا تحديا شبه مستحيل في الوقت الراهن؟
البداية من الصفر
العديد من اللاجئين يواجهون صعوبة في إعادة بناء حياتهم بعد سنوات من اللجوء. فالكثير منهم اضطر لبيع ممتلكاته لتغطية تكاليف الهروب من سوريا، والآن لا يملكون شيئا للعودة إليه.
تروي مريم، لاجئة سورية في هولندا، قصتها مع الحزن قائلة: “عائلتي باعت منزلنا وكل شيء نملكه للهروب، ولا نملك الآن أي شيء في سوريا. حتى لو أردنا العودة، ليس لدينا ما يضمن لنا الاستقرار”.
الضغوط النفسية والاجتماعية
إلى جانب التحديات الاقتصادية، يعاني السوريون من ضغوط نفسية كبيرة بسبب تجاربهم السابقة.
الخوف من العودة ليس فقط بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، بل بسبب القلق من فقدان الأحبة أو العودة إلى مجتمع تغير بشكل جذري.
كما يشعر العديد من اللاجئين بأنهم سيظلون غرباء أينما ذهبوا، سواء في بلاد اللجوء أو في وطنهم الأم.
بنية تحتية مدمرة
من أكبر التحديات التي يواجهها اللاجئون في حال قرروا العودة إلى سوريا هو الدمار الذي أصاب البنية التحتية. في ظل انهيار الاقتصاد وضعف الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم، تبدو العودة إلى سوريا كخيار غير ممكن.
العديد من العائلات لا تجد منازلها بعد القصف، بل إن بعضها لا يزال يواجه صعوبة في تحديد مكان للعيش فيه بعد العودة.
القرارات الأوروبية
يقول سامر، لاجئ سوري في ألمانيا، أن القرارات الأوروبية المفاجئة قد وضعت اللاجئين أمام خيار صعب، فإما العودة إلى وطن غير مهيأ للاستقرار أو البقاء في أوروبا حيث الغموض القانوني والرفض الاجتماعي يلوح في الأفق. وفي كلا الخيارين، لا يبدو أن معاناة اللاجئين قد انتهت بعد.
من جانبه يروي أحمد، وهو لاجئ في ألمانيا كذلك، تجربته في رحلة اللجوء قائلا: “كنت مضطرا للمغادرة، لكن العودة إلى سوريا اليوم تبدو غير ممكنة، فلا يوجد فيها شيء يمكن بناء حياة جديدة عليه”.
في خضم التغيرات السياسية والاقتصادية التي تشهدها سوريا، يظل اللاجئون السوريون في مواجهة واقع مرير، حيث يصطدمون بتحديات نفسية واقتصادية تعوقهم عن العودة إلى وطنهم.
وبينما يترقبون ما ستؤول إليه الأوضاع، لا يزال المستقبل يحمل العديد من التساؤلات الغامضة.