
أخبار العرب في أوروبا-السويد
في منتصف الليل، وصلت راما، الفتاة السورية البالغة من العمر 20 عامًا، إلى محطة قطار مدينة مالمو في جنو السويد، قادمة من رحلة تهريب شاقة عبر أوروبا.
كانت تحمل في قلبها آمالا كبيرة في الحصول على حياة جديدة بعيدة عن ويلات الحرب في سوريا آنذاك. لم تكن وحدها، بل كانت ترافقها مجموعة من اللاجئين من سوريا والعراق، وكانوا جميعهم في رحلة صعبة مليئة بالمخاطر.
بدأت راما حياتها في السويد مثل معظم اللاجئين، حيث تم إرسالها إلى مركز اللجوء في مالمو لتقديم طلبها للحصول على حق الإقامة.
وكانت راما قد هربت من قمع عائلي في سوريا، حيث فقدت والدها وتعرضت لاضطهاد من زوج والدتها وأبنائه. قررت الهجرة إلى السويد بعد أن عاشت في مجتمع ذكوري في سوريا، حيث لم تكن هناك قوانين تحمي الفتيات من العنف، وكانت فرص العمل محدودة للغاية.
بمجرد وصولها إلى السويد، بدأت راما في تعلم اللغة السويدية من خلال الدورات التي تقدمها المنظمات الإنسانية، كما بدأت في البحث عن فرصة للعمل أو الدراسة.
لكنها اكتشفت بسرعة أن الحياة كلاجئة في السويد لم تكن سهلة كما توقعت.
ورغم الدعم من المنظمات السويدية، كانت عملية الحصول على الإقامة أشبه بالمستحيل، مما جعلها تعتمد على نفسها في معظم الأوقات.
تقول راما: “كنت أعيش بين عالمين مختلفين. كنت أشعر وكأنني أتعامل مع الكثير من الأشخاص الذين حاولوا استغلالي كفتاة صغيرة، بينما لم أتمكن من الحصول على مساعدة حقيقية. كانت المنظمات السويدية تقدم خدمات، ولكن الحصول على الإقامة كان أمرا صعبا جدا”.

بعد خمس سنوات من الانتظار، تلقت راما مؤخرا ثلاثة قرارات رفض من مصلحة الهجرة السويدية، مع قرار بترحيلها إلى سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد نهاية العام الماضي 2024
في البداية، أخبرتها السلطات السويدية أن الوضع في سوريا أصبح آمنا بما فيه الكفاية للعودة، وأنه لا يوجد ما يبرر بقائها في السويد. بالنسبة لراما، كان هذا القرار بمثابة حكم بالإعدام على مستقبله وطموحاتها.
تقول راما، وهي تحاول كبح دموعها: “السويديون يعتقدون أن سوريا أصبحت آمنة، لكنهم لا يعرفون ماذا يعني أن تكون فتاة في سوريا، وأن تعود إلى مجتمع يعيدك إلى حياة القمع والقيود”، على حد قوله.
وتضيف أن مخاوفها لا تقتصر فقط على تداعيات الحرب، بل تمتد أيضا إلى “المجتمع الذكوري القمعي الذي قد يعيدها إلى حياة مليئة بالقيود والتزويج القسري”، كما تقول.
ورغم إصرار مصلحة الهجرة السويدية على أن القوانين واضحة وأنه لا يمكن منح اللجوء إلا لمن يواجه تهديدا مباشرا، قررت راما الهروب من أجل تجنب الترحيل.
على الرغم من صعوبة تنفيذ ترحيل اللاجئين السوريين من السويد، فإنها لجأت إلى الاختباء، مستعينة بعدد قليل من الصديقات اللاتي يساعدنها.
وقالت إنها تحاول البحث عن فرص عمل غير قانونية لتتمكن من تأمين احتياجاتها، وفي الوقت نفسه تفكر في البدائل التي يمكن أن توفر لها فرصة جديدة.