البرلمان الألماني يصادق على قانون يعلق لمّ شمل أسر اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية

أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
أقرّ البرلمان الألماني (البوندستاغ) أمس الجمعة قانونا جديدا يقضي بتعليق لمّ شمل أسر اللاجئين الحاصلين على الحماية الثانوية لمدة عامين، في خطوة أثارت جدلا واسعا داخل الأوساط السياسية والحقوقية في البلاد، خاصة مع تأثير القرار المحتمل على مئات آلاف اللاجئين، معظمهم من السوريين.
القانون الذي قدّمه وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت، حظي بتأييد 444 نائبا في البرلمان، مقابل رفض 135 نائبا، وسط نقاشات حادة شهدتها الجلسة العامة في برلين يوم 24 يونيو الجاري، والتي حضرها المستشار الألماني فريدريك ميرز، إلى جانب وزير المالية لارس كلينغبيل.
القرار يُقيّد مؤقتا حق اللاجئين المصنّفين ضمن فئة “الحماية الثانوية” في استقدام أفراد أسرهم المباشرين، مثل الزوج أو الزوجة، والأبناء القُصّر، بالإضافة إلى آباء الأطفال القاصرين.
ووفقا للنص المعتمد، يدخل القانون حيّز التنفيذ فورا ويستمر لمدة عامين، على أن يُعاد النظر فيه لاحقا.
وشمل التأييد البرلماني للقانون نواب أحزاب الائتلاف الحاكم: الحزب الديمقراطي المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلى جانب حزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، فيما عارضه نواب حزب الخضر وحزب اليسار الذين وصفوا القرار بأنه غير إنساني ويتعارض مع حقوق اللاجئين الأساسية.
ويُعدّ الحاصلون على “الحماية الثانوية” من الفئات التي لا تندرج تحت اتفاقية جنيف للاجئين، ولا يتم الاعتراف بهم كطالبي لجوء رسميين، ولكن لا يمكن إعادتهم إلى بلدانهم الأصلية نظرا لخطر تعرضهم للتعذيب أو الإعدام أو غيرها من المعاملات اللاإنسانية.
وتشير التقديرات إلى أن عدد السوريين الحاصلين على هذه الحماية في ألمانيا يبلغ نحو 380 ألف شخص.
وكان يُسمح سابقا بلمّ شمل أفراد هذه الفئة من اللاجئين بحد أقصى يصل إلى 12 ألف شخص سنويا، مع إعطاء الأولوية للحالات الإنسانية والطارئة.
لكن القانون الجديد يُجمّد هذه الإمكانية، ويضع شروطا صارمة على الاستثناءات، التي تظل محدودة للغاية.
وزير الداخلية ألكسندر دوبريندت دافع عن القانون معتبرا أنه أداة ضرورية لضبط وتنظيم تدفق الهجرة، وقال إن هذا الإجراء “يمثّل مهمة رئيسية في الدورة البرلمانية الحالية”.
وقد قوبلت كلمته بعدة مقاطعات من نواب المعارضة، الذين انتقدوا بشدة المبررات التي ساقتها الحكومة.
واعتبر حزب “البديل” الشعبوي أن القانون لا يذهب بعيدا بما يكفي، لكنه “خطوة صغيرة في الاتجاه الصحيح”، فيما قال بعض نواب الحزب الاشتراكي الديمقراطي إنهم وافقوا على مضض احتراما لانضباط التحالف الحاكم.
من جهتها، دعت مفوضة الاندماج ناتالي باوليك إلى تجاوز ما سمّته “الخطاب السلبي المحيط بالهجرة”، مؤكدة أن الهجرة يمكن أن تمثل فرصة إيجابية للمجتمع الألماني في حال أُديرت بشكل عادل.
لكن المعارضة، وخاصة نواب حزبي الخضر واليسار، وصفوا القرار بأنه “قاس وغير إنساني”، محذرين من تداعياته الاجتماعية والنفسية على اللاجئين.
النائبة اليسارية كلارا بونغر اتهمت الحكومة باتباع “سياسة ردع غير إنسانية”، بينما شدد النائب عن حزب الخضر مارسيل إيميريش على أن غياب العائلة يقوّض قدرة اللاجئ على الاندماج، ويحرم الأطفال من بيئة مستقرة وداعمة.
في ظل هذه المعطيات، يبقى القرار موضع جدل واسع في الأوساط السياسية والمجتمعية الألمانية، وسط ترقب لموقف المحاكم الإدارية والاتحاد الأوروبي، واحتمال تصاعد حملات الطعن القانونية من قبل منظمات حقوق الإنسان.