
أخبار العرب في أوروبا-متابعات
تشهد أوروبا صيف 2025 موجات حرّ غير معتادة، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية في العديد من المدن، مثل إشبيلية التي وصلت إلى 42 درجة مئوية، وأثينا وروما ومدريد التي سجلت أيضا درجات حرارة مرتفعة بشكل استثنائي.
ويؤكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن هذه الظواهر أصبحت “الوضع الطبيعي الجديد”، حيث تؤثر الحرارة الشديدة على سلامة السكان والسياح على حد سواء.
وتسبب ارتفاع درجات الحرارة في معاناة عدد من الفئات، من كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة إلى العمال الذين يعملون في الهواء الطلق، إضافة إلى السياح، حيث توفي أحدهم مؤخرا في مايوركا بإسبانيا نتيجة ضربة شمس.
انتعاش سياحي غير متوقع وسط تحديات متزايدة
على الرغم من موجات الحر، يشهد القطاع السياحي في بعض المدن الأوروبية انتعاشا ملحوظا، مدعوما بشكل خاص بزيادة عدد الزوار من الولايات المتحدة، التي شهدت ارتفاع حجوزات السفر إلى أوروبا بنسبة 6% خلال أول خمسة أشهر من العام، مع زيادة ملحوظة في شهري يونيو ويوليو.
لكن هذه الطفرة السياحية لا تخلو من تحديات، حيث تواجه المدن المعروفة كوجهات سياحية ضغطا متزايدا على البنية التحتية والخدمات، مما أثار احتجاجات في أماكن مثل برشلونة وأمستردام وجزيرة سانتوريني، حيث يعاني السكان المحليون من أزمة إسكان وارتفاع تكاليف المعيشة.
تحولات في أنماط السفر وتفضيلات السياح
يلاحظ خبراء السياحة تحولات واضحة في تفضيلات السفر، حيث يلجأ المزيد من المسافرين إلى الوجهات الأقل حرارة والأكثر اعتدالا، مثل شمال أوروبا والوجهات الجبلية، استجابةً للظروف المناخية الصعبة في المناطق الجنوبية.
ويشير محمد الخفاجي، خبير العلاقات الاقتصادية الدولية، إلى أن الحجوزات اللحظية باتت تتجه بشكل متزايد نحو الأماكن الباردة، مع ارتفاع أسعار الإقامة في هذه الوجهات، في ظل تزايد المخاوف المناخية التي أصبحت عاملا أساسياً في تخطيط السفر.
الاقتصاد والسياحة.. بين الفرص والمخاطر
يشكل قطاع السياحة حوالي 10% من الناتج المحلي الأوروبي ويدعم أكثر من 12 مليون وظيفة، مما يجعله ركيزة اقتصادية حيوية.
لكن التوسع السريع في أعداد السياح يضع ضغوطا على الموارد المحلية وجودة الحياة، ويطرح تساؤلات جدية حول استدامة هذا النمو.
من جهة أخرى، تشير التقارير إلى أن استمرار تدفق السياح الأميركيين إلى أوروبا مرتبط بعدة عوامل، منها استقرار الأوضاع الجيوسياسية وأسعار صرف العملات.
جدير بالذكر أن صيف 2025 في أوروبا يمثل منعطفا حاسما للقطاع السياحي، حيث يجتمع ارتفاع درجات الحرارة مع موجة غير مسبوقة من الزوار، ما يفرض على الدول الأوروبية إعادة تقييم سياساتها السياحية وتطوير استراتيجيات توازن بين التنمية الاقتصادية والاستدامة البيئية والاجتماعية.