اقتصاد وأعمالتقارير
أخر الأخبار

فايننشال تايمز: بريطانيا غارقة في أزمة اقتصادية عميقة ومعدل نمو الفرد يتهاوى

أخبار العرب في أوروبا-بريطانيا

كتب الصحافي البريطاني مارتن وولف في تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز أمس الثلاثاء، أن المملكة المتحدة من ثلاث أزمات متشابكة” سياسات فاشلة، دولة عاجزة، واقتصاد يترنح”.

وقال الكاتب إنه رغم أهمية كل من هذه الصعوبات، فإن جذورها تمتد في الأساس إلى الاقتصاد، الذي لم يعد قادرا على رفع مستويات المعيشة أو تحسين جودة الخدمات العامة ضمن أطر ضريبية مقبولة سياسيا.

وأضاف: “رغم أن الوضع في بريطانيا لا يُعد كارثيا مقارنة بالدول الأخرى، فإن النظام السياسي لا يزال ديمقراطيا نسبيا، والدولة تحتفظ بقدر لا بأس به من الكفاءة. لكن المشكلة الجوهرية تكمن في العجز عن تلبية تطلعات المواطنين الاقتصادية والاجتماعية، في ظل طبقة سياسية تتجنب مواجهة الحقائق الصعبة، كما ظهر مع رئيس الوزراء كير ستارمر، الذي لم يقدم حلولا جذرية لإصلاحات الرعاية الاجتماعية أو السياسات الضريبية والإنفاق”.

ترقام تكشف عمق التراجع

وسلط الكاتب في تقريره الضوء على بيانات المعهد الوطني للبحوث الاقتصادية والاجتماعية والتي تشير إلى أن الدخل الحقيقي المتاح للأفراد ارتفع بنسبة 14% فقط بين 2007 و2024، مقابل ارتفاع نسبته 48% بين 1990 و2007.

أما الناتج المحلي الإجمالي للفرد، فقد انخفض معدل نموه السنوي من 2.5% في الفترة 1990–2007 إلى 0.7% فقط بين 2008–2025، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، وهو الانخفاض الأكبر بين دول مجموعة السبع، باستثناء إيطاليا.

وبحسب التوقعات، فإن الناتج المحلي للفرد في بريطانيا عام 2025 سيكون أقل بـ33% مما كان يمكن أن يكون عليه لو استمر النمو بنفس وتيرة ما قبل 2008.

الإنتاجية: الخلل الجوهري

بحسب الكاتب وولف فإن الأزمة الأعمق تكمن في تراجع نمو الإنتاجية. فوفقا لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، لم يرتفع الناتج الحقيقي لكل ساعة عمل في المملكة المتحدة سوى بنسبة 6% فقط منذ 2007، وهي نسبة مماثلة لفرنسا، لكنها تبقى أقل بكثير من الولايات المتحدة (22%)، ومن متوسط منطقة اليورو (10%).

وعندما تتجمد الإنتاجية، تصبح المعادلة الاقتصادية محصلتها صفر: أي مكسب لفئة ما يعني خسارة لفئة أخرى، خصوصا في ظل تحولات ديموغرافية تزيد أعباء التحويلات الاجتماعية على دافعي الضرائب.

أسئلة بلا إجابات

الأزمة تطرح تساؤلات ملحة يقول الكاتب: كيف يمكن احتواء تذمر الناس في ظل جمود الدخول؟ كيف تدار المالية العامة عند الأزمات؟ والأهم: كيف نعيد تحريك عجلة النمو؟ وهي أسئلة بلا إجابات سهلة، بل وتتعمق صعوبتها مع غياب رؤية واضحة من الحكومات المتعاقبة.

ومضى يقول: “صحيح أن دولا عديدة شهدت تباطؤا في النمو بعد 2008، لكن الحالة البريطانية تبقى الأكثر درامية. ويرجع ذلك جزئيا إلى الفشل في التنبؤ بمستقبل التقدم التكنولوجي، ومدى تأثير أدوات جديدة كالذكاء الاصطناعي على الإنتاجية.

تاتشر لم تكن الحل

يضيف الكاتب البريطاني في تقريره بالقول: “لا بد من الاعتراف بأن التجربة الاقتصادية التي بدأت مع مارغريت تاتشر قد فشلت. فنتائجها لم تكن مستدامة، بل اعتمدت إلى حد كبير على فقاعة ائتمانية عالمية، وليس على تحسينات هيكلية حقيقية.

أما الردود السياسية منذ عام 2010، فقد تراوحت بين الدجل والجبن: الدجالون وعدوا بحلول وهمية مثل “بريكست” وتخفيضات ضريبية ضخمة بلا تمويل، فيما اختار الجبناء التهرب من مواجهة الحقائق وتفادي الخيارات الصعبة.

كير ستارمر، من وجهة نظر الكاتب”لا ينتمي لفئة الدجالين، لكنه حتى الآن لم يظهر الشجاعة الكافية لتحمل مسؤولية التغيير الحقيقي. وفي ظل هذه التحديات، فإن التهرب لم يعد خيارا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى