
أخبار العرب في أوروبا-بولندا
وسط تصاعد التوترات بشأن ملف الهجرة، انتشرت خلال الأيام الماضية مجموعات شبه مسلحة تُعرف باسم “مجموعات الدفاع المدني” على طول الحدود البولندية الألمانية، بهدف اعتراض المهاجرين الذين أُعيدوا من ألمانيا إلى بولندا.
وتُتهم هذه المجموعات بالانتماء لليمين المتطرف، وبالقيام بأعمال تهدد النظام العام، ما أثار جدلا سياسيا واسعا في البلاد.
وتنشط هذه المجموعات، التي تتكون من مواطنين أعلنوا بأنفسهم “حماة للحدود”، في المناطق الريفية والغابات القريبة من الحدود، حيث ينصبون خياما ويطاردون المهاجرين الذين يحاولون عبور الحدود، ويقومون بتوثيق ملاحقتهم لهم بالفيديوهات التي تُنشر لاحقا على وسائل التواصل الاجتماعي.
بعض عناصر هذه المجموعات يرتدون سترات صفراء أو يحملون شارات كُتب عليها “الدفاع عن الحدود”، ما يُضفي طابعا تنظيميا يقترب من التشكيلات شبه العسكرية.

وتزامن ظهور هذه المجموعات مع فرض الحكومة البولندية رقابة مشددة على حدودها مع ألمانيا وليتوانيا. ففي نهاية حزيران/يونيو الماضي، أقامت بولندا 52 نقطة تفتيش على الحدود الألمانية، و13 أخرى مع ليتوانيا، تستمر لمدة لا تقل عن 30 يوما، وذلك ردا على قيام ألمانيا بترحيل مهاجرين دخلوا أراضيها بطريقة غير نظامية.
وبحسب السلطات، تصاعدت حدة المواجهات في بعض المناطق، ما استدعى تدخل الشرطة البولندية باستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريق اشتباكات بين هذه المجموعات المتطرفة والمهاجرين.
وقد نُقل عن بعض المتشددين اليمينيين مزاعم تفيد بأن ألمانيا تقوم بنقل المهاجرين بالحافلات إلى الأراضي البولندية، وهو ما زاد من تأجيج الأوضاع.
انقسام في المواقف الرسمية
أثار وجود هذه المجموعات ردود فعل متباينة داخل المؤسسات السياسية البولندية. فقد وصف رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، هذه التشكيلات بأنها “غير قانونية ومزعزعة للنظام العام”، وأمر بوقف أنشطتها فورا.
أما وزير الداخلية توماس سيمونياك، فقد أكد أن حماية الحدود “من اختصاص حرس الحدود فقط”، محذرا من أن أي محاولة لعرقلة عملهم ستُواجَه بالملاحقة القانونية.
في المقابل، أبدى رئيس البلاد الجديد، المعروف بتوجهاته القومية المحافظة، دعما علنيا لهذه المجموعات، واعتبرها “مبادرة وطنية لحماية السيادة البولندية”، ما يُبرز الانقسام العميق داخل الدولة حيال مسألة الهجرة والتعامل مع اللاجئين.
تحذيرات من عسكرة المجتمع
وعلى المستوى المجتمعي، حذر محللون سياسيون من أن السماح بنشاط هذه المجموعات تحت أنظار الدولة يمثّل “تعبئة سياسية شبه عسكرية”، محذرين من تفكك السلم الاجتماعي وتحوّل المناطق الحدودية إلى ساحات مطاردة وانتهاكات لحقوق الإنسان.
وفي ظل تصاعد المشاعر المناهضة للمهاجرين في بعض الأوساط البولندية، يتزايد القلق من تفاقم الوضع، خاصة مع توقعات بارتفاع أعداد الوافدين في الأشهر المقبلة.