اقتصاد وأعمال

نقص حاد في الأيدي الماهرة يهدد قطاعات التعليم والرعاية الصحية في ألمانيا

أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا

يعاني سوق العمل في ألمانيا من نقص حاد في الكفاءات، خصوصا في مجالات التعليم والرعاية الصحية والتمريض والمبيعات، مع توقعات بزيادة هذا النقص بشكل كبير خلال السنوات القادمة.

وأفاد معهد الاقتصاد الألماني في دراسة حديثة أن الاقتصاد الألماني سيواجه عجزا ملحوظا في عدد الكفاءات العلمية المؤهلة بحلول عام 2028، ما سيؤثر سلبا على حياة المواطنين والاقتصاد بشكل عام.

وأشارت الدراسة التي نُشرت نتائجها مؤخرا إلى توقع بقاء حوالي 768 ألف وظيفة شاغرة لعمالة مؤهلة بحلول ذلك العام، مقارنة بتقديرات سابقة عام 2023 كانت تشير إلى نقص يقارب 487 ألف وظيفة.

وقال المشرف على الدراسة، يوريك تيدمان، إن السبب الرئيسي للنقص هو التغير الديموغرافي، حيث يخرج جيل “طفرة المواليد” من سوق العمل، ويتراجع عدد الشباب الجدد الذين يدخلون السوق، مما يصعب على الشركات ملء الوظائف الشاغرة بمرشحين مؤهلين.

وأضاف أن نقص العمالة الماهرة قد يشكل عائقا أمام نمو الشركات والاقتصاد، إذ يصعب تنفيذ المشاريع بسبب نقص الكفاءات المناسبة.

أكثر القطاعات تأثرا بهذا النقص تشمل مهن المبيعات والرعاية الصحية والاجتماعية، مثل رعاية الأطفال والتربية، إضافة إلى قطاع تكنولوجيا المعلومات.

وتوقع معهد الاقتصاد بقاء أكثر من 30 ألف وظيفة شاغرة في مجال رعاية وتربية الأطفال بحلول عام 2028، مما قد يؤدي إلى تقليل عدد أماكن رعاية الأطفال وتعديل ساعات العمل.

من جانبه، أكد رامي الشوعاني، مؤسس شريك في مراكز بيست كير للرعاية الصحية بمدينة شتوتغارت، أن نقص الكفاءات المؤهلة ينعكس سلبا على جودة الخدمات، خاصة لكبار السن وذوي الأمراض المزمنة، مع زيادة فترات الانتظار وتأخر العلاج.

وأضاف أن العبء الأكبر يقع على الأهالي، خصوصا النساء، اللواتي يتحملن مسؤولية الرعاية المنزلية، مما يؤثر على حياتهن العملية واليومية، ويؤدي بدوره إلى زيادة تكاليف الرعاية الصحية وتأثير سلبي على الإنتاج الاقتصادي.

ويظهر النقص في الكفاءات في مواقف يومية مثل اضطرار الأهالي لتولي رعاية أطفالهم بشكل مفاجئ بسبب نقص الموظفين في دور الحضانة، إضافة إلى صعوبة الحصول على مواعيد سريعة في المهن التي تتطلب مهارات خاصة.

وأثر النقص حتى في قطاعات مثل هندسة السيارات، حيث تؤدي قلة العمالة الماهرة إلى فترات انتظار أطول للصيانة والإصلاح.

وقالت نقابة العمال الألمانية “فيردي” إن التغير الديموغرافي ليس السبب الوحيد للنقص، بل توجد فجوة تعليمية بين المهارات المكتسبة ومتطلبات سوق العمل، مع وجود نسبة كبيرة من المتعلمين الذين يغادرون المدارس دون مؤهلات، ونسبة أخرى من القوى العاملة لا تملك مؤهلات مهنية أو تعليمية عالية.

لذلك، اقترح يوريك تيدمان عدة حلول لسد النقص منها تدريب العمال شبه المهرة، والحفاظ على العمال الأكبر سنا في سوق العمل لفترة أطول، ودعم مقدمي الرعاية الأسرية لزيادة ساعات عملهم، وأهمية استقطاب العمالة الماهرة الدولية والاحتفاظ بها.

وأكد ضرورة تكثيف التوجيه المهني وتوفير المعلومات حول فرص التدريب مع التركيز على القطاعات التي تعاني نقصا في الأيدي العاملة، مشيرا إلى أن قانون الهجرة المعدل يوفر إطارا مناسبا لجذب العمالة الماهرة الدولية.

ومن جهته، دعا المدير المالي لمؤسسة بيست كير إلى وضع برامج عاجلة لتحسين ظروف عمل الممرضين والأطباء عبر زيادة الرواتب وتحسين أوقات العمل، وتسهيل استقدام الكوادر الطبية الأجنبية ومُعادلة شهاداتها بسرعة وأقل بيروقراطية، إلى جانب الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة.

كما شدد على ضرورة إصلاح النظام الصحي الألماني على المدى الطويل، بالتركيز على الوقاية ودمج الرعاية الصحية بالرعاية الاجتماعية خاصة لكبار السن، وتطوير التعليم الطبي ليصبح أكثر سهولة وسرعة عبر استخدام الطرق التكنولوجية الحديثة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى