انتحار مهاجر في غابة ” لون-بلاج” يسلط الضوء على مأساة المهاجرين شمال فرنسا

أخبار العرب في أوروبا-فرنسا
شهدت منطقة “غابة” لون-بلاج شمال فرنسا، أمس الأول الأحد( 17 آب/أغسطس 2025)، حادثة مأساوية تمثلت في انتحار مهاجر مجهول الهوية شنقا.
عُثر على جثة الرجل حوالي الساعة الواحدة ظهرا في مكان معزول، وسارعت الشرطة وخدمات الطوارئ إلى الموقع، لكنها لم تتمكن سوى من تأكيد وفاته فورا، بحسب ما أوردت صحيفة “لا فوا دي نور” المحلية الفرنسية.
وذكرت الصحيفة أن التحقيقات الأولية تشير إلى أن الحادثة كانت عملية انتحار، فيما لا تزال دوافع الشاب المجهول غير معروفة حتى الآن.
ظروف قاسية في “الغابة”
منظمة دعم المهاجرين “يوتوبيا 56” الفرنسية استذكرت على الفور الظروف القاسية التي يعيشها المهاجرون في “غابة” لون-بلاج، معتبرة أن هذه المأساة تعكس النتائج المميتة لسياسات الحدود.
وكتبت المنظمة على منصة “إكس”: “عالقون على الحدود يحاولون العيش بانتظار فرصة عبور إلى بريطانيا. سياسات الحدود قاتلة. إنها تنتهك وترهق المهاجرين حتى النهاية”.
ويعيش مئات المهاجرين في مخيمات عشوائية ممتدة على الشريط الساحلي الفرنسي المقابل لبريطانيا، بانتظار فرصة للعبور عبر القوارب الصغيرة التي يديرها مهربون يستغلون هشاشة أوضاعهم.
وغالبا ما يكون الدافع وراء هذه المحاولات وجود أقارب للمهاجرين في المملكة المتحدة، أو بسبب رفض طلبات لجوئهم في دول أوروبية أخرى.
توترات وعنف متزايد
الجمعيات الإنسانية لا تتوقف عن التنديد بظروف المعيشة غير الإنسانية التي تفرض نفسها على المهاجرين في هذه المناطق، مشيرة إلى أن هذه الظروف تدفع نحو تصاعد التوترات وحتى اندلاع أعمال عنف.
السلطات الفرنسية بدورها تلقي بالمسؤولية على شبكات تهريب البشر التي تستغل المهاجرين وتعرض حياتهم للخطر.
وشهد يوم 9 تموز/يوليو الماضي حادثة إطلاق نار خلال تجمع للمهاجرين في لون-بلاج، أسفرت عن إصابة رجل في ركبته، قبل أن يتدخل متطوعون من جمعية “روتس” البريطانية لتقديم الإسعافات الأولية.
وفي منتصف حزيران/يونيو، لقي مهاجران إيرانيان حتفهما متأثرين بجراحهما بعد تعرضهما لإطلاق نار، فيما أصيب عدة مهاجرين سودانيين بينهم رضيع.
ووفق شهادات جمعيات إنسانية عاملة على الأرض، فإن بيئة الفقر المدقع والعيش في أوضاع غير صحية تضغط على المهاجرين وتدفع أحيانا ألى نشوب صراعات بينهم.
وتوضح إحدى الجمعيات أن “هذا لا يبرّر العنف، لكنه يفسّر جزئيا ما يحدث، خاصة في ظل وجود تنوع عرقي وعدد كبير من الأشخاص اليائسين في مكان واحد”.
مآسٍ تتكرر
حادثة الانتحار الأخيرة ليست الأولى من نوعها. ففي العام الماضي، أقدم مهاجر غيني يبلغ من العمر 22 عاما على إنهاء حياته شنقا في مركز احتجاز “بونتي غاليريا” قرب العاصمة الإيطالية روما.
وترك رسالة على الحائط كتب فيها بالفرنسية: “إذا مت، أود أن يتم نقل جثتي إلى أفريقيا، هذا سيسعد والدتي”.
كما توفيت امرأة صومالية ثلاثينية في 12 آب/أغسطس الجاري أثناء محاولتها عبور بحر المانش، وهو طريق محفوف بالمخاطر بسبب ازدحامه بالسفن التجارية وبرودة مياهه، لترتفع حصيلة الوفيات على هذا الطريق إلى 19 شخصا منذ بداية العام، وفق إحصاءات رسمية نشرتها وكالة الأنباء الفرنسية.
أرقام متزايدة رغم الاتفاقيات
تشير بيانات وزارة الداخلية البريطانية إلى أنه بين 5 تموز/يوليو 2024 و11 آب/أغسطس 2025، وصل أكثر من 50 ألف شخص إلى بريطانيا عبر بحر المانش على متن قوارب صغيرة انطلقت من شمال فرنسا، بينهم أكثر من 27 ألفاً منذ مطلع العام الجاري وحده.
تأتي هذه الأرقام رغم دخول اتفاقية جديدة بين لندن وباريس حيز التنفيذ الأسبوع الماضي، تنص على إعادة المهاجرين الذين يصلون إلى بريطانيا عبر المانش مقابل قبول فرنسا مهاجرين آخرين لهم روابط عائلية في المملكة المتحدة.
ومع ذلك، ما زالت محاولات العبور مستمرة، وهو ما يعكس إصرار المهاجرين على البحث عن مستقبل أفضل رغم المخاطر المميتة.