
أخبار العرب في أوروبا-بريطانيا
حذر محافظ بنك إنجلترا مؤخرا من أن الاقتصاد البريطاني يواجه تحديات غير مسبوقة منذ عقود، وسط مؤشرات اقتصادية واجتماعية قاتمة تظهر ضعف النمو، تصاعد الديون، وتدهور سوق العمل.
وشهد الاقتصاد البريطاني نموا محدودا بلغ 0.3% فقط في الربع الثاني لهذا العام، بينما وصل التضخم إلى أعلى مستوى له منذ يناير/كانون الثاني 2024.
كما تجاوز الدين العام 3.9 تريليون دولار، أي أكثر من حجم الاقتصاد نفسه، فيما يعيش نحو 14.3 مليون بريطاني تحت خط الفقر، ما يعادل حوالي 20% من السكان.
الأزمة الاقتصادية انعكست على القطاع الخاص والأسواق المالية، حيث أعلنت أكثر من 100 ألف شركة إفلاس خلال السنوات الخمس الماضية، وانسحب 150 شريكا من بورصة لندن منذ مطلع 2024، مما يعكس فقدان الثقة بالأسواق المحلية.
كما سجل قطاع العقارات الفاخرة أسوأ أداء له منذ عشر سنوات، بينما تُقدر التكاليف الصحية والنفسية للعمال الشباب بحوالي 445 مليار دولار سنويا.
الأزمة تتجاوز الاقتصاد الداخلي لتطال هجرة الثروات، إذ غادر بريطانيا منذ البريكست نحو 47 ألف مليونير، بمتوسط 14 مليونير يوميا، في مؤشر صريح على تراجع الجاذبية الاستثمارية.
وبحسب الاستشاري الدولي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، باسم حشاد، فإن جذور الأزمة أعمق من الأرقام الحالية، فهي متجذرة في البنية التاريخية للاقتصاد البريطاني المرتبطة بالإرث الاستعماري، وقدرته على تحويل النفوذ السياسي إلى قوة اقتصادية.
لكنه أوضح أن البريكست وما رافقه من تراجع في الدور البريطاني العالمي هزّ هذه المعادلة، ما أدى إلى انهيار تدريجي في مؤشرات أساسية مثل البطالة، والتي بلغت نحو 4.9%، والنمو الاقتصادي شبه المتوقف، مع ارتفاع نسبة العزوف عن سوق العمل ليصل إلى نحو 21% من السكان بين 16 و64 عاما، أي حوالي 15 مليون شخص يشكلون عبئا كبيرا على الدولة دون إنتاجية مقابلة.
كذلك، فقد تراجعت مشاركة الشباب في سوق العمل والتي ترافقت مع زيادة الإجازات المرضية وارتفاع معدلات الأمراض المزمنة مثل السكري وضغط الدم والأمراض العصبية، وهو ما وصفه “حشاد” بأنه ظاهرة “مرعبة” تهدد استدامة النظام الصحي البريطاني وتزيد الأعباء المالية على الدولة دون عائد إنتاجي.
وأشار إلى أن الوضع الحالي يستدعي تدخلا حكوميا مباشرا على غرار سياسات جون مينارد كينز في أزمة 1929، لإعادة تشغيل الاقتصاد وضبط التوازن المالي، حتى وإن تعارض ذلك مع العقيدة الرأسمالية التقليدية التي سيطرت على الاقتصاد العالمي لعقود.
وأضاف أن انعكاسات الأزمة البريطانية تتجاوز حدود المملكة المتحدة، لتطال أوروبا بحكم الترابط الاقتصادي العميق، كما تمتد إلى الاقتصادات العربية المرتبطة بالاتحاد الأوروبي.