تقارير
أخر الأخبار

ألمانيا تتجاوز 3 ملايين عاطل عن العمل لأول مرة منذ 2015.. خبراء يدقون ناقوس الخطر

أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا

دخلت ألمانيا، صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، مرحلة جديدة من أزمتها الاقتصادية مع ارتفاع عدد العاطلين عن العمل إلى أكثر من 3 ملايين شخص في أغسطس/آب الجاري، وذلك للمرة الأولى منذ عشر سنوات، ما اعتبره خبراء بمثابة “إشارة تحذير تاريخية” تهدد مستقبل سوق العمل الألماني.

وأعلنت الوكالة الاتحادية للتوظيف، أمس الجمعة، أن عدد العاطلين ارتفع بمقدار 46 ألف شخص خلال أغسطس/آب، ليصل إلى 3.025 مليون عاطل، وهو ما رفع معدل البطالة بمقدار 0.1% ليبلغ 6.4%.

وأرجعت الوكالة هذا الارتفاع بشكل أساسي إلى “العوامل الموسمية” المرتبطة بفترة العطلة الصيفية.

وقالت أندريا ناليس، رئيسة الوكالة والسياسية السابقة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي خلال مؤتمر صحفي في نورمبرغ:”لقد تحقق ما توقعناه: بسبب العطلة الصيفية، تجاوز عدد العاطلين عن العمل حاجز الثلاثة ملايين. ورغم ذلك، ما زال سوق العمل يعاني من آثار الركود الاقتصادي في السنوات الماضية، مع وجود مؤشرات أولية على بعض الاستقرار”.

تراجع مستمر منذ 2015

ووفقا للإحصاءات الرسمية، فإن آخر مرة تجاوز فيها معدل البطالة 3 ملايين شخص كانت في فبراير/شباط 2015، قبل أن ينخفض تدريجيا ليصل إلى نحو 5% عام 2019.

لكن منذ ذلك الحين، عاد المعدل للارتفاع بفعل تباطؤ النمو والركود الاقتصادي.

وفي أغسطس/آب 2024، كان عدد العاطلين أقل بمقدار 153 ألف شخص مقارنة بالعام الجاري، ما يعكس سرعة التدهور خلال عام واحد فقط.

تحذيرات الخبراء

وصف الخبير الاقتصادي دانيال ستيلتر الأرقام الأخيرة بأنها “يوم حزين لألمانيا”، مشيرا في مقابلة مع قناة “فيلت” إلى أن معدلات البطالة الحالية تعكس آثار ثلاث سنوات من الركود.

وأضاف:”الشركات الألمانية لطالما حاولت الاحتفاظ بموظفيها رغم الركود، خوفا من صعوبة تعويضهم لاحقا في حال تحسن الأوضاع. لكن لجوءها الآن إلى التسريح يُظهر مدى سوء الوضع الاقتصادي”.

وشدد ستيلتر على أن ألمانيا لا تواجه مجرد أزمة عابرة، بل أزمة هيكلية تشمل ارتفاع تكاليف الطاقة، وزيادة تكاليف وحدة العمل، وتراجع القدرة التنافسية، معتبرا أن الحكومات المتعاقبة منذ عهد المستشارة أنغيلا ميركل وحتى الحكومة الحالية برئاسة فريدريش ميرتز فشلت في تعديل المسار.

وأكد ستلتز محذرا:”الحكومة الجديدة لا تقوم بأي إجراء حقيقي.. هذه إشارة كارثية، والتغيير المطلوب غائب تماما”.

انتقادات متصاعدة للحكومة

من جهتها، صعّدت جمعيات الأعمال والصناعة انتقاداتها لحكومة ميرتز. ووصف اتحاد جمعيات أصحاب العمل الألمان تجاوز عدد العاطلين حاجز الثلاثة ملايين بأنه “إدانة دامغة لغياب الإصلاحات في السنوات الأخيرة”.

وطالب رئيس الاتحاد راينر دولجر بإطلاق ما أسماه “خريف الإصلاحات”، داعيا إلى إعادة النظر في نظام الرعاية الاجتماعية الذي، بحسب تعبيره، يشجع البعض على البقاء خارج سوق العمل.

وقال:”بالنسبة للأشخاص الذين يرفضون قبول وظائف معقولة، يجب أن يكون من الممكن تخفيض استحقاقاتهم بالكامل”.

أزمة تتجاوز الأرقام

ويرى محللون أن الأزمة الحالية لا تقتصر على أرقام البطالة فحسب، بل تكشف عن تحديات بنيوية عميقة تضرب الاقتصاد الألماني، أبرزها ارتفاع تكاليف الطاقة عقب أزمة الغاز، وتباطؤ الاستثمارات الصناعية، إضافة إلى التحولات العالمية في سلاسل التوريد والمنافسة المتزايدة مع الاقتصادات الصاعدة.

ومع استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية، يواجه المستشار ميرتس وحكومته تحديا مزدوجا وهما معالجة الركود الاقتصادي المتفاقم من جهة، وإقناع الشارع الألماني والقطاع الصناعي بأن سياساتهم قادرة على إخراج البلاد من “أزمة العمل التاريخية” من جهة ثانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى