سوريون في ألمانيا يرسمون طريق العودة مع فرص العمل عن بعد والاستثمارات الجديدة

أخبار العرب في أوروبا-ألمانيا
بعد نحو عقد على وصول الموجة الكبيرة من اللاجئين السوريين إلى ألمانيا عام 2015، ومع سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، أصبح ملف عودة اللاجئين السوريين محور نقاش متصاعد في الأوساط السياسية الألمانية، لا سيما مع دعوات الحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم لتوفير حوافز تشجع العودة الطوعية، بهدف المساهمة في إعادة إعمار سوريا.
وكشفت وزارة الداخلية الألمانية مؤخراً أن 1867 سورياً غادروا ألمانيا إلى وطنهم حتى نهاية أغسطس/آب الماضي بتمويل حكومي اتحادي، فيما لم يستفد من هذا الدعم سوى 804 لاجئين حتى نهاية مايو/أيار.
وهناك مغادرات أخرى بتمويل من الولايات، إضافة إلى عودة طوعية لسوريين لم يتلقوا أي دعم مالي من الدولة الألمانية.
وتشير الأرقام إلى أن السوريين الحاصلين على الجنسية الألمانية لا يُحسبون ضمن الإحصاءات الرسمية للمكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين، إلا أن بعضهم بدأ يفكر في العودة مع ضمان الاستمرار بالعمل، خاصة مع اعتماد الشركات الأوروبية نظام العمل عن بُعد بعد جائحة كورونا بين 2020 و2022، لما يوفره من مرونة وتقليل للكلف التشغيلية مع الحفاظ على إنتاجية عالية.
قصص عودة وتجارب شخصية
زكريا، مطور برمجيات يعيش في بون، يصف تجربته قائلاً: «بعد أحد عشر عاماً من الغربة والابتعاد عن الأهل، بدأت أفكر بالعودة، الغربة تقتلنا ببطء». وهو اتخذ خطوات أولية نحو العودة إلى سوريا، متابعاً الأخبار المحلية بدقة منذ إعلان سقوط النظام.
مؤيد، الذي حصل على الجنسية الألمانية قبل شهرين، يرى أن تكاليف المعيشة في ألمانيا مرتفعة مقارنة بالفرص في سوريا، حيث يمكنه العيش مع عائلته في حمورية قرب دمشق، مستفيداً من عمله كمطور شبكات عن بُعد، مع إمكانية السفر عند الحاجة.
أما سامي، مصمم غرافيك عازب يبلغ من العمر 41 عاماً، فقد أنهى تدريباً مكثفاً وبدأ العمل في دوسلدورف، لكنه يخطط للعودة إلى حلب مع فرص عمل تعليمية ومبادرات لإعادة بناء قطاع التعليم في سوريا، خاصة بعد تدمير آلاف المدارس خلال الحرب.
العمل عن بُعد كجسر للعودة
سهام وسعاد، متخصصتان في الترجمة وتكنولوجيا المعلومات، ترى في العمل عن بُعد فرصة للعودة إلى سوريا مع الاستمرار في العمل مع شركات أوروبية. سهام ركّزت على الاستقرار العائلي بعد فقدان والديها وشقيقها، بينما سعاد تطمح لتأسيس مكتب محلي لشركة عالمية في مجال الاتصالات والتحول الرقمي.
عامر، محاسب مالي، وجد الفرصة سانحة للعودة مع إعادة فتح الاقتصاد السوري والانفتاح المالي، مؤكداً أن الخبرات المكتسبة خلال الغربة ستساعده في تأسيس أعماله وربطها بسوق الإقليم والشركات العالمية.
استثمارات وتحفيز للعودة
الخبير الاقتصادي حسن حيدر العيلي أشار إلى ارتفاع أعداد السوريين العائدين من ألمانيا بالتوازي مع دخول استثمارات جديدة إلى سوريا وتحسن قطاع الطاقة واستقرار بيئة الأعمال.
ووفق تقديراته، يعيش في ألمانيا حالياً نحو 975 ألف شخص من أصول سورية، بينما بلغ عدد العائدين من تركيا نحو نصف مليون، ومن لبنان والأردن والعراق نحو ربع مليون.
وأكد العيلي أن منح الجنسية الألمانية للسوريين شهد رقماً قياسياً في 2024، مع تسهيل قوانين الحصول على الجنسية للعمالة المؤهلة، ما يسرع منحها ويعزز اندماج السوريين في السوق الألمانية، كما لفت إلى خطوات مشابهة في مصر لمنح الجنسية للمستثمرين والعمالة المؤهلة، خاصة من حلب، بهدف الاحتفاظ بالمساهمين في الاقتصاد المحلي.
واختتم العيلي بالتأكيد أن عودة السوريين ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد والسياسة، وكلما زادت فرص الاستثمار ووفرت بيئة عمل مستقرة، ارتفعت أعداد العائدين، ليس فقط من ألمانيا بل من جميع دول اللجوء.