مئات الوفيات وآلاف الإصابات يومياً في إيطاليا بفيروس كورونا، سلطت الضوء على واحدة من أكبر الأزمات الصحية في هذا البلد الأوربي، وجعلته محط أنظار العالم.
وحققت إيطاليا رقما قياسياً أمس السبت، في عدد الوفيات اليومي جراء الفيروس إذ قفز خلال 24 ساعة بنحو 800 حالة ليصل إجمالي الوفيات إلى 4825، والإصابات تجاوزت الـ 54 ألفاً.
ها الأمر طرح تساؤلا عن السبب وراء تفشي الفيروس في إيطاليا بصورة أكبر من أي بلد أوروبي آخر؟.
دراسة أجرتها جامعة “أكسفورد” البريطانية، خلصت إلى أن السبب وراء ذلك هو أن إيطاليا هي ثاني أكبر بلد في العالم من حيث نسبة كبار السن مقارنة مع عدد السكان.
واوضحت أن من هم فوق 65 عاماً في إيطاليا يشكلون نسبة 23 %من السكان، وقارنت ذلك بنسبة 16 % في الولايات المتحدة على سبيل المثال.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الترابط العائلي والثقافة هي من تحدد طريقة الحياة الإيطالية، ويكون ذلك من خلال جود أسر متعددة الأجيال لا تزال تعيش تحت سقف وتحيي المناسبات بشكل عائلي، قد يكون من الأسباب التي أدت إلى تفاقم تفشي الفيروس.
وتذكر الدراسة أن من المحتمل أن يكون الفيروس قد انتشر من خلال أفراد شباب أصحاء لم تظهر عليهم أي أعراض أو ظهرت أعراض خفيفة جدا، ونقلوه لكبار السن.
وتوضح أن الإيطاليين الصغار يعيشون مع كبار السن مثل آبائهم وأجدادهم في المناطق الريفية، ويذهبون إلى أعمالهم في المدن يومياً ثم يعودون إلى منازلهم في المساء.
ويعتقد المشرفون على الدراسة أن هذا السفر المتكرر بين المدن وبيوت العائلة، ربما أدى إلى الانتشار “الصامت” للفيروس.
تقول الدراسة إيضاً إن إيطاليا بقيت في حالة إنكار لوجود المرض، ولم تتحرك بالسرعة الكافية للانخراط في تدابير الفصل الاجتماعي والحظر، وذكرت أن تقارير صادرة من أجهزة المخابرات حذّرت السلطات من الوباء المحتمل لكنها لم تتخذ الإجراءات اللازمة.
كما تخلف الإيطاليون في إجراء فحص واختبار الفيروس على نطاق واسع، على الرغم من أنه أثبت فعاليته في مكافحة الانتشار.
وبحسب الدراسة فإن الخطأ الأول الذي اقترفته الحكومة الإيطالية في بداية انتشار المرض، هو عدم منعها الرحلات المباشرة من الصين باتجاه إيطاليا، الأمر الذي مكّن دخول العديد من المسافرين المصابين العائدين من الصين إليها أو المارين بها عن طريق رحلات “الترانزيت” ونشر العدوى، دون التمكن من مراقبتها أو تتبعها وحصرها.
ومن الأسباب التي أدت لانتشار الوباء أيضاً، هو أن سياسيي الصف الأول في البلاد أظهروا جهلا في التعامل مع خطورة الأمر.
وتقول الدراسة إنه ظهرت بينهم مناكفات سياسية حول الإجراءات الواجب اتباعها في ظل هذه الظروف، ووصل ببعضهم أن يدعو عبر شاشات التلفزيون المواطنين إلى ممارسة حياتهم بشكل اعتيادي، رغم بوادر تفشي الوباء في البلاد.