مباراة كرة قدم جعلت من اسبانيا بؤرة لوباء كورونا
كشفت صحيفة الغارديان البريطانية الاسباب التي حوولت اسبانيا إلى بؤرة لوباء كورونا، مشيرة إلى أن من الاخطاء التي ارتكبتها مدريد عدم ضبط الحدود بينها وبين إيطاليا بالاضافة إلى أن إسبانيا كانت تعتقد أنها بعيدة عن الخطر الداهم بما فيه الكفاية. وفي هذا السياق يقول الدكتور فيرناندو سيمون ، رئيس قسم الطوارئ الطبية في مستشفى مدريد: “”في 9 شباط عرفت إسبانيا بعض حالات الإصابة بكورونا ،وهي بعدد قليل ولكن بعد ستة أسابيع شاهدنا إعلانات لمئات الوفيات وبلغ عدد من قتلهم الفيروس ثلاثة أضعاف عدد القتلى في إيران وب40 مرة أعلى من الصين”
في 19 من شباط الماضي جرت مباراة كرة في مدينة ميلانو الايطالية حضرها آلاف الأشخاص كانوا يهتفون ويصرخون و يعانق بعضهم بعضا. في ذلك المساء تفوق فريق أنتلانتا على ضيفه فالنسيا ب4 مقابل 1 وكان بالمدينة التي جرت على أرضها المقابلة أكثر من 40 ألف شخص شاهدوا المقابلة كما حضر 2500 من مشجعي فريق فالنسيا قدموا من إسبانيا لمؤازرة نادي فالنسيا، وقضوا ساعات طويلة من الاحتفال في شوارع ميلانو قبل التوجه عبر قطار الأنفاق ووسائل النقل العام الأخرى نحو الملعب.
بعد تلك المباراة بأيام أعلن نادي فالنسيا الإسباني أن 35% من لاعبيه وموظفيه مصابون بفيروس كورونا، وهم معزولون في منازلهم وكلهم بدون أعراض ظاهرة.
الصحيفة أشارت إلى أن من الاسباب المحتملة لانتشار فيروس كورونا بإسبانيا بالسرعة التي شاهدناها حيث كان الطقس في نهاية فبراير و بداية مارس معتدلا ومشمسا بشكل غير معتاد وبدرجات حرارة زادت على 20 درجة مئوية، وكان الناس يلتقون في المقاهي والحانات ويتعانقون و يتبادلون القبلات.
في 8 آذار، أسبوع واحد فقط من قرار فرض حالة الطوارىء في البلاد جرت أحداث رياضية وعقدت مؤتمرات لأحزاب سياسية وخرجت مسيرات حاشدة للاحتفال باليوم العالمي للمرأة. وبعد ثلاثة أيام ، استضاف فريق ليفربول الإنجليزي نظيره أتلتيكو مدريد في مباراة من العيار الثقيل على ملعب “أنفيلد، في إياب ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا،وجاء حوالى 3 آاف من مشجعي أتلتيكو لحضور المباراة.
ترى الصحيفة أن ردود الحكومة جاءت متأخرة وبعد أن استفحل الوباء في أرجاء إسبانيا التي لم تكن متهيئة فعلا بسبب افتقارها إلى المعدات الطبية الأساسية فضلا عن أجهزة التنفس الاصطناعي والملابس الواقية الخاصة بالأطباء، فتدخلت الحكومة الصينية وتدفقت المعدات من أقنعة وغيرها.
فيروس كورونا أماط اللثام عن عيوب كبيرة في هيكلية نظام الرعاية الصحية في إسبانيا، فقد فوجئ عناصر من الجيش الإسباني الذي يشارك في تطهير دور الرعاية بالبلاد بوجود مرضى مسنين مهملين تماما فضلا عن آخرين تركوا للموت على أسرتهم في بعض الأحيان، حيث غادر عاملون في دور الرعاية بعد اكتشاف وجود فيروس كورونا في المرافق التي يعملون بها.ومن جانب آخر تشكو كثير من إدارات دور الرعاية الخاصة بالمسنين من نقص الموظفين.
تتمتع إسبانيا بنظام رعاية أولية جيد لكن مستشفياتها تعرضت لفترة عقد من الزمن للتقشف منذ الأزمة المالية. وهي لديها من الأسرة ما يعادل ثلث ما يتوافر في مستشفيات النمسا أو ألمانيا.
في الرابع عشر من الشهر الجاري أعلن رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز حالة الطوارئ في البلاد لمواجهة تفشي “كورونا”وتشمل حالة الطوارئ، أيضا، إغلاق الأماكن التي تشهد تجمعات مثل دور السينما والمسارح والمتاحف والمنشآت الرياضية ومراكز اللهو والحانات وحدائق الأطفال.لكن تنفيذ القرار الذي تم تمديده لمدة 15 يوما بعد انتهاء الفترة الأولى استغرق تنفيذه 24 ساعة حتى يكون ساريا، حيث كان جزء من سكان مدريد فضلا عن مدن أخرى قد تفرقوا وانتشروا عبر أرجاء البلاد قاطبة.
وفي سياق متصل قامت السلطات المحلية في مدريد بإغلاق الجامعات والمدارس في وقت سابق من بداية سريان قرار حالة الطوارىء،وكان كثيرون في فترة عطلة وكانت الحانات والملاهي تغص بالمرتادين.
حين تم تطبيق الحجر التام على البلاد،في الرابع عشر من الشهر الجاري شرع رجال الشرطة في تحرير مخالفات وفرض غرامات على مخالفي تعليمات الإغلاق وكان ثمة ضغط شعبي مهول جراء هذه الإجراءات وأيضا بسبب ما أحدثه فيروس كورونا، ونتيجة لذلك طالب بعض الوزراء بضرورة تخفيف الإجراءات الخاصة بحظر التجوال بعد نهاية حالة الطوارىء في ال11 من نيسان، لكن مع ذلك لا يتوقع أحد العودة إلى الحياة الطبيعية بسهولة.