عبد الله صبره: بحار سوري يسعى للتطوع لإنقاذ لمساعدة المهاجرين في البحار
- أخبار العرب في أوروبا- مهاجر نيوز
- قصة طفل تحمل المسؤولية في سن 14 عاماً، خاض غمار البحر واكتشف البلدان والقارات قبل وصوله مرحلة النضج. حكاية عبد الله صبره، لاجئ سوري بألمانيا تعرفنا عليه وعلى تأثير رحلة حياته المثيرة، التي قادته للتفكير في التطوع لفائدة Sea-Watch من أجل إنقاذ العديد من المهاجرين واللاجئين ممن لم يحالفهم الحظ في رحلات لجوء آمنة مثل التي خاضها بنفسه.
يبلغ من العمر 27 سنة، ينحدر من جزيرة أرواد السورية الصغيرة الواقعة قبالة ساحل مدينة طرطوس. صار بحاراً وهو في سن 14 عاما، بعد أن رأى والده أن الوقت قد حان لمغادرة المنزل والاعتماد على نفسه.
تجربة البحر
تجربة ليست بالسهلة، انطلقت صيف عام 2007، حيث كان عبد الله صبره يحاول الاستمتاع بالعطلة الصيفية استعدادا لاستقبال الموسم الدراسي الجديد. لكن رأي الأب اختلف، وأرسل ابنه للعمل أولا لدى بقال الحي في خدمة توصيل الطلبيات، وبعدها جاء قرار خوض مغامرة البحر.
يحكي عبد الله لمهاجر نيوز، أن والده اختار الإعلان عن القرار بعد أن سمع من مشغله (صاحب محل البقالة)، أنه شاب قوي ومسؤول، فتحدث الوالد مع صاحب سفينة وحدد موعد انطلاق عبد الله دون علمه، وذلك قبل أسبوعين من بداية الفصل التاسع بالمدرسة، “فكان ذلك أول ركوب لي على ظهر سفينة تجارية لأشتغل في مجال الصيانة”.
ودع عبد الله صديقه الفرنسي واتجه إلى محطة القطار “رأيت قطارا سريعا على شاكلة القطارات المتقدمة التي كنا نراها في الأفلام، فقررت ركوبه وعندما سألت عن وجهته وعلمت أنه متجه نحو ألمانيا”.
في القطار على الحدود مع ألمانيا كان هناك تفتيش وطلب مني جوازي وعلموا أني لا أمتلكه، توجهنا نحو قسم الشرطة وهناك تقدمت بطلب اللجوء وبعدها مباشرة تم اقتيادي إلى مخيم كالسروه”، من ثم انتقل عبد الله إلى توبغن حيث حصل على حق اللجوء والإقامة شهر آب/أغسطس 2015.
حياة جديدة
“بحثت عن عمل فورا، وأول ما تمكنت من الاشتغال فيه هو الترجمة لمن احتاجها من أشخاص أو مؤسسات وقد ساعدتني لغتي الإنجليزية كثيرا، اشتغلت أيضا بالمهرجانات والمطاعم والبارات”. وعن علاقته مع الألمان منذ وصوله إلى ألمانيا، علق عبد الله أن “يومياتي وعملي جعلوني أكون صداقات معهم، كما أن اللغة الإنجليزية السلسة ساهمت في تواصلي بشكل أسهل”.
انتقل عبد الله إلى برلين بداية سنة 2020، حيث التقى صحفية ألمانية أخبرته عن موضوع سفن الإنقاذ التابعة لـ Sea-Watch “بعدما أخبرتها عن عملي في مجال البواخر سابقا، شجعتني على التطوع لديهم، وأعجبتني فكرة ما يفعلونه على ظهر هذه البواخر، بدوا لي أشخاصا يرون أن هناك ما يجب عمله للإنسانية ويقومون به فعلا”.
“9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 كان تاريخ تطوعي لفائدة سفينة Sea-Watch لمدة 40 يوما وقد أعجبتني التجربة كثيرا، فالناس في السفينة كانوا أشخاصا جيدين وودودين عكس من اشتغلت معهم بالسفن التجارية، وفرصة العمل على هذه السفينة وجدتها جيدة تتناسب ومؤهلاتي في المجال”.
وعن الاختلافات بين العمل على ظهر سفينة Sea-Watch والسفن التجارية، قال المتحدث “يجعلك العمل مع السفن التجارية تشعر أنك تعمل في سجن دون استخدام عقلك. بسبب ذلك نمت لدي الحاجة للتعرف على الناس خارجها كلما رست السفينة في مكان ما، وهذه الأمور ساعدتني على بلورة شخصيتي ونفعني ذلك هنا في ألمانيا”.
بين رغبة الأسرة وأحلامه
أسرة عبد الله ماتزال في سوريا، ويتم التواصل دائما معهم، لكن بينهم نقطة خلاف محورية، فهم يفضلون أن يعود الشاب لأحضان أسرته وبلده لكنه لا يشاطرهم الرأي نفسه، ويفضل البقاء في ألمانيا والعودة إلى البحر على ظهر سفينة Sea-Watch، وبعدها العمل على تحقيق أهداف كبيرة مهنية وشخصية.
يخطط عبد الله للعيش في مزرعة مليئة بالحيوانات والعمل فيها على مشروع تحويله للسيارات العتيقة إلى سيارات كهربائية، وأن يستقر في بلد جوه أدفئ من ألمانيا مثل البرتغال أو إسبانيا. وعند سؤاله عن رأيه حول القرارات السياسية القاضية بإعادة لاجئين سوريين أو أفغان إلى بلدهم من ألمانيا، رد عبد الله بالقول “أنا لا أفهم لماذا يطالب البعض إعادة اللاجئين لبلدانهم، عليهم أن يفكروا أولا في سبب إقدام هؤلاء على الهروب من بلدانهم؟ والجواب دائما سيكون أن هذا الشخص خائف من شيء ما أو مهدد بخطر معين”.
واعتبر الشاب السوري أن ألمانيا “في حاجة لشباب ويد عاملة، وقد أتوا إلى هنا بالفعل بسبب الأزمات في بلدانهم، لماذا لا تستغل هذه الطاقات ويتم تعليمها والاستفادة منها؟”. معتبرا أنه “يجب البحث عن حلول طويلة الأمد فيما يتعلق بمشاكل الهجرة واللجوء، أما الحلول الترقيعية فلن تحل المعضلة، يجب أن نفكر في ما يجعل سفينة البشرية آمنة وليس ما يفرقنا”.