أخبار العرب في أوروبا – ألمانيا
بعد يومين من إظهار بيانات رسمية أن أسعار المنتجين في ألمانيا قفزت بنسبة 33.6% على أساس سنوي في مايو/ أيار الماضي، حذر وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر، من أن التضخم ينخر في أسس أكبر اقتصاد أوروبي.
وقال ليندنر خلال مشاركته في فعاليات يوم الصناعة الألماني في برلين أمس الثلاثاء، إن”التضخم ينخر الأساس الاقتصادي لكل شيء آخر”، مضيفا أنه يجب على ألمانيا أن تتوقع مدفوعات للفائدة بقيمة 30 مليار يورو في 2023 مقارنة مع أربعة مليارات يورو في 2021.
شولتس يحذر
بدوره، حذر المستشار الألماني أولاف شولتس من دوامة تضخم دائمة في ألمانيا. وقال خلال الفعالية في برلين أمس إن “الحملة المركزة” التي أعلنها ممثلو أرباب العمل والعمال في الرابع من يوليو/ تموز المقبل، “هذا بالضبط ما نحتاج إلى التركيز عليه الآن”، مؤكدا أنه يمكن حل المشكلات الصعبة بشكل أفضل من خلال التعاون بدلا من العمل ضد بعضنا بعضا.
وأشار إلى أن وزير الاقتصاد الأسبق كارل شيلر وصف “الحملة المركزة” بأنها “طاولة مجتمعية للعقلانية”، مضيفا أن هذا هو بالضبط ما تدور حوله الحملة المقبلة.
ومصطلح “الحملة المركزة” معروف منذ زمن أول حكومة ائتلافية بين التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي.
وكان وزير الاقتصاد في ذلك الحين، شيلر، دعا 1967 ممثلي الحكومة والبنك المركزي واتحادات أرباب الأعمال والنقابات العمالية للجلوس على طاولة واحدة من أجل مواجهة أول أزمة اقتصادية في تاريخ ألمانيا الاتحادية.
وفي إشارة إلى حماية المناخ والرقمنة والحرب الروسية في أوكرانيا قال المستشار إن ألمانيا تواجه تحديات كبيرة، مشددا على أن الهدف هو أن تخرج الصناعة الألمانية أقوى من هذا التحول، دون تراجع عدد الوظائف، بل بمزيد منها.
وقال إن الحكومة الألمانية “شمرت عن سواعدها”، مشرا إلى الوعود التي قطعها قبل عام في يوم الصناعة الألماني عندما كان مرشحا لمنصب المستشار، موضحا أنه تم الإيفاء بهذه الوعود، ومن بينها التوسع الحازم في مصادر الطاقة المتجددة وإلغاء ضريبة الطاقة النظيفة على فاتورة الكهرباء.
وبحسب الإعلام الألماني فإن شولتس لم يذكر أنه صرح قبل عام، بأن هدفه هو خفض سعر الكهرباء للقطاع الصناعي.
مستوى قياسي للتضخم
وبلغ التضخم في ألمانيا أعلى مستوى له منذ ما يقرب من نصف قرن في مايو/أيار الماضي نتيجة ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء منذ بداية الحرب في أوكرانيا.
وذكر مكتب الإحصاء الاتحادي، قبل عدة أيام، أن أسعار المستهلكين، المصممة لأن تكون قابلة للمقارنة مع بيانات التضخم من دول الاتحاد الأوروبي الأخرى، زادت بمعدل سنوي قدره 8.7 %.
وكانت آخر مرة ارتفع فيها التضخم بشكل مماثل في ألمانيا خلال شتاء 1973- 1974 عندما ارتفعت أسعار الزيوت المعدنية نتيجة أزمة النفط الأولى.
وبحسب مكتب الإحصاء، فقد ارتفعت أسعار الطاقة 38.3% في مايو/أيار الماضي مقارنة بالشهر نفسه العام الماضي، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية أيضا بمعدل فوق المتوسط بلغ 11.1 %.
على صعيد متصل، خفض اتحاد الصناعات الألمانية بشكل كبير توقعاته الاقتصادية لهذا العام، وأعلن أنه يتوقع أن يسجل الاقتصاد الألماني نموا 1.5%. علما أن الاتحاد كان يتوقع نموا لهذا العام 3.5 % قبل بدء الحرب في أوكرانيا.
ونقل عن “زيجفريد روسفورم “رئيس الاتحاد قوله:”الأزمة المزدوجة للحرب وآثار جائحة كورونا تسببان مشكلات للصناعة”.
ورغم ذلك، توقع روسفورم تعافيا، بمعنى العودة إلى مستوى ما قبل أزمة جائحة كورونا، في نهاية العام على أقرب تقدير، شريطة أن يستمر الغاز الروسي في الوصول إلى غرب أوروبا، وقال في هذا الصدد :”الانقطاع سيكون له آثار كارثية في الصناعات الإنتاجية وسيؤدي حتما إلى ركود اقتصادي”.
وفي ضوء التضخم المرتفع الناجم عن الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة والمواد الخام، قال روسفورم إن “أعباء التكاليف تخنق الشركات بشكل متزايد”، وطالب الحكومة الألمانية بخفض ضريبة الكهرباء ورسوم الشبكات بشكل كبير.
في المقابل، شدد زعيم المعارضة في ألمانيا أمس، على أن محطات الطاقة النووية الثلاث المتبقية في البلاد يجب أن تظل قيد التشغيل لفترة أطول من المخطط لها، للتعويض عن خفض واردات الغاز الروسي عبر خط أنابيب”نورد ستريم 1″.
الدولة لا تستطيع أن تعوض الجميع عن كل شيء
وفي ضوء ارتفاع الأسعار في ألمانيا، أشار وزير الشؤون الاجتماعية الألماني هوبرتوس هايل، إلى حدود تدخل الدولة.
ونقل عن الوزير قوله في تصريحات صحافية أمس الثلاثاء على خلفية المطالب الحالية بخفض ضريبة القيمة المضافة: “لا يمكن للدولة أن تعوض الجميع عن كل شيء”.
ومن المقرر أن يناقش قادة الائتلاف الحاكم في برلين مساء اليوم الأربعاء، الخيارات التي يمكن اتخاذها في مكافحة ارتفاع الأسعار خلال الأسابيع المقبلة.
اقرأ أيضا: الاقتصاد الألماني يسجل نموا طفيفا في الربع الثاني
وقال هايل: “لا أرى من ناحية المبدأ أي مجال لإعفاء أصحاب الدخل المرتفع للغاية”، مشددا على أنه منفتح على مناقشة تدابير مختلفة لتخفيف الأعباء على وجه التحديد عن الأشخاص ذوي الدخول المنخفضة والعادية.
وأضاف الوزير المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي: “علينا التخفيف من عواقب تطور الأسعار على وجه التحديد بالنسبة للأشخاص الذين يمثل لهم ذلك تهديدا وجوديا”.
ورغم ذلك، فإن الوزير “هايل” لا يتوقع أن يستمر التضخم على المدى الطويل، وقال في هذه الإطار: “آمل أن تعود أسعار كثيرة إلى طبيعتها في العام المقبل”.
وأوضح في المقابل أن هناك حاجة إلى دعم طويل الأجل للعاطلين عن العمل والأشخاص ذوي الدخل المنخفض، حيث من المتوقع استمرار ارتفاع أسعار الطاقة.