الوطن حيث تكون حرا.. “سلام قطيفان” نبض للفن التشكيلي السوري في أوروبا
مؤيد أبازيد
كثير من المواهب السورية وصلت مع موجة اللجوء إلى ألمانيا، وشكلت حالة إيجابية دأب الإعلام الألماني على تسليط الضوء عليها، ورغم أن بعض أصحاب المواهب توقفوا بعد أن أتعبتهم رحلة اللجوء ودخولهم مجتمع جديد، إلا أنه في المقابل هناك عدد ليس بقليل منهم حاول تطوير موهبته واستطاع أن يتجاوز ما حققه في سوريا بمراحل.
من بين تلك المواهب “سلام قطيفان” – فنانة تشيكلية تعمل على دمج المدرستين الواقعية والتعبيرية – وصلت ألمانيا قبل أربع سنوات عبر البحر قادمة من من محافظة درعا جنوب سوريا.
تقول “قطيفان” في حديث مع موقع ” أخبار العرب في أوروبا” إن موهبتها بدأت في عمر صغير قبل أن تلتحق بالمدرسة، حيث الخطوات الأولى على الدفاتر والجدران، والفضل في اكتشاف موهبتها يعود لوالدتها، ومع بلوغها العاشرة فازت بالمرتبة الثانية على مستوى سوريا في مجال الرسم، لتكون بداية للتفوق، لتختار الدراسة في كلية “الفنون الجميلة” بجامعة دمشق لتتخرج مع بداية الثورة السورية بمعدل جيد جداً، كما حصلت لاحقاً على ثلاث شهادات تقدير خلال مشاركتها في العديد من المعارض الجماعية في دمشق ودرعا.
تشير “قطيفان” إلى أنه خلال إقامتها في سوريا لم تلق الدعم بل تعرض المرسم الخاص بها للقصف بالصواريخ، مما أدى إلى تلف عشرات اللوحات، مؤكدة بأن هذا الأمر جعلها تفكر بشكل جدي للسفر وهو ما حصل نهاية العام 2015 ووصلت إلى ألمانيا مع طفلها وكانت رحلة محفوفة بالمخاطر، لاسيما أن طفلها لم يكن يتجاوز حينها العام والنصف .
موهبة وجدت لها طريقاً في المجتمع الجديد
تعد الأشهر الأولى لأي لاجئ يصل أوروبا هي الأصعب، وكذلك هي فترة تحدد في كثير من الأحيان مسار الشخص بالتغلب على الصعاب والانطلاق من جديد عبر الاندماح بالمجتمع الجديد.
تقول ” قطيفان”: “بدأت مشواري بطلب اللجوء للحصول على الاقامة في ألمانيا، ورغم صعوبته، لاسيما تعلم اللغة والاندماج، بدأت حياةً جديدة في بيئة تختلف كلياً عن حياتي في سوريا واتخذت للفن ركناً خاصاً في منزلي الصغير في مدينة ميويخ، وبدأت ارسم بشكل يومي إلى أن شاركت في أول معرض لي في مدينة كولونياحيث لاقت أعمالي إقبالاً واستحساناً جماهيرياً من قبل المجتمع الألماني ومن قبل النقاد الفنيين ومن خلال إضاءات الصحافة ، وكان هذا المعرض البداية للانطلاق نحو معارض فردية وجماعية في عدة مدن ألمانية وأوروبية “.
وعن طبيعة المجتمع الالماني تؤكد الفنانة التشكيلية أنه “مجتمع منفتح، والألمان اعتادوا على وجود الأجانب في بلدهم، بل وجدت تفاعلاً كبيراً واستعطافاً لافتاً للاجئين السوريين الذين هجروا من بلادهم بشكل قسري،..، الإنسان الموهوب والمبدع يجد الاقبال أينما حل وفي أي بلد كان، لذلك من الطبيعي أن يملك المبدع خاصية جذب للجمهور أياً كان اختصاصه رساماً أو عازفاً أو حتى مسرحياً أو في أي مجال آخر “.
عشرات المعارض والمشاركات الفنية
شاركت “سلام قطيفان” خلال أربع سنوات من إقامتها في ألمانيا في 36 نشاطا فنيا، منها معارض فردية و ثنائية وجماعية، إضافة لمهرجانات وورشات فنية في عدد من المدن الألمانية والأوروبية منها “برلين” و”كولن” و”ميونخ” و”نورنبرغ” و”فيينا” و”أثينا” وغيرها.
ومن بين المعارض الفردية التي أقامتها، معرض بعنوان “نحن محكومون بالأمل” في مدينة نورنبرغ الألمانية و معرض “نساء في الحرب” في ميونخ.
كما شاركت في معارض ثنائية من بينها “الوطن حيث تكون حراً” في المركز الثقافي الألماني (كولتور لادن ) في مدينة نورنبرغ العام الماضي ومعرض رحلة شاقة نحو السلام” في ذات المدينة.
وكان لها أيضا العديد من المشاركات في معارض جماعية وملتقيات فنية منها ملتقى “الفن الرابع” في العاصمة اليونانية أثينا الذي استمر عشرة أيام وحصلت فيه” قطيفان” على تكريم بشهادة الماجستير من منظمة “اليونسكو” العالمية، كذلك مشاركة في معرض فني في العاصمة النمساوية فيينا.
المشاركات القادمة
تقول ” قيطفان” أنها ستكون ضيفة شرف في المعرض الثاني لمشاريع صغيرة لسيدات عربيات تحت عنوان “انطلقي” وسلتقي محاضرة على الجمهور بعنوان” نبض عربي في أوروبا”، في مدينة ميونخ قبل نهاية العام الجاري، كذلك معرض فردي في ميونخ منتصف الشهر القادم.
وتؤكد بالقول “أنا سعيدة في انجازاتي التي أجدها مصدر فخر واعتزاز لي ولكل سوري، لكنها ليست قمة طموحاتي لأنني وضعت أحلامي وطموحاتي على كتف طائر لا يعرف حدوداً ولا نهاية”.
ودعت في ختام حديثها كل موهوب في أوروبا يرى في نفسه روحاً ابداعية في مجال الفن التشكيلي على ضرورة الاستمرار والاجتهاد على نفسه، من خلال التمرين بشكل يومي ومن خلال متابعة معارض الفنانين التشكيليين المخضرمين الذين مارسوا الفن بشكل احترافي، أيضاً الاهتمام بالثقافة الفنية من خلال القراءة والتعمق في مسيرة فناني العصور الماضية وسلسلة استخدامهم لمهارات وتقنيات خاصة في أساليبهم ومدارسهم الفنية.