اقتصاد واعمالمجتمع

شارع العرب في برلين.. حنين إلى الشرق وفق قوانين المافيا

قتيبة الخالد

اللغة العربية هي اللغة السائدة في كل مكان، فبالكاد تسمع، أو ترى كلمة المانية، باستثناء أرقام السيارات وأسماء الشوارع وبعض الكلمات على اللوحات المرورية.

هو “شارع الشمس”  بحسب التسمية الالمانية، بينما يصر العرب على تسميته بـ”شارع العرب”  لكثرة المحال التجارية التي يمتلكها عرب في هذا الشارع.

يقع  الشارع “الزون آليه” في القسم الغربي من برلين، “برلين الغربية” وتحديدا  جنوب وسط برلين. أُطلق عليه في بداية في نهاية الثمانينيات  “بيروت الصغيرة” لكثرة المحال اللبنانية، أما اليوم ومع قدوم السوريين بدأ الشارع يأخذ طابعا عربيا جامعا لكل الجنسيات من فلسطيين وسوريين ولبناننين وعراقيين وحتى مغاربة .

“عروة”  الذي يزور الشارع باستمرار، يرى أن  الحياة بدأت تنبض فيه بعد قدوم السوريين، إذ يقول: “قدوم  أعداد كبيرة من اللاجئين، معظمهم من سوريا، جعل الحركة الإقتصادية للشارع  أكثر نشاطاً، وهذا يلاحظ من خلال أعداد المحلات السورية، لاسيما المطاعم ..( الدمشقي. البيك، حلويات ادلب الخضراء ،الفيصل، العجمي ، ياسمين الشام.. وغيرها”.

الصراع بين الوافدين الجدد والقدامى كما يسميه “أحمد” الذي عمل في هذا الشارع أكثر من عام سيكون ظاهراً من خلال أسماء المحال وأعلام الدول العربية المعلقة داخلها أو إمامها.

يضيف  الشاب “أحمد” موضحا::”يسيطر الفلسطينيون واللبنانيون الذين هربوا من الحرب الأهلية اللبنانية قبل اربعين عاما ً على الشارع سيطرة (مافيوية)، وكل من يريد أن يفتتح مطعما أو بقالة أو أي متجر سواء أكان صغيرا أم كبيرا، يجب أن يمر عبر هذه المافيات لدفع الأتاوات  الشهرية، وهذه الأتاوة لحفظ كرامته والسماح له بالبقاء،  فعلى الوافدين الجدد أخذ الموافقة غير الرسمية والحماية من أصحاب المحال القديمة، ناهيك  عن دفعه (فروغ  المحل) مقابل مبالغ مادية تصل إلى ٢٠٠ ألف  يورو في أسوء الأحوال”.

يفضل العرب  زيارة  هذا الشارع  حنينا ً لأوطانهم، ولكن “خالد” الشاب السوري- يدرس الحقوق في جامعة برلين- بسبب مشاركته في تنظيم المظاهرات التي تخرج من أجل سوريا وأطفالها لن يستطيع زيارة الشارع مرة أخرى.

يوضح “خالد” قصته لموقع “أخبار العرب في أوروبا” : “كنت اتردد الى هذا الشارع منذ قدومي إلي برلين لأستمتع بالمأكولات السورية ولأبتضع منه، ولكنني تعرضت إلى اعتداء في  بداية العام ٢٠١٨ من قبل أشخاص محسوبين على النظام السوري، كان ذلك  أمام أحد المحال التجارية القديمة ومعروفة للجميع، وللأسف شارك في الهجوم عليّ أشخاص يعملون  في المحال المجاورة، كما أنني  تعرضت للهجوم الثاني منذ شهرين تقريباً  من قبل أحد الفلسطيين المواليين للنظام السوري، وكانت هذه المرة بلجهة مختلفة وصلت إلى  تهديدي بالقتل، وكأن الشخص الذي هاجمني يعرفني تماماً ومكلف بمراقبي”.

يتابع  “خالد”: “اتصلت بالشرطة الألمانية التي أخذت أقوالي ورفعت دعوة ضد الشخص الذي هددني أمام  المدعي  العام وإلى الآن أنتظر رد المحكمة” مردفا: “ما حدث معي جعلني أبتعد عن هذا الشارع، فأنا اليوم لم أعد  أفكر بزيارته مرة أخرى خوفاً على حياتي لا سيما أن هذه المجموعات التي هددتني ترتبط بمافيا في هذا الشارع ”.

لقد تحول هذا الشارع خلال السنوات الماضية إلى وجهة سياحية داخلية للألمان القادمين من مدن ألمانية أخرى أو سياح قادمين من مختلف الدول الأوروبية للتعرف على الوجه العربي في المهجر الألماني، إلا أن اتهامات كثيرة تطال بعض  المحال التجارية، منها إغراء الشباب بالعمل في الأسود –  العمل بدون علم  دائرة الضرائب ومراكز  العمل الرسمية- كي لا يخسر  اللاجىء المساعدات المقدمة من الحكومة.

تعيش في برلين جالية عربية منذ 1960 وارتفع عددها  في ثمانينات وأوائل تسعينات القرن الماضي بعد وصول عشرات الآلاف من المهاجرين اللبنانيين  والفلسطينيين  ويعيش هؤلاء في مجتمعات موازية ترفض  الاندماج في المجتمع  بحسب وصف وسائل إعلام ألمانية.

وبحسب الشرطة الألمانية فإن “ساحة هيرمان ” المحاذية للشارع أصبحت أكثر أماناً من السابق، ولكن في الوقت نفسه لم تنكر الشرطة معرفتها بأنها مرتع لتجار الممنوعات، وأشخاص ينتهجون العنف، وأن ثلث مرتكبي الجرائم في هذه المنطقة ليسوا من الألمان، كما أن أكثر من  20 ٪  من هؤلاء ينحدرون من اصول مهاجرة.

أما الاحصاءات الاقتصادية فتشير إلى أن حوالي  90% من الشركات هي بيد العرب، أو الألمان من أصول عربيةه، وتقدر ولاية برلين نسبة الأشخاص الذين لديهم خلفية مهاهجرة في شمال منطقة نويكولن التي يقع فيها الشارع تصل إلى 70% في بعض الأحيان.

وتشهد المنطقة بين فترة وأخرى مداهمات أمنية لإلقاء القبض على بعض الأفراد الخارجين عن القانون، والذين ينتمون لعصابات الجريمة المنظمة، وهي ما يطلق عليها الإعلام الألماني تسمية “العشائر”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى