أخبار العرب في أوروبا- فرنسا
تشير الأزمة التي سببتها جائحة كورونا في فرنسا، إلى أن البلاد في طريقها إلى أزمة اقتصادية وصفها رئيس الحكومة الفرنسي “إدوار فيليب” أنها “وشيكة”.
كلام “فلييب” جاء بعد أيام من دق ناقوس خطر الإفلاس من قبل مئات التجار، بسبب تداعيات الإغلاق الشامل في البلاد بسبب وباء كورونا، على الرغم من استثناء الحكومة متاجرهم من قرار الحجر والإغلاق.
ونشرت صحيفة “لوموند” قبل أيام تقريراً ذكرت فيه أن المئات من التجار والحرفيين الصغار في كل من مدن باريس وستراسبورغ وبوردو وليون ومرسيليا ومدن أخرى في الشمال، يجدون أنفسهم بدون سيولة مالية للاستمرار في حدود نهاية نيسان/ أبريل الجاري.
ووفقاً لمعلومات الصحيفة، فبعد مضي أكثر من شهر من الحجر واستمرار تقييد الحركة إلى 11 من الشهر المقبل، فإن أرباب العمل في حوالي 250 ألف فندق ومقهى ومطعم، علاوة على 1360 شركة للمواد الغذائية التجارية، سيجبرون على إغلاق مصدر رزقهم بسبب انعدام السيولة المالية لاستمرارهم أو دفع الأجور.
بدورها، صحيفة “لوبوان” أفادت أيضاً أن خطر الإفلاس بات يهدد بشكل فعلي أصحاب المخابز، التي لم تعد قادرة على بيع منتجاتها رغم استثنائها من قرار الإغلاق الحكومي.
ونقلت الصحيفة، عن “ماتيو لاببيه”، رئيس رابطة شركات المخابز في فرنسا (FEB)، إن “المخابز فقدت ما متوسطه 50 إلى 60٪ من حجم مبيعاتها”.
قطاع آخر، يمثل شريحة كبيرة من الحرفيين في فرنسا، هو قطاع المحلات الصغيرة لتجارة المواد الغذائية، قالت الصحيفة إنهم لم يعودوا قادرين على بيع مزيد من السلع، في ظل العروض الموجودة في المحلات الكبرى.
أما في الجانب الزراعي، قالت الصحيفة، إن 45 % من حرفيي الألبان والأجبان في البلاد، لم يعد لهم أي عمل بسبب أزمة كورونا، بحسب ما نقلت عن رئيس اتحاد صناع الأجبان في فرنسا “دافيد بازيرك”.
وتأتي هذه المشاكل على الرغم من تخصيص الحكومة مساعدات مالية للأسر والفئات الأكثر تضرراً من الوباء (ممن فقدوا عملهم أو أعلنوا إفلاسهم) بلغت ما 150 يورو إضافة 100 يورو عن كل طفل ستصرف منتصف أيار/ مايو المقبل.
ارتفاع الأسعار والملايين باتوا ضمن “البطالة المؤقتة”
ورغم أن الأزمة الاقتصادية لم تدخل بعد فعلياً في البلاد، لكن مؤشرات هذه الأزمة بدأت تظهر بشكل جلي، فكان إضافة لناقوس خطر إفلاس الشركات، ما كشفه تقرير أصدرته مؤسسة (l’UFC-Que choisir) الفرنسية للدراسات المختصة بمراقبة سوق المواد الغذائية، أن أسعار الخضروات والفواكة الطازجة في الأسواق الفرنسية، إرتفعت بنسبة 9% عن معدل الأسعار قبل بداية أزمة كورونا.
وأشار التقرير إلى أن الزيادة في الأسعار وصلت إلى 12% بما يخص أسعار الخضروات والفواكه، الخالية من المواد الكيميائية المعروفة بـ “bio”.
هذه الزيادة، بحسب التقرير، ستؤثر بشكل واضح على القدرة الشرائية للمواطن الفرنسي، لأن المنتجات التي ارتفعت أسعارها تمثل أساسيات المواد الغذائية خلال عملية التسوق.
ومع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، فأن الخطر الأكبر على الاقتصاد هو أن نحو 9.6 ملايين عامل فرنسي أو أي نصف العاملين في القطاع الخاص، سُرحوا مؤقتاً أو يعملون حالياً بأجور أقل بسبب جائحة كورونا.
هذا الرقم أكدته وزيرة العمل الفرنسية “موريل بينيكود” الاثنين الماضي، وقالت إنها تطالب الأعمال التي أغلقت مؤقتاً، بإعادة استئناف العمل طالما تمكنت من تطبيق القواعد الرسمية بشأن النظافة وإجراءات السلامة.
“بينيكود” أضافت “أن الهدف هو أن نستطيع العمل مجدداً وحماية الموظفين، وفي ظل تأكد الشركات من ضمان حماية العاملين فيها”، مشيرة إلى أن إجراءات التسريح المؤقتة في فرنسا، التي يحصل وفقاً لها العاملون على 84% من صافي مرتباتهم من قبل الدولة، ستستمر إلى ما بعد 11 مايو / أيار المقبل، عندما يعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تخفيف إجراءات الإغلاق تدريجياً.
وأشارت إلى أن إجراءات دعم العاملين اللذين دخول ضمن فئة البطالة المؤقتة لن تنتهي في 11 مايو (أيار) المقبل، لأن ذلك من شأنه أن” يحدث كارثة”، لكن هذا سيزيد من كاهل الخزينة العامة الفرنسية التي ستكون نتائجها كما قال “برومو لومير”وزير الاقتصاد الفرنسي قبل نحو أسبوعين “ركوداً اقتصادياً” خلال هذا العام، هو الأسوأ منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، ما يعيد للإذهان أسوأ ركود اقتصادي مرت به فرنسا في العصر الحديث.
وكان رئيس الوزراء “إدوار فيليب” قال في بداية هذا الأسبوع، إن أزمة اقتصادية باتت “وشيكة” نتيجة تفشي فيروس كورونا ، محذراً من أنها ستكون “قاسية”و” صعبة”.
وأضاف في تغريده على تويتر حياتنا بدءً من 11 مايو/أيار لن تكون حياتنا كما كانت من قبل. سنتعلم تدريجياً تنظيم حياتنا الجماعية مع هذا الفيروس”.
اقرأ ايضا: لمواجهة شائعات كورونا.. “فلسطينية – سورية” تطلق منصة الكترونية في هولندا
جاء هذا، في وقت كشفت فيه بارس، أمس الأربعاء، أن الدول الـ27 الأوروبية لن تتوافق قبل بضعة أسابيع على خطة الإنعاش الأوروبي الواسعة النطاق التي تطالب بها خاصة فرنسا وإسبانيا، عشية قمة للاتحاد الأوروبي عبر الإنترنت.
وذكرت الرئاسة الفرنسية أن باريس ومدريد تطالبان بأن يضع الاتحاد الأوروبي خطة إنعاش اقتصادي أوروبي بقيمة لا تقل عن 1000 مليار يورو لفرنسا و1500 مليار لإسبانيا، ممولة من قروض طويلة الأجل.
وفي حين تتوافق معظم دول الاتحاد الأوروبي على الحاجة إلى تدابير دعم، إلا أن حجم هذه التدابير وأسلوب تمويلها وتقسيمها يثير خلافاً عميقاً بين الدول الـ27.
كل هذا المؤشرات والخلافات على المستوى الأوروبي في دعم الدول الأكثر تضرراً من الجائحة، تؤكد أن أزمة اقتصادية ستضرب فرنسا، والبلاد لاتزال مستمرة في معركتها ضد الوباء رغم تسجيلها بعض التراجع نسبياً بعدد الإصابات والوفيات في الأيام الأخيرة
لكن يبدو أن المعركة ضد كورونا ستكون طويلة كما يقول المسؤولون الفرنسيون، ولن تنتهي في أسابيع وقد تستمر إلى أشهر طويلة ستكون نتائجها “كارثية” على الاقتصاد الفرنسي الذي كان يعاني بالأصل قبل تفشي الوباء.