أخبار العرب في أوروبا- كرم العبد الله
يمر شهر رمضان هذا العام على المسلمين العرب في فرنسا ومعظم الدول الأوروبية في ظل إجراءات الحجر خوفاً من انتشار عدوى فيروس كورونا، وهو ما غير الكثير من عادات وطقوس اعتادوا عليها في رمضان.
فهذا الشهر له خصوصية للمسلمين العرب في فرنسا، كما هو الحال بالنسبة للمسلمين أينما حلوا، لكن إجراءات الإغلاق المستمرة منذ أكثر من شهر ونصف، كان له وقع أخر على نفوس العرب حيث المساجد مغلقة ولن تفتح حتى مع فك الحجر التدريجي منتصف الشهر المقبل.
الصيدلانية” ناديا محمد” مغربية تحمل الجنسية الفرنسية تقيم في مدينة “روان” في مقاطعة “النورماندي”، قالت إن شهر رمضان هذا العام لم تشهد له مثيل على الإطلاق، مضيفة في حديث مع ” أخبار العرب في أوروبا”:” رمضان جاء ونحن في وضع صعب”.
وأوضحت:”بعد أن اغلقت المدارس كان هناك خيار صعب لي ولزوجي، حيث لدي طفل وطفلة وكان الخيار دخول زوجي ضمن البطالة المؤقتة للعناية بالأطفال، والسبب في ذلك أنه لا مجال لي لأخذ إجازة، وكذلك من جهتي لا أقبل أن أجلس في البيت في ظل الوباء وحاجة القطاع الصحي في فرنسا لكل فرد منه، للمساهمة في تخفيف الألم والمعاناة عن الناس”.
وأضافت:” افتقدنا في شهر رمضان هذا العام، الكثير من العادات التي اعتدنا عليها، وهي زيارة الأقارب والأصدقاء، وهو ما زاد من عزلتنا التي نعيشها بالأصل في فرنسا حيث أن مشاغل العمل تأخذ معظم وقتنا على مدار العام”.
بدوره، “نصر مصطفى” وهو سوري يقيم في مدينة “ميلوز” في مقاطعة “الألزاس” شرقي فرنسا منذ ست سنوات، أكد أن رمضان هذا العام يختلف كلياً منذ وصوله فرنسا وكذلك حين كان في سوريا.
وأضاف لـ “أخبار العرب”:” بداية اضطررت أن اتوقف عن العمل بسبب الإغلاق ورغم تغطية الحكومة لـ 80% من الراتب، لكن هذا الجزء أثر على دخلي، لاسيما أن لدي الكثير من الالتزامات سواء في فرنسا أو بالنسبة للأهل في سوريا”.
وتابع:” في هذا الشهر كنت دائماً ومنذ وصولي إلى فرنسا أقيم صلاة التراويح في المسجد وكانت أجواء صلاة الجماعة تعطيني قوة إيمانية وروحية، كذلك من خلال المسجد نلتقي بالأصدقاء من مختلف الجاليات العربية ونتبادل الزيارات وهو ما افتقدناه بشدة هذا العام”.
أما “أمين نور الدين” وهو مهندس تونسي يقيم في الضواحي الغربية للعاصمة باريس، فحاله مشابه تقريباً لمحدثتنا “ناديا” حيث كان يعمل وزوجته سوياً في مجال التعليم المهني، فكان الخيار أن تتخلى زوجته عن عملها مقابل رعايتها للأطفال، رغم أن الالتزامات الكبيرة خاصة أنهم اشتروا منزلاً منذ عام والخوف أن تتراكم الفواتير للبنك، كما يقول.
أقرأ أيضا: لغتي هويتي.. بمناهج بسيطة مهندس سوري يعلم اللغة العربية للهولنديين
يضيف”أمين” فيما يخص شهر رمضان:”بالعادة يكون الأسبوع الأول مناسبة لزيارات متبادلة للأقارب، ويكون على مائدة الإفطار عدة عائلات في أجواء احتفالية تذكرنا بالوطن”.
وتابع” في الأسبوع الثاني والثالث تتوسع الزيارات لتكون بين الأصدقاء، حيث يكون رمضان بمثابة فرصه لكسر حاجز الغربة بين الجالية التونسية والجاليات العربية ككل، لكن هذا العام يمر علينا رمضان بوضع صعب جداً”.
غياب الأنشطة الخيرية والأجواء الاحتفالية
لم يقتصر الأثر الذي تركه الحجر على الجانب الروحي والعادات والطقوس الدينية، بل وصل إلى غياب الأنشطة الخيرية التي تترافق مع حلول شهر رمضان، خصوصاً توزيع الأغذية وغير ذلك من التبرعات المادية والعينية.
هذا الغياب جاء نتيجة إغلاق المساجد، حيث كان رمضان مناسبة لجمع الأموال لإرسالها للفقراء سواء في فرنسا أو الدول العربية، كذلك وفق القيود السارية فإنه لا يمكن تقاسم وجبة الإفطار التي تجري عادة في أجواء عائلية واحتفالية مع العائلة الواسعة أو الجيران في المسجد أو المنزل بسبب حظر التجمعات.
الملامح الاحتفالية في رمضان لاسيما الجزائرية والمغاربية هي الأخرى غابت عن الأحياء والضواحي الباريسية التي تشتهر فيها، خاصة حي “بارباس” الباريسي وضواحي “بالفيل”و “مونتروي” وغيرها من الضواحي، حيث تكتسب في رمضان حلة خاصة بهذا الشهر، كانتشار أسواق للحلويات والمعجنات والفواكه المجففة والتوابل وغيرها من المواد.
وموائد الإفطار والسحور التي تنتشر على أرصفة المطاعم في هذه الأحياء و الضواحي ذات الوجود العربي الكثيف، اختفت مع تواصل إجراءات الحجر الذي فرضته جائحة كورونا، أما المطاعم والمحلات المفتوحة فهي قليلة وتعتمد على بيع الوجبات الجاهزة والمواد الغذائية، وتلتزم بالتعليمات الوقائية أثناء التعامل مع الزبائن، الذين باتوا رقماً لا يذكر مقارنة مع كل عام.
يشار إلى أن عدد المسلمين في فرنسا يقدر بنحو 5.9 مليون نسمة غالبيتهم من العرب، وهو أكبر تجمع للمسلمين في الدول الأوروبية، يشكلون نحو 8.9 % من عدد سكان فرنسا.