تعليمتقارير
أخر الأخبار

لغتي هويتي.. بمناهج بسيطة مهندس سوري يعلم اللغة العربية للهولنديين

مضر عدس – هولندا

بإمكانيات بسيطة وبمنهج خاص يحاول المهندس السوري “ماهر لقموش” أن ينقل لغته الأم “اللغة العربية”، إلى الهولنديين الراغبين بتعلمها، وأبناء العرب ممن ولدوا وعاشوا طوال حياتهم في هولندا.

بدأ “لقموش” بتعليم اللغة العربية باتفاق متبادل مع سيدتين هولنديتين، اذ يدرسهم العربية مقابل أن يتعلم الهولندية منهما، كان ذلك في العام 2017، ومع الأيام ازداد عدد الطلاب الراغبين في تعلم العربية على يديه مما اضطره للعمل بشكل رسمي مع منظمة “بوست” التى تعنى بنشاطات مشتركة بين اللاجئين وسكان أمستردام.

وعن عمله مع المنظمات الهولندية يقول“ماهر” لـ “أخبار العربي في أوروبا”: “قبل سنتين من الآن بدأت تدريس اللغة العربية في منظمة “بووست” بشكل تطوعي، وكان أعمار طلابي يتراوح بين العشرين والخمسين، وبعد ستة أشهر طلب مني أحد الأصدقاء التدريس في منظمة أخرى تدعى “دينمو” والتي تجذب الطلاب فوق سن الخمسين، وبالفعل لبيت النداء والآن عندي أسبوعياً درس مع كل جهة”.

المناهج قديمة..

الحفاظ على اللغة العربية له دور في عمل “لقموش” فيقول: “تعتبر اللغة العربية باجماع كل لغويّ العالم هي اللغة الأقوى والأقدر على استيعاب مفردات العصر، إضافة لما فيها من إمكانية في اختصار معاني متعددة في كلمة أو جملة واحدة، هذا بالإضافة إلى مفرداتها التي تتجاوز اثني عشر مليون مفردة”.مشيراً إلى أنها “لغة يتكلمها نصف مليار إنسان، وثلث العالم يتعبد بها كونها لغة القران الكريم، ولكن للأسف يفرض القوي ثقافته ولغته، وعلى الرغم من كل النكبات والهزائم التي مرّت بنا، إلا انه يجب أن نحيّ هذه اللغة خصيصاً وقد خلدها القرآن الكريم، ولذلك أشعر بالأسى عندما أرى الأجيال المتلاحقة من العرب في أوروبا يتخلون عن ثقافتهم ولغتهم”.

تعتبر مناهج تعليم اللغة العربية المشكلة الأكبر التي يواجهها “لقموش” أثناء التدريس، وفي هذا السياق يوضح أن “مناهج تعليم اللغة العربية للأسف لا تزال قديمة ولا تتناسب مع متطلبات العصر، ولا تحتوي على خبرات ومعارف موجهة لغير الناطقين بها”. مضيفا: “تعلمت اللغة الهولندية لحظة وصولي إلى هولندا، وقد أعجبت كثيراً بالمناهج التي وضعها خبراء لغويون خصيصا لغير الناطقين بها، وقد بحثت عن مناهج مشابهة في العربية، وبالفعل اضطلعت على الكثير من هذه المناهج وللآن لم أجد ما يناسب”.

وعن المشاكل التي يعانيها، يشرح“لقموش”: اضطررت لتعليم اللغة العربية باستخدام منهاج خاص بي، أنا أنجزته، ويعتمد المنهاج في أساسه على تعليم لغة حديثة فصحى وبسيطة بعيداً عن الأسلوب الكلاسيكي وعن اللهجات المحكية، بالإضافة لتعليم الطالب ما يحتاجه في الحياة العامة والتأكيد على إتقانه القراءة والكتابة، ولكن في مراحل متقدمة إن أراد الطالب أن يتعلم القواعد العربية المعقدة أدرسه إياها على حسب رغبته بمستوى اتقان اللغة، وأكثر ما حاولت تقديمه في منهاجي هو الابتعاد عن الأثر الديني في تعليم اللغة العربية، إذ أن هذا الأسلوب ينفر الأجانب”.

التعليم في زمن الكورونا

يضم الصف الواحد ثماني طلاب متعددي الجنسية، منهم العرب المغاربة ومنهم الأتراك ومنهم الهولنديون بالإضافة لبعض الجنسيات القليلة الأخرى، وعلى الرغم من تواجدهم لسبب واحد وهو تعلم العربية إلا أن هدف الدراسة يختلف بحسب “لقموش” فيقول: “منهم من يريد التعرف على الثقافة العربية أو يفضل العمل في إحدى الدول العربية، ومنهم من يريد تعلم القرآن أو لديه علاقات عاطفية أو صداقة مع عرب، ومنهم من يريد تعلم اللغة كهواية وغالبيتهم من الهولنديين كبار السن الذين يتعلمونها من أجل تنشيط أدمغتهم وإضافة الحيوية لحياتهم”.

المهندس “لقموش”، القادم إلى هولندا من مدينة ادلب في العالم 2015، أكثر ما يؤلمه هو الطلاب من أبناء الجالية العربية والذين لا يتكلمون لغتهم الأم إطلاقاً، فقد “فصلهم أباؤهم عن جذورهم” ويشعر بأنه يقدم خدمة كبيرة في تعليمهم لهؤلاء الطلبة.. فيقول: “قد يكون عدد المستفيدين الآن قليل ولكن الخطة أن تتحول هذه الدروس لمشروع كبير في المستقبل”.

يواصل “ماهر لقموش” تعليم اللغة العربية أثناء أزمة “كورونا الجديد” للطلبة الراغبين بمواصلة الدروس وذلك عبر الانترنت، عن طريق برنامج التواصل “زووم”، اذ ماتزال منظمتي “البوست” و “دومينو” تقدمان خدماتهما التعليمية للمهتمين عبر الانترنت.

الوجه المشرق للعرب..

“من لا يحب لغته الأم فهو كسمكة نتنة” من هذه المقولة لـ”خوسية روزال” يقول “لقموش”: ” علينا أن نوفر الجهود الحقيقية في المستقبل وذلك لتعزيز وجود اللغة العربية في المنطقة، واحدة من أكثر اللغات محكية إلا أنها لا تدرس في هولندا بشكل رسمي، وذلك على الرغم من تزايد أعداد الجالية العربية في البلاد، ولذلك أطمح أن أحافظ عليها ولو بجهود فردية بالوقت الحالي، على أمل أن يصبح تدريسها في هولندا رسمياً بجهود جماعية من الجالية العربية هنا”

ويؤكد “لقموش” أن أي مشروع يقدم الوجه المشرق للعرب هو المشروع الأفضل، ويضيف: “نحن لم نأتي من فراغ، صحيح بأن الهزائم المتلاحقة سببت في الوطن العربي مشاكل نفسية دفعة البعض من أبنائه المغتربين في أوروبا للهروب من هويتهم الخاصة، إلا أن إمكانية الحفاظ عليها لا تزال قائمة، ولذلك يعتبر مشروع تعليم اللغة العربية هو مشروعي الأهم والمستقبلي في هولندا”.

مدرس العربية “ماهر لقموش” يختم بالقول: ” أتمنى أن أستطيع أن أنشئ مركز لتعليم اللغة والتعريف بالثقافة العربية مع بلدية امستردام، وكتابة منهج لتعليم اللغة العربية بشكل سلس ومعاصر يساعد أي راغبي التعلم أن يسهل له الطريق، وأنا على ثقة بأن الأوروبيين مهتمون بمعرفة الثقافة العربية، فهم يحاولون استيعابنا في بلدانهم عن طريق معرفة أسلوبنا في التفكير”.

يحمل “ماهر لقموش” بكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة تشرين حصل عليها في العام 1987، وقد حصل على شهادة الماجستر في الدراسات الإسلامية في العام 2010، وأنهى مؤخراً كتابة رسالة الدكتوراة في الدراسات الإسلامية المعاصرة وهو ينتظر الآن المناقشة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى