أخبار العرب في أوروبا- فرنسا
تحول شاب سوري وصل إلى فرنسا لاجئا قبل نحو عامين هربا من الحرب الدائرة في بلاده، من عامل لتوصيل الطالبات في محل لبيع المواد الغذائية إلى”ممرض متفرغ” لرعاية مُسنة تعيش لوحدها في مدينة “كولمار” في مقاطعة الألزاس شرقي فرنسا.
لم يهتم هذا الشاب لوضعه في العمل، بقدر اهتمامه بالعمل الإنساني اتجاه هذه العجوز التي كانت في وضع بائس، لكن الوضع اختلف بعد أن وجدت فيه الابن والممرض والمساعد .
القصة بدأت حين وجدت المُسنة الفرنسية نفسها، محاصرة بالأمراض المزمنة التي تعاني منها وبالوحدة نتيجة احتجاز نجلها الوحيد في العاصمة الإسبانية مدريد، بعد إغلاق الحدود إثر انتشار جائحة كورونا، ليقوم الشاب “سامر تحسين” البالغ 27 عاماً، بعمل إنساني على مدى 55 يوماً دون كلل أو ملل، ودون مقابل مادي، قدم خلالها وعلى مدى تلك الأيام، الرعاية الكاملة للعجوز واضعا نفسه مكان نجلها وتاركا عمله غير مهتم بأي شيء، إلا الإنسانية.
العجوز “إديث ديتريش” البالغة 81 عاماً قالت في تصريح صحفي:”وجدت نفسي محاصرة، الجميع منشغلون بالوباء، ليس أي وباء، إنه وباء يقصدنا( كبار السن)، لم أخف، لكني خشيت فقط أن أموت وحدي ولا يكتشف أحد أمري، لاسيما أن نجلي الوحيد كان في مدريد، ولم يتمكن من العودة. كان انشغالي ينصب حول مسألة الموت وحدي”.
وأضافت:” في 19 مارس (آذار) اتصلت هاتفياً بمحل تجاري مجاور لي وطلبت منهم بعض المواد الغذائية، فقالوا لي سنرسلها لكِ، وبعد قليل من الوقت دق الباب، وجدت أمامي شاباً تبدو ملامحة أنه من أصول عربية، قال لي بلهجة تكشف بوضوح أصوله غير الفرنسية.. طلباتك”.
تقول العجوز، لقد وجدني هذا الشاب في حالة نفسية سيئة، قلت له “هل تحضر لي أدوية من الصيدلية؟” أجاب بالتأكيد، وبالفعل ذهب وأحضرها، فوجدته يسألني “هل أنتِ هنا وحدك؟” قلت له نعم، ثم أخذ المال مقابل ما أحضره لي من أغراض وانصرف.
تتابع العجوز” ديتريش” في سرد قصتها:” في اليوم التالي دق باب المنزل فجأة وإذ بالشاب نفسه يسألني هل تحتاجين لشيء؟، شكرته بامتنان، وأعطاني رقم هاتفه وطلب مني أن اتصل به في أي وقت لو احتجت لأي شيء.
وأردفت قائلة: “بعد يومين اتصلت به كنت متعبة جداً، حيث أعاني من تضخم في القلب ومن ارتفاع ضغط الدم المزمن، قلت له أني مريضة وخشيت الموت وحدي، وبعد دقائق كان أمامي، ومنذ ذلك الوقت جلس معي ولم يغادر”.
تؤكد العجوز أن الشاب “سامر” قام برعاية شؤونها بالكامل، من طعام وقضاء طلباتها، حتى غسل الملابس، مشيرة إلى أن ابنها”شارل” كان يتواصل مع الشاب إلى أن جاء من مدريد يوم الثلاثاء الماضي. وقالت إن “الشاب رفض أي مكافأة أو مقابل مادي، وغادر المنزل لكننا لن نتركه، فأنا مدينة له بحياتي”.
اقرأ أيضا: مهاجر جزائري ينقذ حياة مُسنة فرنسية
أما بالنسبة للشاب “سامر” فقال : “لم أفعل إلا الواجب الإنساني، اعتبرت هذه السيدة الوحيدة أمي، فعلت الواجب فقط، ولم أفعل ما يستحق الشكر”.
حالة اللاجئ السوري”سامر”، تعد واحدة من بين عشرات الحالات في فرنسا وأوروبا، التي تعكس الجانب الإيجابي للشباب العربي اتجاه مساعدة الآخرين، لا سيما كبار السن.
ومن بين تلك الحالات ما قام به مهاجر جزائري نهاية الشهر الماضي، وهو شاب لا يملك أوراق رسمية في فرنسا رغم أنه يقيم فيها منذ 10 سنوات، حيث تمكن من إنقاذ حياة امرأة تسعينية، عندما سمعها تستنجد بعد أن نشب حريق داخل شقتها في الدور الرابع في بلدة صغيرة قرب مدينة “نيم” جنوبي فرنسا.