انطباعات من العراق.. اكتشاف بيت “التوتونجي” في المعهد الثقافي العربي في برلين
أخبار العرب في أوروبا – برلين
أقام المعهد الثقافي العربي في العاصمة الألمانية “برلين”، ندوة حوارية لخبيرة الآثار الشرقية الألمانية، “سوزانا أوستهوف”، وذلك للحديث عن الدمار والتخريب الذي لحق بكنوز العراق التاريخية وتراثه العربي والإسلامي وإمبراطورياته السومرية والبابلية والآشورية.
خبيرة الآثار الألمانية “أوستهوف” التي عملت لفترات مختلفة في العراق أكدت على الأهمية الحضارية لإرث بلاد وادي الرافدين ودوره الإبداعي في رفد الثقافة الإنسانية ومساهماتها في النقلات التاريخية التطورية. مشيرة إلى أن “اختراع الكتابة والدولاب ووضع القوانين والابداعات الهندسية في الري والزراعة والبناء ليست سوى أمثلة على ذلك في بعض المجالات”.
روح العروبة والاسلام..
وتحدثت “أوستهوف” عن الدمار الذي لحق بالتاريخ الحضاري للعراق بعد الغزو والعدوان الذي تعرض له خلال السنوات الماضية، لافتة إلى أنها” شاركت من خلال عملها في إعادة اعمار بعض ما دمره الغزاة الحاقدين”.
في هذا السياق، وانطلاقا من تخصصها، تمكنت الخبيرة الألمانية من الحصول على دعم لإعادة اعمار واحد من أقدم البيوت الموصلية “بيت التوتونجي” الذي يحمل في تصميم بنائه وزخرفة جدرانه وبراعة معماره في غرفه وأواوينه وشرفاته، هوية حضارية عاشت في روحها بين العروبة والإسلام والقيم الاجتماعية والظروف البيئية والمناخية.
يذكر أن “بيت التوتونجي”، الواقع في مركز مدينة الموصل القديمة، تزيد مساحته عن ٦٠٠ متر مربع، وتم بناؤه في العام ١٨١٥، حتى أصابته تخريباً قذائف الغزوات الهمجية للعراق.
وعرضت الخبيرة “اوستهوف” في محاضرتها ما وثقته من أعمال إعادة الإعمار لبيت “التوتونجي”، الذي أصبح في ملكية لهيئة التراث العراقية، وذلك من خلال شرح مفصل معزز بأفلام وصور وخرائط.
من جانبه، أدار رئيس المعهد الثقافي في برلين الدكتور “نزار محمود” حلقة النقاش في ختام الندوة التي شارك فيها نخبة من المهتمين بالشأن الحضاري العراقي من عرب وألمان.
وتأسس المعهد الثقافي العربي في برلين كجمعية ذات نفع عام من قبل مجموعة من العرب والألمان المهتمين بشؤون الجالية العربية والثقافة والعلاقات العربية في العام 1998 بعد تسجيله رسمياً لدى المحكمة الألمانية المختصة في برلين.
الهوية والاندماج..
ومنذ تأسيسه عمل المعهد وفق رؤية وفلسفة عمل في فهمه الخاص لقضيتي الإندماج الايجابي الفاعل لأبناء الجاليات العربية وأهمية الحفاظ على هويتهم ودورهم الحضاري المتفاعل مع ثقافة المجتمع الألماني دون عزلة أو ذوبان، فكان للمعهد بهذا الخصوص عمله وفق المقولة “الاندماج المحافظ على الهوية، والهوية القابلة للإندماج”.
الدكتور “نزار محمود” مدير المعهد الثقافي العربي قال لـ”أخبار العرب في أوروبا”: إن “المعهد يهدف إلى دعم الاندماج الإيجابي المحافظ على الهوية للمواطنين من أصل عربي في جميع مجالات الحياة السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، وتعزيز دور أبناء الجالية العربية في المجتمع الألماني من خلال المشاريع والفعاليات التشغيلية والتأهيلية والتدريبية والتعليمية والإعلامية المختلفة”.
وأضاف “محمود”: “نعمل للمشاركة الفاعلة والواعية في نشاطات وفعاليات الحفاظ على الهوية في إطارها الإنساني وخصوصياتها الثقافية والحضارية التي لا تتناقض مع الإندماج، وذلك من خلال اللقاءات والحوارات والمحاضرات والكتابة وتنظيم تعليم اللغة العربية وغيرها من النشاطات والفعاليات”.
كما أشار مدير المعهد: إلى أن “المعهد ساهم في الإغناء الثقافي والحضاري للمجتمع الألماني من خلال النشاطات والفعاليات الثقافية والفنية كإقامة الأمسيات والمعارض والعروض السينمائية والندوات والمحاضرات وورش العمل والكتابة والدراسة والبحث والترجمة وغيرها، ودعم التعاون العلمي والثقافي بين ألمانيا والعالم العربي. و نظم عدداً من الأسابيع الثقافية العربية التي اشتملت على العديد من الفعاليات والنشاطات الفكرية والثقافية والفنية والتي حملت شعارات: نهضة، وثبة، نظرة، خطوة. شارك في تلك الأسابيع العشرات من المثقفين والكتاب والفنانين من عرب والمان ومن داخل وخارج ألمانيا.
يذكر أن المعهد أصدر العديد من المجلات مثل: (ألمانيا، بابل، أوراق عربية، حوارات). وساهم في تشجيع تعلم اللغة العربية، ونشر العشرات من المقالات والقيام ببعض الدراسات حول الثقافة العربية وخصوصياتها لدى الجالية العربية وتفعيل دورها الحضاري.