الموجة الثانية تضرب المعنويات الاقتصادية لمنطقة اليورو
أخبار العرب في أوروبا- عواصم
تسببت الموجة الثانية من وباء كورونا في تراجع المعنويات الاقتصادية في منطقة اليورو خلال الشهر الجاري، للمرة الأولى في 7 أشهر، جاء ذلك بسبب الإغلاقات التي شهدتها العديد من دول المنطقة التي تكافح من أجل الخروج من هذه الموجة بأقل الخسائر.
وبحسب تقارير اقتصادية أوروبية فإن المعنويات تراجعت في جميع القطاعات، خاصة تلك الأكثر تضررا من إجراءات الإغلاق مثل الخدمات والتجزئة.
وكان المسح الشهري للمفوضية الأوروبية الذي صدر قبل أيام، قد أظهر أن معنويات دول المنطقة الـ19 دولة تراجعت إلى 87.6 نقطة من 91.1 في تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وهو أعلى قليلا من توقعات السوق لتراجع إلى 86.5 نقطة.
وعادة يجرى المسح في أول أسبوعين أو ثلاثة من الشهر، ما يعني أنها متصلة بالمعنويات بعد الإعلان عن سلسلة من إجراءات الإغلاق، بما في ذلك أكبر اقتصادين في منطقة اليورو ألمانيا وفرنسا.
تراجع معنويات المستهلكين وقطاع الخدمات
تأثير الموجة الثانية وصل إلى معنويات المستهلكين وقطاع الخدمات في دول المنطقة، حيث هبطت المعنويات لدى المستهلكين إلى سالب 17.6 خلال هذا الشهر من سالب 15.5 في تشرين الأول/أكتوبر، وهو ما يتفق مع تقديرات أولية صدرت الأسبوع الماضي.
كذلك فإن المعنويات في قطاع الخدمات، وهو الأكبر في اقتصاد منطقة اليورو بإنتاجه نحو الثلثين من الناتج المحلي الإجمالي، فقد تراجعت إلى سالب 17.3 من سالب 12.1.
وفي قطاع الصناعة تراجع إلى سالب 10.1 من سالب 9.2، بما يزيد قليلا عن توقعات بانخفاض إلى سالب 10.5، كما انخفضت توقعات التضخم في قطاع الصناعة إلى 0.2 نقطة من 0.7.
يأتي ذلك في وقت أكد فيه “ماتيوز مورافيسكي رئيس الوزراء” البولندي خلال محادثة عبر الفيديو مع المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل” عزمه عرقلة ميزانية الاتحاد الأوروبي ومساعدات كورونا باستخدام حق النقض “الفيتو” إذا لزم الأمر.
والأسبوع الماضي عرقلت بولندا والمجر قرارا حاسما بشأن ميزانية الاتحاد احتجاجا على آلية جديدة مزمعة تنص على خفض أموال الاتحاد الأوروبي في حال حدوث انتهاكات معينة لسيادة القانون من دولة عضو في الاتحاد.
وتهدد هذه العرقلة بتأخير حزمة بقيمة 1.8 تريليون يورو، التي تشمل أيضا مساعدات لمواجهة كورونا تصل إلى 750 مليار يورو. وتشعر حكومتا الدولتين بأن سيادتهما ستصبح مقيدة بهذه الآلية الجديدة.
المركزي الأوروبي يحذر
مع سعي حكومات المنطقة للحد من الخسائر الاقتصادية والإسراع في انهاء دعم الشركات، فإن البنك المركزي الأوروبي أطلق قبل أيام تحذيرا من القيام بهذه الخطوة، مؤكدا أن أي وقف مبكر للدعم بالنسبة للشركات المتضررة من الجائحة سيتكون نتائجه سلبية جدا على اقتصاد المنطقة.
وقال البنك في تقريره الفصلي الأخير لهذا العام الأسبوع الماضي:”إذا توقف هذا الدعم فجأة فإن الشركات الأكثر تضررا من جراء القيود مثل قطاع المطاعم يمكن أن تواجه مشاكل مالية خطرة أو خللا دائما في نماذجها الاقتصادية، حتى وأن كان بقية الاقتصاد يتعافى”.
وأكد بأن “التوقف المبكر قد يؤخر الانتعاش ويعجل تعثر الشركات المتضررة من القيود”.
وذكر في تقريره حول الاستقرار المالي، أنه بعد قيام الحكومات بالإفراج عن مليارات اليوروهات كمساعدات طارئة لدعم الاقتصاد “يمكن أن يؤدي وقفها المفاجىء إلى انكماش اقتصادي أشد مما حدث خلال الموجة الأولى من الوباء”.
وشدد بأن الإجراءات تشمل المساعدة خصوصا الضمانات العامة على القروض المصرفية ووقف سدادها، بالإضافة إلى مساعدات البطالة الجزئية وتأجيل الرسوم لبعض القطاعات.
واعتبر بأن خطر حصول خلل “يتفاقم” بفعل أن العديد من الشركات والأسر وكذلك الدول، تجد نفسها مثقلة بالديون في أعقاب الموجة الأولى من الوباء.
وكان البنك المركزي ذكر في تقرير سابق له صدر في أيار/ مايو الماضي، أن مخاطر انفجار منطقة اليورو يمكن أن تظهر مع ارتفاع كبير للدين العام في غالبية الدول لمواجهة تداعيات الوباء.
انكماش حاد
خلال تشرين الثاني/نوفمبر الجاري سجلت أنشطة الأعمال في منطقة اليورو انكماشا حادا، حيث أجبرت إجراءات العزل العديد من الشركات العاملة بقطاع الخدمات على إغلاق أبوابها مؤقتا.
ووفقا لاستطاع قامت به وكالة “رويترز” الأسبوع الماضي، أشار إلى أن “اقتصاد الكتلة في سبيله لتسجيل ركود مع اجتياح الموجة الثانية من فيروس كورونا”.
وكانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي “كريستين لاغارد” قالت قبل أيام، إن البنك بصدد تقديم حزمة تحفيزية نقدية إضافية خلال كانون الاول/ ديسمبر المقبل، مشددة على ضرورة توفير حكومات دول الاتحاد حزم المساعدة لمواجهة أزمة فيروس كورونا بدون تأخير.
اقرأ أيضا: اقتصاد منطقة اليورو ما بين الجائحة وشبح الانكماش
واليوم السبت، نقل عن نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي”لويس دي جويندوس” في حديث لصحيفة “هيلسينجين سانومات” الفنلندية قوله، إن “التضخم سيكون سلبيا حتى نهاية العام ونتوقع أن يكون إيجابيا العام المقبل”.
وأضاف”بشكل عام نتوقع أن يقترب التضخم من 1% في عام 2021 وأن نراه يرتفع نحو 1.2% أو 1.3% في عام 2022″.
يشار إلى أنه من المقرر أن يكشف البنك المركزي الأوروبي عن توقعاته الجديدة في 10 الشهر المقبل، إلى جانب حزمة تحفيز جديدة.
وسبق أن ذكرت تقارير اقتصادية أوروبية أنه بالرغم من النظرة السلبية لاقتصاد منطقة اليورو على مدى المنظور، إلا أن إعلان عدة شركات عالمية عن الوصول إلى لقاح ضد فيروس كورونا، قد يقلب التوقعات نحو الإيجابية خلال الفترة المقبلة بعد حملات التطعيم وإنهاء الإغلاقات في دول اليورو.