أخبار العرب في أوروبا- جنيف
أصدر مرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان التي يتخذ من جنيف مقرا له أمس الخميس، بيانا دعا فيه السلطات الدنماركية إلى ضرورة إعادة النظر على نحو عاجل في قرار إعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم، مشددا على أن اعتبار السلطات الدنماركية سوريا “مكانا آمنا يعد قرارا خطيرا وغير إنساني”.
وكانت الدنمارك ألغت خلال الشهر الماضيين تصاريح الإقامة لنحو 150 لاجئا سوريا، في وقت تعيد النظر في تصاريح 900 لاجئ سوري ينحدرون من العاصمة دمشق ومحيطها.
وتعبر السلطات الدنماركية محافظة دمشق ومحافظة ريف دمشق “غير خطرة” وبالتالي لا يمكن “منح الحماية الدولية للأشخاص القادمين من هذه المناطق السورية”.
ورغم أن السلطات الدنماركية لا تقوم بترحيل اللاجئين السوريين على الفور، لكنها بصدد ترحليهم إلى معسكرات في ظروف معيشية صعبة لإجبارهم على طلب العودة إلى سوريا بشكل طوعي.
وأكد المرصد في بيانه أن قرارا صدر بعد تقرير لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة بشأن سوريا “أكد أن البلاد ما تزال تحت وطـأة الحرب والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان”.
وكان تقرير الأمم المتحدة قد ذكر بأن “الحجم الهائل لسياسات وأفعال الحكومة (النظام) ونطاقها واتساقها، التي تبَّين للجنة أنها ترقى إلى حد جرائم ضد الإنسانية، قد استمر دون هوادة طوال عشر سنوات تقريبا دون أي دلالة على أن الحكومة تعتزم التوقف عن هذه الممارسات”.
في هذا السياق، ذكر مرصد الأورومتوسطي أن ما يحسم الجدل عند تحديد ما إذا كانت الظروف في دمشق وما حولها قد تغيرت بشكل كبير لتبرير عدم الحاجة للحماية الدولية هو ما إذا كان يمكن للاجئ “الاستظلال بحماية بلده الأصلي” كما هو منصوص عليه في اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
وأشار إلى أن لجنة التحقيق الأممية بّينت بما لا يدع مجا لا للشك أن هذه الحماية بعيدة كل البعد عن أن تكون متاحة، إذ إن الحكومة والأطراف المتحاربة الأخرى ليسوا مستعدين ولا قادرين على محاسبة الجناة بطريقة تتوافق مع المعايير الدولية.
وذكر بيان المرصد أنه “من المؤشرات الأساسية التي توضح ما إذا كانت الدولة تعمل وكيف تعمل هو الوضع العام لحقوق الإنسان، بدءا من الحق الأساسي في الحياة والحرية وحظر التعذيب. ولكن، بحسب لجنة التحقيق، ما يزال عشرات الآلاف من المدنيين محرومين بشكل غير قانوني من حريتهم، بينما يتعرض آلاف آخرون للتعذيب أو العنف الجنسي أو الموت أثناء الاحتجاز”.
وأوضح أن “معظم اللاجئين السوريين الذين تم إلغاء تصاريح إقامتهم أو سيتم إلغاؤها قد أعادوا بناء حياتهم بالفعل في الدنمارك منذ عدة سنوات، إذ درسوا وعملوا واندمجوا في المجتمع الدنماركي، ما يشير إلى أ ن السياسة الجديدة ستهدد الوضع القائم لهؤلاء اللاجئين الذين ط وروا، بفضل إقامتهم الطويلة، روابط أسرية واجتماعية واقتصادية قوية في البلاد”.
كما حذر من أن أولئك اللاجئين قد ينتهي بهم المطاف بالعيش في معسكرات التّرحيل في الدنمارك لسنوات طويلة نظًرا لأنها ترفض التفاوض أو التعاون مع النظام السوري، ولا يمكنها إعادة اللاجئين السورّيين قسراً، إذا رفضوا العودة طواعية.
في هذا السياق، قالت الباحثة في شؤون الهجرة في المرصد الأورومتوسطي ميشيلا بولييزي إن “هذه السياسة تبدو بعيدة كل البعد عن إيجاد حل دائم علاوة على أنّها تعطل رحيل إذا رفضوا العودة إلى سوريا التي مزقتها الحرب”، معتبرة بأن قرار إلغاء حالة اللجوء وتصاريح الإقامة عن اللاجئين وطالبي اللجوء السوريين “الذي لا يستند على أسس كافية، لن يؤدي إلا إلى خلق مناخ من عدم اليقين والخوف بين اللاجئين، مما سيهدد اندماجهم في الدنمارك بشكل كبير”.
ودعت الباحثة الدنمارك إلى احترام وإعمال الحق في طلب اللجوء والتمتع به والمبدأ الأساسي لعدم الإعادة القسرية والامتناع عن إجراء أي مراجعات سابقة لأوانها لاحتياجات حماية اللاجئين السوريين والمواءمة مع بنود التوقف الواردة في المادة (ج1) من اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين.
اقرأ أيضا: وفاة لاجئ سوري بعد تلقيه قرارا بسحب إقامته في الدنمارك وترحيله إلى بلده
إلى جانب ذلك، طالب المرصد الحقوقي من الحكومة الدنماركية “التأكد قبل إجراءات إلغاء اللجوء من أن الظروف في سوريا قد تغّيرت بشكل دائم من خلال معلومات من الهيئات ذات الصلة، من أجل ضمان موضوعية وعدالة إجراءاتها التي تتضمن إلغاء حالة اللجوء”، وحث المرصد الدنمارك على الانضمام إلى جميع قوانين الّلجوء في الاتحاد الأوروبي ونظام الّلجوء الأوروبي المشترك.
ويقيم في الدنمارك نحو 27 ألف لاجئ سوري وصل معظمهم ما بين العام 2013 و2016، من أصل قرابة 7 ملايين لاجئ سوري توزعوا على 130 دول في العالم، هربا من الحرب الدائرة في بلادهم منذ نحو عقد شنها النظام السوري ضد المدنيين بعد ثورة شعبية سلمية ضد نظام حكم “بشار الأسد” ما لبث أن تحولت لثورة مسلحة على وقع قمع وقتل المتظاهرين على يد قوات أمن النظام.
يذكر أن الدنمارك هي أول دولة من الاتحاد الأوروبي تعيد اللاجئين السوريين بزعم أن سوريا لم تعد خطرة، وهو ما يتوافق مع أهداف رئيسة الوزراء الدنماركية ميتي فريدريكسون التي لا تخفي نّية بلادها الوصول إلى درجة “صفر طلب لجوء”، في الوقت الذي تشهد البلاد أقل عدد من طلبات اللجوء منذ عام 1998.