أخبار العرب في أوروبا – اليونان
من المقرر أن يحاكم القضاء في جزيرة ليسبوس اليونانية غدا الخميس، سباحة سورية لاجئة و23 متطوعا شاركوا في عمليات إنقاذ مهاجرين في اليونان أثناء أزمة اللجوء منتصف عام 2015 كذلك في السنوات اللاحقة، بتهمة المساعدة على “الهجرة غير القانونية”.
وهي قضية يعتبرها البرلمان الأوروبي وفقا لتقرير صدره عنه في يونيو/ حزيران الماضي، بأنها “الأهمّ حاليا لتجريم التضامن في أوروبا”.
ومن المقرر أن تتم محاكمة 24 منتسبا إلى “مركز الاستجابة للطوارئ الدولي” وهو عبارة عن مجموعة بحثٍ وإنقاذ غير ربحية عملت في جزيرة ليسفوس اليونانية بين عامي 2016 و2018، حيث يواجهون الآن عقوبة قد تصل إلى 8 سنوات في السجن عندما تبدأ محاكمتهم يوم غد الخميس.
ومن بين المدعى عليهم، الشابة السورية “سارة مرديني” التي تعيش حاليا في ألمانيا كلاجئة، وعرفت بإنقاذها مهاجرين من بحر إيجه مع شقيقتها السباحة الأولمبية “يسرى” وشاب إيرلندي يُدعى “شون بايندر”.
وشون البالغ من العمر 26 عاما كان ضمن مجموعة من العاملين في مجال الإغاثة الذين هرعوا إلى اليونان في ذروة أزمة اللاجئين للمساعدة في إنقاذهم.
وقال بايندر في حديثه لصحيفة “الأوبزرفر” الفرنسية: “لا توجد شبهة جريمة أو حتى بطولة في إنقاذ الناس من الغرق في البحر، إنه ببساطة ما يجب عمله من الناحية الأخلاقية والقانونية والإنسانية”.
وأوقف بايندر ومارديني ووُضعا في الحبس الاحتياطي لحوالى 100 يوم عام 2018 وكانا يبلغان آنذاك 23 و25 عاما، قبل أن يتمّ الإفراج عنهما بكفالة ويغادرا فورا اليونان. وقال محاميهما هاريس بيتسيكوس لوكالة فرانس برس إنهما يواجهان عقوبة السجن خمس سنوات.
كما يحاكم أيضا عضوان في منظمة “المركز الدولي للاستجابة للطوارئ” (ايمرجنسي ريسبونس سنتر انترناشونال) التي كانت تنشط في بحر ايجه حتى 2018. وتمّت ملاحقتهما مع المتطوّعين الآخرين بتهمة “المشاركة في منظمة إجرامية” للمساعدة على “الهجرة غير القانونية”.
وبحسب القرار الاتهامي، فإن أعضاء هذه المنظمة كانوا يقدّمون “مساعدة مباشرة لشبكات تنظّم تهريب مهاجرين” بين 2016 و2018، عبر الاستعلام مسبقا عن وصولهم إلى الجزر وتنظيم استقبالهم بدون تبليغ السلطات.
وفي تقرير مؤلف من 86 صفحة، تتهم الشرطة اليونانية المتطوعين أيضا بأنهم أعضاء في منظمة إجرامية قدمت نفسها كمنظمة غير حكومية بهدف التربح من خلال جلب أشخاص بشكل غير قانوني إلى اليونان. جاءت الاتهامات عقب تحقيق للشرطة استمر ستة أشهر، وصفته جماعات حقوقية بأنه “هزلي”.
كذلك بحسب ما أفادت وكالة “رويترز” فإن عمال الإغاثة يواجهون أيضا تهما جنائية تشمل تهريب أشخاص، والانتماء إلى جماعة إجرامية، وغسل الأموال، وهي تهم يُعاقب عليها بالسجن 25 عاما وفقا للقوانين في اليونان.
وكانت منظمة العفو الدولية قد أصدرت الاثنين، بيانا ذكرت فيه أن 2 من متطوعي “مركز الاستجابة للطوارئ الدولي”، يواجهان خطر السجن لمدة ربع قرن لمساعدتهما اللاجئين، مشيرة إلى أنهما كلٌّ من السباحة السورية، سارة مارديني، والأيرلندي شون بيندر.
بيان العفو الدولية، ذكر أن الأمور لم تقف عند هذا الحد وإنما تعدته لدى السلطات اليونانية التي رفضت رفع حظر السفر عن سارة مارديني، وهي غير قادرة على حضور محاكمتها.
اقرأ أيضا: وفاة 10 مهاجرين وإنقاذ نحو 100 آخرين قبالة سواحل ليبيا
وأشار البيان إلى دور سارة التي وصلت إلى جزيرة “ليسفوس” اليونانية كلاجئة في عام 2015، عندما تعطل محرك القارب الذي كانت تستقله، إذ أنقذت مع شقيقتها”يسرا” قرابة 18 راكبا من زملائها من خلال جر القارب الغارق إلى بر الأمان، ثم عادت إلى اليونان وتطوعت في منظمة بحث وإنقاذ يونانية، وهناك التقت بـيندر” وهو غواص مدرب.
بيد أن المحامي بيتسيكوس أوضح أن تهمتَي “المشاركة في منظمة اجرامية” و”انتهاك أسرار الدولة” اللتين تعرضهم لعقوبة السجن المؤبّد، “لا تزالان موضع تحقيق” مشيرا إلى أنه “قد تكون هناك محاكمة منفصلة” لهاتين التهمتين.
ونظرا لخطورة التهم، قام الفريق القانوني بالاتصال بنقابات المحامين في أمريكا وبريطانيا للحصول على المشورة. “لقد درسوا ملف القضية وخلصوا إلى أنه لا يوجد أساس قانوني للاتهامات، وأن هدفها هو ردع المتطوعين”، يقول المحامي بيتسيكوس .
وكشفت العفو الدولية أن سارة مارديني لن تكون موجودة الخميس في جزيرة ليسبوس إذ أن السلطات اليونانية رفضت رفع منع دخولها إلى البلاد.
وقالت الشابة السورية في مقطع فيديو نشرته منظمة العفو الدولية “على الأقلّ لم نعد قيد الاعتقال”، لكننا “نريد أن ينتهي ذلك. نحن مرهقون جدا” بعد هذه السنوات الثلاث “القاتمة”.
وأضافت خلال وصفها عملية توقيفها عام 2018، “اعتقدت أنني في لعبة شطرنج ونحن كنّا فيها بيادق وكانوا يلعبون بنا”.
في المقابل، سيكون شون بايندر متواجدا في ليسبوس. وتحدث في فيديو منظمة العفو الدولية عن توقيفه، موضحا إلى أي مدى كان “فظيعا” أن يكون مسجونا “فقط لمحاولة مساعدة الناس”.
جدير بالذكر أن “سارة مارديني” وشقيقتها “يسرى”، تم اختيارهما في منتخب اللاجئين الأولمبي في أولمبياد اعوام 2016 و2020، ووصلتا في أغسطس/آب 2015 إلى جزيرة ليسبوس قادمتين من السواحل التركية، ووقتها أنقذتا 18 مهاجرا حين كان مركبهم يواجه صعوبة في الإبحار في بحر إيجه وقادتا إلى الشاطئ اليوناني.