بعد تعليقها معاهدة الصداقة.. الجزائر توقف التبادل التجاري مع إسبانيا
أخبار العرب في أوروبا – عواصم
أعلنت الحكومة الجزائرية، أمس الأربعاء، تعليق معاهدة الصداقة مع إسبانيا، في موقف يعبر عن غضب الجزائر من مدريد بشأن موقفها الأخير بشأن النزاع في الصحراء الغربية بالمغرب.
وقالت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية إن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون قرر “المضي قدما في التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون” مع إسبانيا.
البيان الصادر عن الرئاسة الجزائرية اتهم إسبانيا بما أسماه “ الانخراط بحملة لتبرير الموقف الذي تبنته بشأن الصحراء الغربية في انتهاك لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية”، وفق تعبير البيان.
ويأتي تجميد معاهدة الصداقة الممتدة منذ 20 عاما بين البلدين بعد ساعات قليلة من تجديد رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز دعم بلاده لخطة الحكم الذاتي المغربية للصحراء الغربية.
وأصر سانشيز في اجتماع للبرلمان الإسباني أمس، على أن “المبادرة المغربية تشكل الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية لحل الخلاف حول الصحراء الغربية”.
ومساء الأربعاء، أصدرت “الجمعية المهنية للبنوك” الجزائرية وهي هيئة رسمية، قرارا بـ”وقف الصادرات والواردات من وإلى إسبانيا”، وتم توجيهها إلى كافة المؤسسات المالية ومدراء البنوك في الجزائر، فيما يشبه بحسب الخبراء “قطعا للعلاقات الاقتصادية”.
وأصدرت الهيئة البنكية “أوامر بمنع عمليات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا”، وكذلك “منع أي عملية توطين بنكي لإجراء عملية استيراد من إسبانيا”.
ووصل حجم التبادل التجاري بمعدل سنوي بين الجزائر وإسبانيا إلى أكثر من 8 مليارات دولار، فيما لم يوضح القرار الرسمي إن كان يشمل واردات الغاز نحو إسبانيا.
إلى ذلك، قالت مصادر دبلوماسية إسبانية، الأربعاء، إن مدريد “تأسف” لقرار الجزائر تعليق اتفاق التعاون بين البلدين.
وأوضحت المصادر ذاتها أن “الحكومة الإسبانية تأسف لإعلان الرئاسة الجزائرية تعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون”، مضيفة أن إسبانيا “تعتبر الجزائر دولة مجاورة وصديقة وتكرر استعدادها الكامل للاستمرار في الحفاظ على علاقات التعاون الخاصة بين البلدين وتنميتها”.
وتنص المعاهد الجزائرة الإسبانية المبرمة في مدريد في أكتوبر/تشرين الأول 2002 على تعزيز الحوار السياسي بين البلدين على جميع المستويات، وتطوير التعاون في المجالات الاقتصادية والمالية والتعليمية والدفاعية.
كما تُلزم المعاهدة الطرفين، على تعزيز التعاون بين قواتهما المسلحة، مع إيلاء اهتمام خاص لتبادل الوفود، وعقد دورات التدريب والتحسين، وتنظيم التدريبات المشتركة.
كذلك، تنص على تنفيذ برامج مشتركة للبحث والتطوير وإنتاج أنظمة الأسلحة والمواد والمعدات الدفاعية الموجهة لتغطية احتياجات الطرفين من خلال تبادل المعلومات التقنية والتكنولوجية والصناعية.
علاقات متميزة بين الجزائر وإسبانيا طوال عقود
وتميزت العلاقات الجزائرية الإسبانية بالهدوء طوال عقود، خاصة أن مدريد تعتمد بشكل كبير على الغاز الجزائري، مما جعلها بمنأى عن أزمة الغاز العالمية الناتجة عن غزو روسيا لأوكرانيا.
وزودت الجزائر إسبانيا بأكثر من 40% من الغاز الطبيعي الذي استوردته عام 2021، والذي يصل معظمه إليها عبر خط أنابيب الغاز العابر للبحر المتوسط “ميدغاز”، بطاقة 10 مليارات متر مكعب في السنة. ويزود هذا الأنبوب البرتغال أيضا.
وحتى أكتوبر / تشرين الأول 2021، كانت اسبانيا والبرتغال تتلقيان قدرا من الغاز الجزائري عبر خط أنابيب يعبر المغرب، لكن الجزائر توقفت عن استخدامه بعد قطع العلاقات مع الرباط في أغسطس/آب.
اقرأ أيضا: الضغوط تتواصل على ماكرون لإلغاء امتيازات المهاجرين الجزائريين
لكن العلاقات بين الجزائر ومدريد تحولت إلى نوع من التوتر بعد أن صرح وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل ألباريس في 18 مارس/آذار الماضي، أمام الصحفيين في برشلونة أن إسبانيا “تعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي المُقَدّمة في 2007 (من جانب المغرب) هي الأساس الأكثر جدية وواقعية وصدقية لحل هذا النزاع” بين الرباط وجبهة بوليساريو الانفصالية.
وإثر ذلك، استدعت الجزائر سفيرها في مدريد، ولوحت بـ”حظر غازها” عن مدريد.
وتعتبر الجزائر أن السلطات الإسبانية تبنت موقفها “الجديد” تجاه الصحراء الغربية في “انتهاك لالتزاماتها القانونية والأخلاقية والسياسية”، حسب قولها.