أخبار العرب في أوروبا – فرنسا
أعلنت عدة مدن فرنسية من بينها العاصمة باريس، حظر وضع شاشات علاقة في الساحات العامة لنقل مباريات كأس العالم في قطر الذي سيبدأ في الـ20 من نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وذلك للتنديد بسجل حقوق الإنسان للإمارة الخليجية.
وأعلنت ست بلديات مدن كبرى في فرنسا هي باريس ومرسيليا وليل وستراسبورغ وبودو ورانس(حتى الآن) قرار المنع، في وقت أشارت فيه تقارير صحافية فرنسية إلى أنه ربما تنضم المزيد من المدن الفرنسية خلال الأيام المقبلة.
وجاء قرار البلديات الفرنسية حظر الشاشات عملاقة لمتابعة مباريات كأس العالم كما هو معتاد، وذلك لأسباب “إنسانية وبيئية”.
وتقول البلديات إن قرار يأتي بسبب “عدم وجود احترام لحقوق العمال الذين تم استغلالهم من أجل بناء ملاعب وبنى تحتية عملاقة لتنظيم هذا الحدث”، كذلك “أجهزة التبريد التي سوف تخصص للملاعب تتعارض مع بيئة سليمة وصحية للإنسان وتستهلك الكثير من الطاقة”.
وأعلنت بلدية مدينة “ليل”شمال فرنسا عن عدم وضع شاشات عملاقة لمتابعة المباريات المقررة في الفترة بين 20 تشرين الثاني/نوفمبر و18 كانون الأول/ديسمبر بعد تبني مجلس المدينة لـ”إعلان رفض” عقده في قطر ، وذلك “بالنظر إلى حقوق الإنسان والبيئة والرياضة”، حسب قولها.
وقالت رئيسة بلدية المدينة “مارتين أوبري” عن الحزب الاشتراكي في تغريدة على تويتر :”لن نبث أي مباراة على شاشة عملاقة”، وأوضحت أن القرار تم تبنيه “بالإجماع” من قبل مجلس المدينة.
بالمثل، لن تبث مدينة ستراسبورغ عاصمة مقاطعة الإلزاس في شرق البلاد المبارايات، وقالت البلدية في بيان إن “من المستحيل ألا نصغي إلى الكثير من التنبيهات من المنظمات غير الحكومية التي تدين إساءة معاملة العمال المهاجرين واستغلالهم”، وفق بيان صادر عن بلدية المدينة .
وقالت رئيس البلدية “جين بارسغيان” عن حزب الخضر إن آلاف العمال الأجانب لقوا حتفهم في مواقع البناء وهو “أمر لا يطاق”، حسب قولها.
بدوره، شدد” بيار هورميك” رئيس بلدية مدينة بوردو جنوب غرب فرنسا عن حزب الخضر بالقول “لقد مر وقت منذ أن اتخذت القرار بأننا لا يمكن أن نكون متواطئين في مثل هذه الفوضى البيئية”.
وأضاف هورميك وهو من حزب الخضر يأتي بالإضافة لـ” باقي المواضيع. لهذا لن نكون إحدى المدن التي ستبث كأس العالم على شاشة عملاقة”.
امان بلدية مرسيليا ثاني أكبر المدن الفرنسية التي يرأسها الاشتراكي “بينوا بايان” وبمشاركة تحالف كبير من اليساريين والبيئيين، فقد بررت قرارها بالقول إن “هذه البطولة تحولت تدريجيا إلى كارثة إنسانية وبيئية لا تتوافق مع القيم التي نريد أن نراها تُحمَل من خلال الرياضة لاسيما كرة القدم”.
يشار إلى أن مسألة حقوق العمال المهاجرين في قطر أثيرت بشكل منتظم من قبل المنظمات غير الحكومية منذ منح أكبر مسابقة كرة قدم للإمارة الخليجية الغنية عام 2010.
وبحسب صحيفة “الغارديان” البريطانية، قضى بالفعل 6500 عامل في مواقع بناء منشآت المونديال في قطر وهو رقم نفته بشدة السلطات القطرية.
“ازدواجية المعايير” لدى الغرب
وبعد قرار البلديات الفرنسية وهو قرار مماثل أعلنت عنه مدن بريطانية من بينها العاصمة لندن، اعتبر العديد من الناشطين العرب لاسيما السوريين بأنه هذا القرار يؤكد على “ازدواجية المعايير” لدى الدول الأوروبية.
وأشاروا إلى أنه حين نظمت روسيا كأس العالم الأخيرة عام 2018، كانت الطائرات الروسية تقصف المدنيين السوريين في جنوب البلاد، بالتزامن مع مباريات كأس العالم، ما تسبب بمقتل أكثر من ألف مدني ونحو ألفي جريح.
اقرأ أيضا: مقتل 174 شخصا خلال أعمال شغب في مباراة لكرة القدم بإندونيسيا “فيديو”
كما ذكر البعض منهم أنه قبل انطلاق كأس العالم بنحو ثلاثة أشهر نفذت القوات الروسية حملة “الأرض المحروقة” على مدن في ضواحي العاصمة السورية دمشق، تسببت بمقتل أكثر من ألفي مدني سوري، فضلا عن عشرات آلاف آخرين من القتلى والجرحى منذ تدخلها في الحرب بسوريا نهاية 2015.
وقالوا إن صمت الدول الغربية عن تلك المجازر والقتل، حيث تم نصب شاشات علاقة في جميع الدول الأوروبية وخاصة فرنسا، دون الإشارة حتى لتلك الجرائم وحقوق الإنسان حينها، بينما اليوم يتم الحديث بشكل متكرر عن “حقوق الإنسان” هو “دليل آخر على الغرب يشاهد العالم وحقوق الإنسان وفق منظورة فقط”.
وبحسب رؤية البعض من الناشطين، فإنه لو قامت روسيا بقصف المدن الأوكرانية بدلا من المد السورية في 2018، لكانت الدول الأوروبية اتخذت موقفا حادا، لكن مادام”الضحايا ليسوا الأوروبيين”، فإن الأمور تبقى “طبيعية”، على حد قول بعض الناشطين العرب والسوريين.