أخبار العرب في أوروبا- بريطانيا
أصبح البريطاني من أصول هندية ريشي سوناك (42 عاما) زعيما لحزب المحافظين ليكون بذلك أصغر رئيس وزراء للبلاد منذ أكثر من 200 عام.
ودخل سوناك دخل التاريخ من أوسع أبوابه، كونه أول رئيس وزراء بريطاني من أصول مهاجرة في تاريخ البلاد، كما أنه أول رئيس وزراء غير أبيض يبلغ هذا المنصب.
وانتخب حزب المحافظين أمس الإثنين، سوناك رئيسا له بعدما فشلت منافسته، بيني موردنت، في تأمين الأصوات الـ 100 اللازمة لدعم ترشيحها من قبل زملائها النواب، فيما حصل هو على هذه الأصوات.
وأكدت الحكومة البريطانية أن الملك تشارلز الثالث سيستقبل سوناك، اليوم الثلاثاء، كرئيس للوزراء في المملكة المتحدة.
وسيتولى المصرفي، ووزير الخزانة السابق، المنصب وسط أزمة اقتصادية وتزايد غضب الناخبين إزاء ارتفاع تكاليف المعيشة.
وجاءت عودته لسباق قيادة الحزب بعد أقل من شهرين من خسارته لصالح ليز تراس بعدما اتهمه البعض في الحزب بإسقاط بوريس جونسون.
وانتخب سوناك لأول مرة في البرلمان، عام 2015، عن حزب المحافظين لدائرة ريتشموند في يوركشاير، ويعتقد أنه أحد أكثر البرلمانيين البريطانيين ثراء.
ويشير موقع الحكومة البريطانية إلى إلى أنه متزوج من سيدة الأعمال، أكشاتا مورتي، ابنة نارايانا مورتي، الملياردير الهندي، وله ابنتان.
وتقلد مناصب حكومية صغيرة في حكومة تيريزا ماي، قبل أن يصبح وزيرا للخزانة سنة 2020 في حكومة بوريس جونسون.
وسوناك عام 1980 ولد لأبوين من أصول هندية، قدما إلى بريطانيا، فاشتغل الوالد في الطب والوالدة كانت تمتلك صيدلية، مما منحه وضعا ماديا مريحا، أهّله لدخول جامعة أكسفورد العريقة.
وعلى مدى سنوات، ظل سوناك بعيدا عن السياسة، حيث انشغل بمجال المال والأعمال، وعمل مستشارا لأكبر المؤسسات البنكية في العالم.
ويُعرّف سوناك غالبا على أنه من أغنى السياسيين في البلاد، وهذا راجع لثروة زوجته (أكشاتا مورثي) التي تعد من أغنى نساء المملكة المتحدة، وحول ثروتها أثير كثير من الجدل بعد الكشف عن استفادة شركاتها من الملاذات الضريبية بعيدا عن بريطانيا.
وسبق أن صرح رئيس الوزراء البريطاني الجديد في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” أن الهوية مهمة بالنسبة له، وقال: “أنا أذهب للمعبد في عطلة نهاية الأسبوع. أنا هندوسي. لكنني أحضر مباراة نادي ساوثامبتون لكرة القدم أيضا يوم السبت. يمكن المزج بين الثقافتين”
موقفه من المهاجرين
يعد سوناك من أبرز مؤيدي أي قانون يقلص أعداد المهاجرين في البلاد، وكذلك يتشدد في موضوع استقبال اللاجئين.
وخلال قيادته لوزارة الخزانة التي تعدّ ثاني أهم وزارة بعد رئاسة الوزراء، منح كثيرا من التمويل لكل الجهود المبذولة لمنع وصول اللاجئين عبر بحر المانش.
أيضا لم يصدر عن سوناك أي موقف معارض للقوانين المثيرة للجدل الخاصة بالهجرة، مثل قانون الجنسية والحدود، الذي يمهد لسحب الجنسية من أي شخص حتى من دون إخباره بالأمر.
كذلك لم يبد أي معارضة لمشروع ترحيل المهاجرين إلى رواندا وهو المشروع الذي ما زال مجمدا في انتظار قرار المحكمة العليا البريطانية.
ومن المتوقع أن يواصل سوناك سياسية حزبه المتشددة في موضوع الهجرة كسبا للكتلة الناخبة المحافظة واليمينية، إلا أنها قد لا تكون أولوية حكومته حيث ستبقى الأولوية للملفات الاقتصادية.
تحديات أمام سوناك
يحكم سوناك بريطانيا في وقت تشهد فيه البلاد أزمة خطيرة بعد ارتفاع تكاليف المعيشة، وارتفاع معدل إلى 10%، وسيتعين عليه تهدئة الأسواق التي تشهد اضطرابات بعد إعلان حكومة تراس موازنتها المصغرة نهاية سبتمبر الماضي.
ويضع مؤيدوه ثقتهم بقدرته ويرون أن بإمكانه استعادة مصداقية بريطانيا مع المستثمرين، بعد أن عرضت تراس ميزانية مصغرة تشمل تخفيضات ضريبية مع عدم توضيح كيفية تمويلها بشكل كاف.
ويقول وزير الداخلية، غرانت شابس: “نحن بحاجة إلى شخص يمكنه توفير الاستقرار والكفاءة الاقتصادية المثبتة في هذه الأوقات الصعبة، وريشي سوناك ذلك الشخص”.
وكان سوناك قد انتقد خطة تراس الضريبية، قائلا إن خطتها لاقتراض المال “قصة خيالية” من شأنها أن تغرق الاقتصاد في حالة من الفوضى.
والأحد الماضي كتب سوناك لدى إعلان ترشحه: “المملكة المتحدة بلد عظيم، لكننا نواجه أزمة اقتصادية عميقة… لهذا السبب أترشح لأكون زعيم حزب المحافظين ورئيس وزرائكم المقبل. أريد إصلاح اقتصادنا وتوحيد حزبنا وتقديم المساعدة لبلدنا”.
ورغم ذلك، فإنه يتوقع أن يصوره حزب العمال المعارض على أنه أحد أفراد النخبة الثرية، وأنه بعيد عن الضغوط التي يواجهها الملايين بسبب ارتفاع تكلفة الغذاء والطاقة.
وحزب العمال في أعلى مستويات شعبيته في استطلاعات الرأي، بعد 12 عاما من حكم حزب المحافظين الذي سيكون سوناك خامس زعيم له منذ 2016.