أخبار العرب في أوروبا – عواصم
بسبب أزمة المهاجرين الذين كانوا عالقين على متن سفينة الإنقاذ “أوشن فايكينغ” قبل استقبالهم من فرنسا، تشهد العلاقات بين باريس وروما توترا حادا وسط تبادل للاتهامات والانتقادات والتهديدات بين مسؤولين من البلدين.
واعتبر مراقبون بأن هذا التصعيد هو مؤشر على فشل سياسة الهجرة الأوروبية، محذرين من تداعيات ذلك على موقف التكتل الموحّد والمشترك تجاه القضايا الكبرى.
وكانت قضية سفينة إنقاذ المهاجرين”أوشن فايكينغ” قد اشعلت توترا حادا بين فرنسا وإيطاليا هو ليس بالجديد على خلفية الهجرة غير الشرعية، بعد أن تبادل مسؤولون من البلدين الانتقادات حول سياسة كل طرف تجاه هذه القضية المستعصية.
وكانت الحكومة الفرنسية وافقت الخميس على استقبال السفينة منتقدة بشدة رفض الحكومة اليمينية الجديدة في روما القيام بذلك، قائلة إنها ستعلق خطط استقبال أكثر من ثلاثة آلاف مهاجر موجودين بالفعل في إيطاليا.
وبينما اتهمت مسؤولة فرنسية روما بخرق أواصر الثقة وانتهاك القوانين الدولية المتعلقة بحماية المهاجرين، وصفت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني رد فعل باريس بأنه “غير مفهوم وغير مبرر”.
وقالت إن إيطاليا استقبلت ما يقرب من 90 ألف مهاجر عند موانئها هذا العام وإن الاتحاد الأوروبي بحاجة للقيام بالمزيد للدفاع عن حدوده.
وقبلها استنكر وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي الخميس القرار الفرنسي باتخاذ إجراءات انتقامية بحق روما واعتبره “غير مفهوم تماما”.
وقال في بيان إن “رد فعل فرنسا على طلب استقبال 234 مهاجرا، بينما استقبلت إيطاليا 90 ألفا هذا العام، غير مفهوم على الإطلاق”.
ورست سفينة أوشن فايكينج أمس الجمعة في ميناء عسكري في تولون بجنوب فرنسا وعلى متنها مهاجرون، بينهم عشرات الأطفال، تم إنقاذهم في البحر المتوسط في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
من جانبه، أدان وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان “الخيار غير المقبول” والمخالف لـ”القانون الدولي”، لإيطاليا التي رفضت بقيادة حكومة جديدة يمينية متطرفة استقبال السفينة.
ورأى دارمانان أن القرار الفرنسي “واجب إنساني”، وعبّر عن غضب بلاده قائلا “يجب أن نتمكن من الآن فصاعدا من تنظيم الأمور بشكل مختلف كي لا تتمكن إيطاليا من الاستفادة من التضامن الأوروبي وتتصرف بأنانية عندما يصل لاجئون وخصوصا أطفال” إلى موانئها.
بدورها، قالت سكرتيرة الدولة المكلفة بشؤون أوروبا لورانس بون، أن رفض إيطاليا استقبال السفينة ينتهك القواعد الأوروبية بشأن تقاسم المسؤوليات أو استقبال المهاجرين.
وأضافت بون لإذاعة فرانس إنفو “فُقدت الثقة… لأن كان هناك قرار من جانب واحد يعرض حياة الناس للخطر ولا يتوافق مع القانون الدولي”.
إلى ذلك، قالت منظمة (إس.أو.إس ميديترينيان) الخيرية التي تدير سفينة أوشن فايكينج إن من المفترض السماح للمهاجرين بالنزول في أقرب دولة لمنطقة الإنقاذ وتعهدت بالعودة للبحر لمواصلة عملياتها “خلال بضعة أسابيع”.
في ضوء هذه الأزمة، قررت فرنسا التعليق “الفوري” لمشروع استقبال 3500 لاجئ متواجدين في إيطاليا. وأكد دارمانان أنه “ستكون هناك عواقب وخيمة” جراء الموقف الإيطالي على “علاقاتنا الثنائية”.
وكانت المفوضية الأوروبية قد دعت الأربعاء إلى “الإنزال الفوري في الميناء الآمن” الأقرب للمهاجرين الذين كانوا على متن “أوشن فايكينغ”، آخر سفينة إنسانية من بين أربع كانت عالقة في البحر المتوسط.
وكانت ميلوني قالت في خطابها الأول أمام البرلمان الشهر الماضي، بعد توليها رئاسة أكثر الحكومات يمينية في إيطاليا منذ الحرب العالمية الثانية، إنها تريد وقف عمليات المغادرة عن طريق البحر وإن إدارتها لن تسمح للناس بدخول إيطاليا بشكل غير قانوني.
وطلبت أمس الجمعة من الاتحاد الأوروبي ألا يسعى لمعاقبة إيطاليا على موقفها. وأوضحت في هذا السياق بالقول : “قد تقرر أوروبا التعامل مع هذه القضية عن طريق عزل إيطاليا. أعتقد أن عزل مهربي المهاجرين على قوارب سيكون أفضل”.
إلى ذلك، شددت المفوضية الأوروبية في بيان أمس أن “الواجب القانوني بإنقاذ الأرواح في البحر واضح ولا لبس فيه، مهما كانت الظروف التي قادت الأشخاص إلى المحنة”، داعية “الدول الأعضاء” إلى العمل سويا لإيجاد “استجابة مشتركة”.
اقرأ أيضا: فرنسا.. المتطرف “زمور” يحتج على استقبال سفينة إنسانية تحمل مئات المهاجرين
يذكر أن التوتر بين فرنسا وإيطاليا على خلفية الهجرة غير الشرعية ليس وليد اللحظة، فقد أشعل هذا الملف فتيل الأزمة بينهما لأكثر من مرة.
على سبيل المثال، استدعت الخارجية الفرنسية في 21 يناير/كانون الثاني 2019 السفيرة الإيطالية تيريزا كاستالدو احتجاجا على تصريحات لنائب رئيس الحكومة الإيطالي لويجي دي مايو، اتهم فيها فرنسا بـ”إفقار أفريقيا” وتصعيد أزمة المهاجرين.
وأعرب دي مايو وقتها عن الأمل في أن يفرض الاتحاد الأوروبي “عقوبات” ضد الدول بدءا بفرنسا التي تقف -حسب قوله- وراء مأساة المهاجرين في البحر المتوسط من خلال “تهجيرهم” من أفريقيا.