أخبار العرب في أوروبا -فرنسا
قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه لن يطلب الصفح من الجزائريين عن استعمار فرنسا لبلدهم، لكنه يأمل أن يرى نظيره الجزائري عبد المجيد تبون في باريس لمواصلة العمل على ملف الذاكرة.
كلام الرئيس الفرنسي جاء في مقابلة مطولة أجراها معه الكاتب الجزائري كامل داود ونشرتها أسبوعية “لوبوان” الفرنسية مساء أمس الأربعاء.
وقال ماكرون “لست مضطرا لطلب الصفح، هذا ليس الهدف. الكلمة ستقطع كل الروابط”، مضيفا أن “أسوأ ما يمكن أن يحصل هو أن نقول: نحن نعتذر وكل منا يذهب في سبيله”، مشددا على أن “عمل الذاكرة والتاريخ ليس جردة حساب، إنه عكس ذلك تماما”.
ورأى بأن عمل الذاكرة والتاريخ “يعني الاعتراف بأن في طيات ذلك أمورا لا توصف، أمورا لا تُفهم، أمورا لا تبرهَن، أمورا ربما لا تُغتفر”.
وأضاف: “آمل أن يتمكن الرئيس (الجزائري) تبون من القدوم إلى فرنسا في عام 2023 لمواصلة عمل صداقة غير مسبوق” بعد الزيارة التي قام بها ماكرون نفسه إلى الجزائر في آب/أغسطس 2022.
وفي معرض رده على سؤال بشأن ما إذا كان بالإمكان أن تتخلل هذ الزيارة المرتقبة لتبون إلى فرنسا مشاركة الرئيس الضيف في مراسم تكريم أمام نصب “الأمير عبد القادر الجزائري” في مقبرة أبطال مقاومة الاستعمار ببلدة أمبواز (جنوب غرب باريس)، قال ماكرون إن مثل هكذا أمر سيكون “لحظة جميلة جدا وقوية جدا”، وأضاف “أتمنى حصول ذلك”.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن إقامة هكذا مراسم “سيكون لها معنى في تاريخ الشعب الجزائري. وبالنسبة للشعب الفرنسي، ستكون فرصة لفهم حقائق مخفيّة في كثير من الأحيان” ( الأمير عبد القادر “1808-1883” اعتُقل في أمبواز مع العديد من أفراد عائلته من 1848 ولغاية 1852).
وخلال العامين الماضيين شهدت العلاقات بين باريس والجزائر توترا أشعلتها تصريحات أدلى بها ماكرون في أكتوبر/تشرين الأول 2021 واتهم فيها “النظام السياسي العسكري” الجزائري بإنشاء “ريع للذاكرة” وشكّك كذلك بـ”وجود أمة جزائرية” قبل الاستعمار.
لكن الرحلة التي قام بها ماكرون إلى الجزائر في آب/أغسطس الماضي ساعدت على إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها بعد الأزمة.
وفي مقابلته مع “لوبوان”، أقر ماكرون بخطأ تصريحاته تلك. وقال “قد تكون عبارة خرقاء وقد تكون جرحت مشاعر الجزائريين”، معتبرا في الوقت نفسه أن “لحظات التوتر هذه تعلمنا. عليك أن تعرف كيف تمد يدك مجددا”.
ومسألة اعتذار فرنسا عن ماضيها الاستعماري في الجزائر (1830-1962) هي في صميم العلاقات الثنائية والتوترات المتكررة بين البلدين.
اقرأ أيضا: إقالة رئيس اتحاد فرنسا لكرة القدم بعد تصريحاته المسيئة لزيدان
وفي 2020، تلقت الجزائر بفتور تقريرا أعده المؤرخ الفرنسي “بنجامان ستورا” بناء على تكليف من ماكرون، دعا فيه إلى القيام بسلسلة مبادرات من أجل تحقيق المصالحة بين البلدين. وخلا التقرير من أي توصية بتقديم اعتذار أو بإبداء الندم، وهو ما تطالب به الجزائر باستمرار.
وحصلت الجزائر على استقلالها عن فرنسا عام 1962 بعد ثورة شعبية دامت سبع سنوات راح ضحيتها وفقا لبعض الإحصاءات أكثر من مليون قتيل على يد الفرنسيين، وأنهت 132 عاما من الحكم الاستعماري الذي وصف بأنه دموي.