أخبار العرب في أوروبا – ألمانيا
من المقرر أن تغلق ألمانيا مساء اليوم السبت، آخر ثلاث مفاعلات للطاقة النووية في البلاد، لتنهى برنامجا استمر ستة عقود وأثار واحدة من أقوى حركات الاحتجاج فى أوروبا، لكنه حصل على مهلة إضافية قصيرة بسبب حرب روسيا في أوكرانيا.
وستم إغلاق أبراج الدخان في مفاعلات “إيسار 2″ و”إيمسلاند ونيكارفيستهايم 2” بحلول منتصف الليل، في إطار تنفيذ برلين لخطتها لقصر توليد الكهرباء على المصادر المتجددة بحلول عام 2035.
قرار ألمانيا إغلاق مفاعلاتها النووية ليس وليد اللحظة، بل منذ أن تبنته حكومة التحالف “الأحمر-الأخضر” في 2002، برئاسة المستشار الأسبق غيرهارد شرودر، بوضع جدول زمني تدريجي، وتسارعت جهود الإغلاق، التي أعادت المستشارة السابقة لحكومة يمين-يسار الوسط، أنجيلا ميركل، التأكيد عليه إثر كارثة مفاعلات فوكوشيما اليابانية عام 2011 وأدت لتلوث إشعاعي وأحدثت حالة ذعر في العالم، حيث قامت اليابان بإغلاق معظم مفاعلاتها النووية.
وبعد ذلك التاريخ، تزايد اعتماد البلد على مستوردات الطاقة من روسيا، وخصوصا خطي غاز نوردستريم1 و2 (سيل الشمال). لكن الخطوات النهائية للإغلاق تأجلت الصيف الماضي إلى هذا العام، بعد أن أوقفت ألمانيا واردات الوقود الأحفوري من روسيا بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.
وبإغلاق آخر المفاعلات اليوم، تضع ألمانيا حدّا لحياة 36 مفاعلا بنتها في ستينيات القرن الماضي، وعملت على توليد الكهرباء من الطاقة النووية في ولاية بافاريا للمرة الأولى في العام 1961.
ومنذ منتصف السبعينيات، نمت الاحتجاجات الشعبية المعارضة للمفاعلات النووية، وطالبت بشكل دائم من خلال حملات احتجاجية بإغلاقها، ما وضع الحكومات المتعاقبة تحت ضغوط كبيرة مع تزايد معسكر “لا” في الشارع، وبين الأحزاب على جهة اليسار والحفاظ على البيئة.
وبينما تدير برلين مفاتيح الإغلاق، تتجه دول الجوار الأوروبي لاسيما فرنسا نحو توسيع الاعتماد على الطاقة النووية، في خضم أزمة طاقة تاريخية وجدية النتائج، فرضتها الحرب في أوكرانيا ومقاطعة روسيا.
وهذا يثير موجة انتقادات محلية وأوروبية من الانعكاسات المناخية على خطط أوروبية طويلة الأمد للتخلص من الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وكانت أسعار الطاقة ارتفعت بشكل كبير على مدار العام الماضي وعمت المخاوف من نقص الطاقة في أنحاء العالم، لكن ألمانيا الآن صارت مطمئنة مجددا بشأن إمدادات الغاز والتوسع فى مصادر الطاقة المتجددة.
وقالت وزارة الاقتصاد الألمانية، إن المحطات الثلاثة الأخيرة ساهمت بنحو 5% فقط من إنتاج الكهرباء في البلاد خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
وأظهرت بيانات مكتب الإحصاء الاتحادي، أن الطاقة النووية شكلت 6% فقط من إنتاج الطاقة في ألمانيا العام الماضي، مقابل 44 %من مصادر الطاقة المتجددة.
اقرأ أيضا: معدل تضخم أسعار المنتجين في ألمانيا يتراجع لأدنى مستوى في عامين
وتقول الحكومة، إن الإمدادات مضمونة بعد التخلص من الطاقة النووية وأن ألمانيا ستستمر في تصدير الكهرباء، مشيرة إلى المستويات المرتفعة لمخزونات الغاز ومحطات الغاز المسال الجديدة على الساحل الشمالي والتوسع في مصادر الطاقة المتجددة.
مع ذلك، يقول مؤيدو الطاقة النووية أن ألمانيا ستضطر للعودة إلى هذه الطاقة في نهاية المطاف إذا أرادت التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري والوصول لهدفها بتحقيق الحياد في غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات بحلول عام 2050 لأن طاقة الرياح والطاقة الشمسية لن تلبيان الطلب بالكامل.
وهو رأي يتبناه أيضا رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية “رافائيل غروسي”، كما ذكر لمحطة “RD” في برلين، إذ يرى أن “دولا مثل الصين وأميركا والهند وفرنسا لن يكون بمقدورها أن تتخلى عن محطات الطاقة النووية، وليس لديها الوقت الكافي أو الموارد المالية لإعادة بناء كاملة لنظام الطاقة الخاص بها”.