أخبار العرب في أوروبا – بريطانيا
تتصاعد حالات إفلاس الشركات في بريطانيا لتصل إلى أعلى مستوى في 4 سنوات، وتأتي المؤشرات على خلاف ما تعد به الحكومة من تحقيق النمو وكبح التضخم.
وظل معدل التضخم في بريطانيا مرتفعا بشكل حاد خلال مارس/آذار الماضي، ما يمثل قراءة أخرى قوية مفاجئة، تعزز ضرورة قيام بنك إنكلترا برفع أسعار الفائدة التي تثقل بالأساس الأعباء المالية للكثير من الشركات والمقترضين.
وارتفع مؤشر أسعار المستهلك 10.1% على أساس سنوي، مدفوعا بأقوى زيادة في أسعار المواد الغذائية منذ أكثر من أربعة عقود، حسبما قال مكتب الإحصاءات الوطنية، أمس الأربعاء، بينما كان خبراء الاقتصاد يتوقعون تباطؤ معدل التضخم إلى ما دون 10%.
وواصلت قيمة فواتير البقالة الارتفاع مع صعود أسعار المواد الغذائية والمشروبات غير الكحولية إلى أعلى مستوى لها في 45 عاما عند 19.1%.
وقال مكتب الإحصاءات إن الدافع وراء ذلك هو الزيادات القياسية في تكاليف الخبز والمشروبات الساخنة والشوكولاتة والحلويات.
يأتي استمرار التضخم فوق عتبة 10%، رغم أن رئيس الوزراء ريشي سوناك جعل خفض التضخم إلى النصف بحلول نهاية العام أحد وعوده الرئيسية الخمسة، أثناء الكفاح لترسيخ مكانة حزبه “المحافظين” في الانتخابات.
وبينما كان بنك إنكلترا يدرس ما إذا كان بإمكانه إيقاف أسرع دورة تشديد ينفذها منذ أربعة عقود، فإن بيانات أسعار المستهلكين الأخيرة تحول دون ذلك.
في هذا السياق يقول “هيو جيمبر”، محلل السوق العالمية لدى بنك الاستثمار العالمي “جيه بي مورغان”، من “المرجح للغاية الآن أن يمضي بنك إنكلترا قدما في رفع سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة أخرى في 11 مايو/أيار المقبل”، مضيفا أن “بنك إنكلترا لا يزال بعيدا جدا عن الشعور بالارتياح عبر السيطرة على ضغوط الأسعار”.
من جانبه، يرى سايمون فرينش، كبير الاقتصاديين في بنك الاستثمار “بانمور جوردون”، أن التضخم سينخفض لكن ليس في شكل خط مستقيم، مشيرا إلى أنه فعليا آخذ في الانخفاض بعد أن بلغ ذروته.
وأضاف في تصريحات أوردتها صحيفة “ذا ديلي إكسبرس”: “لو نظرنا إلى أسعار الغاز الطبيعي وأسعار الشحن وجميع السلع الخام التي رفعت التضخم سنلاحظ أنها تنخفض بسرعة كبيرة”.
لكن مجريات الأمور على أرض الواقع تظهر مشاهد قاتمة تتعلق بملايين الشركات العاملة في السوق لا سيما الصغيرة والمتوسطة، خصوصا التي تعاني من عقود طويلة للطاقة بتكاليف مرتفعة.
وربما تدفع أكثر من مليون شركة صغيرة فواتير طاقة أعلى بكثير من معدلات السوق، بعد أن وقعت في شرك عقود ثابتة طويلة الأجل عندما وصلت الأسعار إلى ذروة تاريخية العام الماضي.
وقد وحدت المجموعات التجارية قواها للتحذير من “وضع محفوف بالمخاطر”، داعين الحكومة إلى إجبار الموردين على إعادة التفاوض بشأن صفقات الطاقة التي لا يمكن تحمّلها والتي تم إبرامها الصيف الماضي أو المخاطرة بآلاف حالات الإفلاس التي قد تضر بالوظائف والاقتصاد البريطاني.
وحاليا حوالي ربع الشركات الصغيرة البالغ عددها 5.5 ملايين شركة في المملكة المتحدة، ربما اضطرت إلى تجديد عقود إمداد الطاقة طويلة الأجل في ذروة السوق، وفقا لمسوح منفصلة أجرتها غرفة التجارة البريطانية واتحاد الشركات الصغيرة.
في ذلك الوقت، كافحت العديد من الشركات الصغيرة لإيجاد صفقة للطاقة، لأن الموردين إما رفضوا إمداد الشركات الصغيرة أو طالبوا بإيداعات مالية كبيرة.
اقرأ أيضا: دخل الأسرة في بريطانيا يشهد أكبر انخفاض منذ 14 عاما
ورغم أن أسعار الطاقة تراجعت كثيرا في الأشهر الأخيرة لا سيما منذ مطلع العام الجاري، إلا أن الشركات لا تزال مقيدة بعقود طويلة الأجل ستجبرها على دفع أسعار متضخمة بناءً على ذروة العام الماضي لأشهر أو حتى سنوات قادمة، بينما ستتحمل أيضا تكاليف مرتفعة في حال فسخ هذه العقود. وانخفضت أسعار الطاقة العالمية بشكل كبير وهي الآن عند أدنى مستوى لها منذ ما قبل الغزو الروسي لأوكرانيا نهاية فبراير/شباط 2022.
ويتزامن هذا الوضع الصعب مع قطع الحكومة دعم الطاقة عن قطاعات الأعمال اعتبارا من مطلع إبريل/نيسان الجاري.
وفي رسالة إلى وزير الأعمال، غرانت شابس، اطلعت عليها صحيفة “ذا غارديان”، وصف اتحاد شركات المعادن البريطانية الوضع بأنه “أكبر فضيحة”.
وقال ستيفن مورلي، رئيس الاتحاد، إن صغار المصنعين يواجهون “وضعا محفوفا بالمخاطر.. يمكن أن يضع مسمارا آخر في نعش قطاع التصنيع البريطاني، بينما يحقق موردو وسماسرة الطاقة أرباحاً ضخمة على حساب القدرة التنافسية للمملكة المتحدة”.