أخبار العرب في أوروبا – متابعات
عندما تصبح الأيام أكثر دفئا وإشراقا، فإنه في بعض الأحيان يبدو أن الموسم الجديد يجلب موجة من انخفاض الطاقة، ويؤثر سلبا على الحالة المزاجية.
وفي العادة يكون وصول فصل الربيع أمرا يجعل كثيرين يشعرون بالسعادة والنشاط، لكن ذلك لا ينطبق على جميع الأشخاص، وفقا ما تؤكده صحيفة “أندبندنت” البريطانية نقلا عن خبراء الصحة والكثير من الدراسات حول هذا الموضوع الذي يُعرف هذه الحالة باسم “خمول الربيعط، أو التعب الربيعي.
أسباب الشعور بالخمول في فصل الربيع
وفقا لدراسة حول هذا الأمر، فإن الأوعية الدموية تتمدد وينخفض ضغط الدم ويؤديان إلى شعور الكثيرين بالتعب والوهن والحاجة الزائدة للنوم،
وتشير الدراسة إلى أن تغير الطقس يؤثر على الحالة الصحية، مع بداية دخول فصل الربيع، وتتنوع أعراض الشعور بما يسمى بـ “تعب الربيع” بين الإحساس بالإجهاد والحاجة الواضحة إلى النوم، وقد تمتد إلى مشاكل في الدورة الدموية وكذلك الإحساس بعدم الارتياح وأحيانا بالعصبية والعدوانية.
وقد يكون السبب في ذلك هو أنه بعد أيام الشتاء المظلمة يبدأ موسم الربيع المشرق، ويستغرق الجسم نحو شهر حتى يتعود على درجات الحرارة الجديدة.
وتقول الدراسة إنه قد تؤدي مرحلة تغير الطقس إلى تغيرات هرمونية، فضوء النهار في فصل الربيع يجعل الجسم يفرز هرمون السعادة (السيروتونين) الذي يحسن الحالة المزاجية، في حين أن هرمون النوم (الميلاتونين) يكون في قمة نشاطه نتيجة أيام الشتاء المظلمة، وتفاعل الهرمونين ضمن الناقلات العصبية يشعر الجسم بالإرهاق.
نظريات متعددة
وهناك العديد من النظريات عندما يتعلق الأمر بالتعب الربيعي. رغم عدم الاعتراف بها طبيا كحالة قابلة للتشخيص، فإن كثيرا من الناس على دراية بمفهوم الإصابة بقليل من الركود مع تغير الموسم. لكن عادة ما تكون هذه التغييرات مؤقتة ويمكن التحكم فيها.
مع ذلك، من المهم ملاحظة أن التغيرات في المزاج والطاقة التي يبدو أنها تحدث في أوقات معينة من العام قد تكون أيضا علامات على الاضطراب العاطفي الموسمي (SAD)، وهو شكل من أشكال الاكتئاب الذي يمكن أن يؤثر أحيانا على الأشخاص في فصل الصيف، وكذلك في الشتاء.
في هذا السياق يقول الطبيب “أشوين شارما” قائد المحتوى السريري في “ميد إكسبرس”:”يسبب ظهور أعراض الاكتئاب في أواخر الربيع إلى أوائل أشهر الصيف… على عكس الاضطراب العاطفي الموسمي الأكثر انتشارا في فصل الخريف والمرتبط بقصر الأيام وانخفاض التعرض لأشعة الشمس في أشهر الشتاء، فإن الأسباب الدقيقة للاضطراب العاطفي في الربيع ليست مفهومة جيدا”.
وأضاف الطبيب في تصريح لصحيفة “أندبندنت”: “تشير بعض النظريات إلى أن إطالة الأيام وزيادة التعرض للضوء في الربيع قد تعطلان إيقاعات الساعة البيولوجية وإنتاج الميلاتونين لدى بعض الأفراد، مما يؤدي إلى ظهور أعراض الاكتئاب”.
ويفترض آخرون أن الحساسية أو التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة الشائعة خلال التحولات الموسمية يمكن أن تلعب دورا.
أعراض خمول الربيع
بحسب “شارما” فإن أعراض الاكتئاب تكون مشابهة لتلك التي قد يعاني منها الأشخاص في أي وقت من السنة.
ويوضح في هذا السياق بالقول:”يمكن أن تشمل مشاعر الحزن واليأس، وفقدان الاهتمام بالأنشطة الممتعة عادة، والتعب وانخفاض مستويات الطاقة، وصعوبة التركيز واتخاذ القرارات”.
وذكر بأنه قد يعاني الأشخاص أيضا من “تغيرات في أنماط النوم والشهية، والأرق، والقلق، بالإضافة إلى أعراض جسدية مثل الصداع”.
وشدد على أنه من المهم التحدث إلى طبيبك الخاص إذا كنت تعاني من علامات الاكتئاب والتعب المستمر.
كيفي تتخطى خمول الربيع
إذا كان ما تعانيه هو انخفاض مؤقت وبسيط في الطاقة مع تغير الموسم، فإن الرعاية الذاتية والاستماع إلى جسدك فكرة جيدة.
على سبيل المثال، اسأل نفسك: “هل أحتاج إلى مزيد من الراحة؟ أو هل يمكن أن يوفر المزيد من النشاط البدني أي تحسن؟”.
لكن إذا كنت تعاني من أعراض قد تكون بداية للاكتئاب الصيفي، فمن المهم طلب الدعم. كما هو الحال مع أنواع الاكتئاب الأخرى، غالبا ما يكون الجمع بين العلاجات أكثر فعالية.
يقول الطبيب شارما في هذا الصدد: “قد يشمل ذلك تناول أدوية مثل مضادات الاكتئاب، والعلاج النفسي لإعادة صياغة الأفكار السلبية وتحسين مهارات التأقلم”.
كما يشمل”تغيير نمط الحياة مثل ممارسة التمارين الرياضية بانتظام، واتباع نظام غذائي متوازن، وتقنيات إدارة التوتر، والحفاظ على كمية نوم جيدة”، -يضيف الطبيب شارما- الذي شدد على أنه “إذا اشتبه أحد الأشخاص في أنه يعاني من الاضطراب العاطفي الموسمي، يجب عليه رؤية مقدم رعاية صحية مؤهل، مثل طبيب نفسي، ليتم تشخيصه بشكل صحيح ومناقشة خطة العلاج الأنسب لحالته”.
وأشار إلى أن خطة العلاج تكون “من خلال استراتيجيات الرعاية والإدارة المناسبة، والتي يمكن تقليل شدة ومدة أعراض الحالة بشكل كبير، مما يسمح للمتضررين بالتأقلم بشكل أفضل خلال التحولات الموسمية والحفاظ على صحتهم العقلية”.
متى تدرك أنك مصاب باكتئاب حقيقي
ولمواجهة تعب الربيع، يوصى الخبراء أيضا باتباع نظام غذائي صحي يقوم على الخضروات والفواكه الطازجة مع الابتعاد عن الأغذية المصنعة والوجبات السريعة والسكر الأبيض.
اقرأ أيضا: لتحسين مزاجك.. إليك 4 نصائح من الخبراء والأطباء
ومن المهم أيضا التعرض لأشعة الشمس لمدة تتراوح بين 15 و20 دقيقة لمساعدة الجسم على إنتاج فيتامين “دي”.
ومن المفيد أيضا ممارسة الرياضة، لا سيما في الهواء الطلق؛ حيث إنها تعمل على تنشيط الدورة الدموية من ناحية وتحسين الحالة النفسية والمزاجية من ناحية أخرى.
وإذا لم تفلح هذه التدابير في مواجهة التعب والخمول واعتلال المزاج والكآبة، فينبغي حينئذ استشارة طبيب نفسي؛ حيث يمكن أن تشير هذه الأعراض إلى الإصابة باكتئاب حقيقي، لا سيما إذا كانت مصحوبة بأعراض أخرى مثل اليأس وفقدان الثقة بالنفس وفقدان الشعور بقيمة الذات والتفكير في إيذاء النفس.