“الصقيع العظيم”.. توقعات بحدوث أزمة اقتصادية في بريطانيا لم تشهدها منذ 3 قرون
أخبار العرب في أوروبا- لندن
تشير التوقعات المتشائمة إلى أن بريطانيا على موعد مع أزمة اقتصادية تعد الأسوأ منذ 300 عام، في وقت كشف فيه معهد أمريكي أن تكون الوفيات في المملكة المتحدة الأكبر بين الدول الأوروبية وبفارق كبير بحلول شهر آب/ أغسطس المقبل.
ومع هذه التوقعات أعلنت الحكومة البريطانية تمديد الإغلاق حتى السابع من أيار/ مايو المقبل، التي تتعرض لضغوط هائلة للتوصل استراتيجية خروج من الإغلاق، لاسيما بعد أن اتضح حجم الانهيار الاقتصادي الذي يلوح في الأفق.
خلافات داخلية
تقارير اقتصادية ذكرت إن الخلاف الداخلي يشتد في مجلس الوزراء البريطاني، حول كيفية ومتى يتم تخفيف القيود الصارمة التي تخنق المملكة المتحدة، مع مطالب بإعادة فتح المدارس الابتدائية والمحلات غير الأساسية في أوائل الشهر المقبل.
وتصاعد الخلاف داخل الحكومة البريطانية بعد أن أصدرت الوكالة الحكومية الخاصة، تقديرات مروعة لما تعنيه ثلاثة أشهر من الإغلاق، مما يشير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي سوف ينهار بنسبة 35 % هذا الربع وسيفقد مليونا شخص وظائفهم.
وقالت الوكالة “في الوقت الحالي” كانت تفترض أنه سيكون هناك ارتداد سريع إلى حد ما، لكن الركود سيظل الأسوأ منذ 300 عام.
وذكرت تقارير صحفية إنه تقدير مكتب مسؤولية الميزانية (OBR) يشير إلى انخفاض نسبته 13 % في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام وهو الأكبر منذ عام 1709 عندما أحدث الشتاء البارد قبل 500 عام وهو المعروف باسم “الصقيع العظيم”، الخراب في جميع أنحاء أوروبا.
اقرأ أيضاً: استطلاع: ملايين البريطانيين عانوا الجوع بسبب الإغلاق
وكانت صحيفة “التايمز” نقلت عن وزير الخزانة البريطاني “ريشي سوناك” قوله الاثنين الماضي، إن الناتج المحلي الإجمالي قد يهبط إلى ما يصل إلى 30% في ما بين شهري نيسان/ أبريل وحزيران يونيو، في الوقت الذي دعا فيه أعضاء في مجلس الوزراء إلى تخفيف قيود العزل العام وسط تفشي فيروس كورونا.
“التايمز” نقلت عن وزير بريطاني آخر لم تذكر اسمه، قوله :”من المهم ألا ينتهي بنا الأمر بالتسبب في مزيد من الضرر بسبب العزل العام. نبحث ثلاثة أسابيع أخرى من العزل العام، ثم يمكننا بعد ذلك البدء في تخفيفه”.
لكن متحدث باسم الحكومة أكد إنه لا يتوقع أن تجري أي تغييرات على إجراءات الإغلاق العام السارية حالياً، قبل أن تتأكد من سلامة القرار.
المعارضة تنتقد الحكومة
حزب العمال المعارض زاد من ضغوطه على الحكومة المحافظة، وقال الزعيم الجديد للحزب المعرض “السير كير ستارمر” إن القيود “الواضحة” يجب أن تستمر في الأسابيع المقبلة، لكنه دعا إلى توضيح “ما سيحدث بعد ذلك”.
“ستارمر” طالب بنشر تفاصيل استراتيجيتها، للخروج من حالة الإغلاق التام المفروضة في البلاد منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
وقال في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية، إنه “ينبغي على الحكومة أن تكون محل ثقة الناس لذا يتوجب أن تكون هناك شفافية ومصارحة بإخبارهم بخطة الحكومة حول توقيت إنهاء حالة الإغلاق”.
وانتقد الحكومة في تعاملها مع أزمة تفشي الفيروس في بريطانيا ، قائلاً “إن الحكومة لم تتصرف بسرعة كافية في السابق، لذا دعونا لا نكرر هذا الخطأ.”
واعتبر أن “إجراء اختبارات الكشف عن الفيروس لعدد هائل من الناس، وتتبع الإصابة هو من بين الحلول المحتملة لإنهاء حالة الإغلاق”. ومع ذلك، أشار مصدر حكومي إلى أنه لا يمكنهم الوثوق بإقناع الجمهور بخططهم.
وقال المصدر “الحديث عن استراتيجية للخروج قبل أن نصل إلى ذروة المخاطر، يربك الرسالة الحاسمة التي يحتاجها الناس للبقاء في المنزل، من أجل حماية هيئة الخدمات الوطنية الصحية وإنقاذ الأرواح”.
ارتفاع البطالة
تداعيات الإغلاق الذي سببته جائحة كورونا ستزيد نسبة البطالة في بريطانيا بشكل غير مسبوق، وقال مكتب مراقبة الميزانية إن البطالة قد تصل إلى 3.4 ملايين، بارتفاع من 1.3 مليون، تاركة حوالي واحدا من كل 10 من السكان العاملين بدون عمل.
المكتب في تقديره الأولي للخسائر الاقتصادية التي تسببت فيها الجائحة، قال إنه من المتوقع أن يزيد صافي اقتراض القطاع العام بمقدار 218 مليار جنيه استرليني هذا العام، مقارنة بتوقعات مارس، ليبلغ 273 مليار جنيه استرليني، أو 14 % من الناتج المحلي الإجمالي.
فيما ذكر محلل تنبؤات اقتصادية بريطاني مستقل، إن هذا سيكون أكبر عجز لسنة واحدة منذ الحرب العالمية الثانية.
وجاءت هذه التوقعات المخيفة للاقتصاد البريطاني، رغم أن الحكومة سبق أن أعلنت منذ منتصف الشهر الماضي، وقبيل تطبيق الإغلاق، تدشين حزمة إنقاذات بضمانات قروض قيمتها 330 مليار جنيه إسترليني (399 مليار دولار) وتقديم 20 مليار جنيه إسترليني إضافية في شكل خفض للضرائب وإعانات ومساعدات أخرى للشركات التي تواجه خطر الانهيار.
ووعد حينها وزير الخزانة”سوناك” بفعل “كل ما يلزم” لمساعدة تجار التجزئة والحانات والمطارات وغيرها من الشركات للخروج من الأزمة، لكن وبعد الأرقام المروعة التي صدرت في الأيام الأخيرة، بالإضافة إلى توقعات صندوق النقد الدولي المخيفة بأن الاقتصاد العالمي يواجه أعمق ركود له منذ 90 عامًا، قال “سوناك” الثلاثاء الماضي، إنه “يجب على الناس أن يستعدوا للمصاعب”.
إلى ذلك، من الواضح بأنه كلما طال أمد المعركة ضد الجائحة، كلما أدى ذلك إلى ارتفاع حالات الإفلاس بين الشركات والبطالة في بريطانيا.
وستكون الفئات الأضعف وذوو الدخل الأقل هم الأكثر تضرراً، كذلك ستكون هناك تبعات اجتماعية كبيرة وضغوط هائلة على الحكومة لتعزيز الإستقرار الإقتصادي والإجتماعي، من خلال برامج الإنقاذ والدعم المختلفة وخفض الضرائب.
لكن جميع المؤشرات الحالية ترجح استمرار الأزمة الحالية طيلة العام الحالي، كما أنها ستمتد أيضاً إلى العام المقبل، 2021، إلا أن الأمل يبقى متوقفاً على الإسراع بإكتشاف علاج يساهم في كبح جماح إنتشار الوباء والعودة للحياة الطبيعية.