أخبار العرب في أوروبا – فرنسا
كشف كتاب أصدره صحافي فرنسي قبل عدة أيام عن إسرار داخل دور المسنين في فرنسا وصفها الإعلام المحلي بـ “الفضائح المدوية”، حيث يتهم الكتاب شركة تدير مئات الدور لرعاية المسنين بالتعامل السيء مع العجزة.
وبعد نشر الصحفي الفرنسي “فيكتور كاستانيه” لكتابه الذي جاء تحت عنوان(Les Fossoyeurs) “حفارو القبور” والذي يحقق في انتهاكات مرعبة يتعرض لها نزلاء دور المسنين بفرنسا والتي يتم إدارتها والإشراف عليها من قبل شركة(Orpea) “أوربيا”.
وبحسب ما نقل عن الصحفي في تصريح لقناة “بي أف أم ” الإخبارية الفرنسية يوم الاثنين الماضي، فقد تلقى تهديدات وعرضا ماليا بحوالي 15 مليون يورو لإيقاف التحقيق.
وأوضح في حديثه للقناة :” في منتصف التحقيق الذي أجريته، تلقيت عرضا عبر وسيط، يسألني إذا كنت مستعدًا لإيقاف تحقيقي مقابل 15 مليون يورو”.
واعتمد كاستانيه في كتابه “حفارو القبور” على شهادات بعض الموظفين وعائلات نزلاء دور رعاية المسنين.
تمييز بين النزلاء
وكشف في تحقيقه الذي طبعه في كتاب ضمن 388 صفحة، انتهاكات مرّوعة بحق النزلاء وتفاصيل للحياة اليومية الصعبة منها ” وجبات طعام غير كافية، مشاكل في النظافة مثل عدم توفير عدد كافي من الحفاضات بشكل يومي، إدارة الغسيل إضافة إلى التميز بين النزلاء بناء على طبقتهم الاجتماعية”.
ويؤكد الصحفي الفرنسي أن هذا التعامل السيء مع العجزة، يأتي رغم أن مبالغ الإقامة في دور الرعاية المسنين للشركة مرتفعة للغاية.
وذكر في كتابه الذي نشرته عشرات الصحف والمواقع الفرنسية من بينها صحيفة “لوفيغارو” الأكثر شهرة في البلاد: “بمجرد وصولي إلى مبنى رعاية المسنين، وبعد فتح باب المصعد، أدركت أن هناك شيئا ما خطأ. بالفعل كانت هناك رائحة بول كريهة، من المدخل”.
وتابع الصحفي في كتابه: “لدي شهادات واضحة للغاية، حصل النزلاء على ثلاث حفاضات يوميا، وأحيانا أقل. وعندما احتاج المرضى إلى المزيد لم يكن بإمكانهم الحصول على المزيد. إنها مشكلة منهجية ومتكررة”.
ووفقا لكاستانيه فإن “الوضع يزداد سوءا لأولئك الذين يعانون من اضطرابات ذهنية أو من هم أقل ثراء ووفقا للشهادات التي حصلت عليها يتم هجرهم، ومقابل ذلك يُعامل النزلاء الذين ينحدرون من عائلات غنية ومعروفة والسياسيين السابقين بشكل أفضل”.
ومجموعة “أوربيا” تعد من أشهر دور رعاية المسنين الفرنسية التي تم إنشائها قبل 30 عاما، وتدير شبكة مؤلفة من 354 مؤسسة تعتني بالأشخاص الضعفاء وأولئك الذين فقدوا الاستقلالية ضمن دور رعاية المسنين.
وبحسب الصحفي تبلغ تكلفة الغرفة والتي تتراوح مساحتها إلى حوالي 20 متر مربع إلى 6500 يورو شهريا.
السلطات تتحرك
في هذا السياق، شدد وزير الصحة الفرنسي “أوليفييه فيران” على أن الاتهامات الواردة في كتاب “حفارو القبور” ستأخذ منعطفا قانونيا في الأيام القادمة.
كما اعلنت “بريجيت بورغينيون” وزيرة الدولة في فرنسا لاستقلالية المسنين أنها طلبت لقاء المدير العام للمجموعة “جان كريستوف روميرسي” وذلك للرد على “الاتهامات الخطيرة” في الأول من فبراير/شباط المقبل.
ووفقا للوزيرة فإن المقابلة ستكون “فرصة للاستماع إلى تفسيرات مجموعة أوربيا حول عدة نقاط ستكون موضوع تحقيقات معمقة من قبل أجهزة الدولة”.
أما المتحدث باسم الحكومة الفرنسية، جبرائيل أتال، ذكر بعد اختتام جلسة للحكومة الفرنسية :”ما تم الكشف عنه في هذا التحقيق مثير للاشمئزاز تماما. إذا كانت هذه الحقائق صحيحة، فمن الواضح أنه سيتعين معاقبتهم بأقصى درجات الصرامة”.
وشدد بالقول:”يستحق المسنون الاحترام والأفضل. ولا شك في أنه لا يمكن التسامح مع مثل هذه الأعمال في بلادنا”.
وبعد نشر الكتاب انخفضت قيمة مؤسسة “أوربيا” في سوق الأسهم ببورصة باريس إلى حوالي النصف، وتراجعت القيمة بنسبة 21% الأسبوع الماضي، ليصل إجمالي التراجع إلى نحو 47% منذ يوم الاثنين الماضي.
