ابداعات ومواهبتقاريرثقافة وفنون

“إياس المقداد”.. رسائل إنسانية بين لغة السينما ولغة الجسد

ليال صقر – بلجيكا

عندما تكون لغة الجسد والحركة افصح من لغة الكلام، تختصر فنون الرقص التعبيري كل لغات العالم، وتعبر إلى الواقع بطرق مختلفة.

الصدفة كانت طريق الفنان السوري “إياس المقداد” الذي سخر كل طاقته لدخول هذا العالم.
يقول المقداد: “اكتشفت فنون ‏الرقص بالمصادفة عندما كنت أحاول اكتساب المزيد من ليونة الجسد، لأدخل من هناك إلى عالم الرقص ‏التعبيري الذي تعلمت منه تلك اللغة العالمية،..، الرقص هو قوة تعبيرية يستطيع من خلالها الإنسان الارتقاء ‏بمشاعره وفكره”.
“إياس ‎المقداد” خريج المعهد العالي للفنون المسرحية في سوريا يروي لـ”العرب في اوروبا‎” عن ‎بداية مشواره: “ما ‏دعاني للسفر إلى بلجيكا في بداية العام ٢٠١١ هو محدودية التعبير والتجربة الفنية الضحلة في سوريا،..، تخرجت من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق، قسم الباليه في ‏العام ٢٠٠٥ ، وحصلت على درجة الماجستير في الفنون السمعية البصرية والبصرية من مدرسة “الأب لوكا” ‏للفنون في بروكسل في العام ٢٠١٣‏‎”.

‎وعن تجربته في أوربا يوضح” أتاح لي الوجود في أوروبا فرصة الاحتكاك مع فنانين ‏عالميين واستفدت من خبراتهم ومواهبهم من خلال النقاشات والحوارات لتطوير أفكاري وأدواتي في العمل، كما ‏أتاحت لي فرصة التواصل مع الجمهور الأوروبي الذي كان سهلاً بالنسبة لي كوني أعبر وأعمل على ايصال الأفكار من ‏خلال الرقص و لغة الجسد، ولكن كل هذا يحتاج إلى وجود وعي بثقافته وخلفيته بالإضافة إلى الكثير من ‏التجريب للوصول إلى لغة أكثر تعبيرية”.

 ‎بعد انطلاق الثورة في سوريا كرس إياس كل أعماله للحديث ونقل ما ‏يجري هناك فيقول “منذ بداية الثورة السورية أدركت أنه ليس لدى الفنان السوري موضوع آخر للحديث عنه من ‏خلال الفن سوى تلك المعاناة القاسية التي يمر بها هذا الشعب المناضل..المجازر اليومية التي كانت ‏تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي جعلتني اكرس كل أعمالي منذ العالم ٢٠١١ للحديث عن معاناة ‏السوريين، وما زلت أتحدث من خلال أعمالي عن مواضيع العنف وبشكل أساسي ضحايا القصف التي يتعرض ‏لها الآمنين، ومآلات الأحداث في سوريا مدافعا عن حق هذا الشعب ‏بالحصول على حريته”.

الأرجوحة.. عذابات المرأة

‎المرأة كانت حاضرة في أعمال المقداد ولا سيما في عرضه الراقص “الأرجوحة” الذي ‏عرض في العديد من المهرجانات الاوروبية ومنها مهرجان “موسم ستي دمشق” في بروكسل.

عن هذه التجربة يقول “المقداد”: “في ‏‏(الأرجوحة) صورت معاناة المرأة السورية في زمن الحرب ومعاناتها النفسية، حيث لعبت الراقصة الاسبانية ‏‎“lura marin galera” ‎لورا غاليرا دور المرآة التي احترقت في انتظار زوجها‎”.

‎الفنان السوري “المقداد” الذي يدرس ‏حالياً الماجستير في مدرسة جينت كاسك للسينما في بلجيكا ٢٠١٩‏‎- ‎‏٢٠٢٠‏‎) ‎صور معاناة السوريين في طريق ‏الهجرة إلى أوروبا: “عملت على تصوير رحلة اللجوء من خلال فيلم (الحضيرة) الذي يحكي قصة لاجئين ‏سوريين حاولوا الوصول إلى بريطانيا عن طريق فرنسا، ونكتشف من خلال الفيلم أن أحد هؤلاء اللاجئين كان ‏مسؤولا ًعن تعذيب الكثير من الناشطين السوريين في بداية الثورة، ويلتقى بأحد ضحاياه خلال الرحلة، ‏الفيلم من بطولة الممثل و المخرج السوري محمد آل رشي‎”. ‎وعن دخول سوق الأفلام الأوربية والصعوبات يوضح ‏”المقداد”: “السوق الاوروبية مرتبطة بسوق الافلام العالمية، ومفتوحة للجميع وبإمكانها استيعاب تجارب الفنانين ‏السوريين، الا اننا نواجه التحديات نفسها التي يواجهها جميع الفنانين وصناع الافلام الأوربيين ولا سيما مسألة ‏الحصول على التمويل ووصول الأفلام إلى صالات العرض والسينما، ولكني أظن أنه مع الوقت والخبرة يمكن ‏تجاوز هذه المشكلة”.

غرفة بدون باب.. لمواجهة العنصرية

‎وعن أعماله القادمة يقول “المقداد”: “أعمل على انتاج فليم (‎غرفة بدون باب) ‎و يحكي قصة ‏ومعاناة كل الشعوب المهجرة واللاجئة، وسأحاول تسليط الضوء على موضوع العنصرية والصعوبات التي ‏يواجهها اللاجئين في الاندماج وتقبل الشعوب الاوربية لهم” موضحاً أنه “لا بد من معالجة فكرة العنصرية تجاه ‏المهاجرين في اوروبا مع تصاعد اليمين المتطرف، وكي لا نذهب الى طريقة المواجهة مع الجمهور والمتلقى علينا أن نذكرهم بالصراعات التي عاشتها أوروبا في الماضي وما نتج عنها من أعمال عنف ودمار واعتقد ان ‏هذه المقاربة ستجعل المواطن الاوروبي يتفهم ظروف اللاجئين”.

 ‎ويختم “المقداد”: “لدي الكثير من المشاريع الفنية التي أرغب ‏بإنجازها، ولكن حلمي الأكبر هو إنجاز فيلم روائي طويل يتحدث عما حصل في سوريا‎”.‎

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى