أخبار العرب في أوروبا – فرنسا
أخلت السلطات الفرنسية في وقت مبكر من صباح أمس الخميس مخيما كان يؤوي نحو 350 مهاجرا على أطراف مدينة كالية الساحلية في شمال فرنسا، في وقت نددت فيه منظمات حقوقية بهذا الإجراء.
وجاء إخلاء المخيم بعد مرور يوم واحد فقط على صدمة فقدان شاب سوداني توفي قرب المدينة أثناء محاولته العبور إلى بريطانيا.
وتعتبر مدينة كاليه أحد نقاط التجمع الرئيسية قبل العبور إلى بريطانيا، إما في الشاحنات التي تعبر النفق الأوروبي أو عبر بحر المانش على متن قوارب صغيرة.
ووفقا لمحافظ المنطقة جاك بيلانت فإن هذا المخيم كان بمثابة “أكبر موقع يتجمع فيه المهاجرون في كاليه”، مشددا على أن إخلاء الموقع، جاء بناء على قرارات المحكمة الصادرة في مارس/آذار الماضي.
وبرر المحافظ ذلك بأنه كان “ضروريا للغاية” من أجل مواجهة “حالة انعدام الأمن والظروف غير الصحية” السائدة في المخيم المتواجد على أرض تعود لملكية خاصة.
السلطات الفرنسية أكدت على أن “جميع” المهاجرين الذين كانوا حاضرين صباح الخميس، “قرابة 350 شخص”، وافقوا على نقلهم إلى مراكز استقبال في شمال فرنسا خلال عملية نفذت “بهدوء”.
لكن “بيير روك” منسق جمعية “أوبيرج دي ميغران”، استنكر تعامل السلطات مع المهاجرين، مؤكدا أن نقل الأشخاص إلى المراكز لم يكن طوعيا تماما، بل وصف ما حدث بأنه “إيواء إجباري”.
وقال إن الأشخاص الذين يرفضون الصعود إلى الحافلات “سيتعرضون للتوقيف، لذلك لا خيار أمامهم” سوى المغادرة، مضيفا أن نحو 50 شخصا غادروا المخيم بمفردهم دون أن يُنقلوا إلى مركز استقبال.
كما نددت الجمعية المدافعة عن حقوق المهاجرين بطريقة عمل شركة التنظيف التي أوكلت إليها مهمة إزالة آثار المخيم.
وقال روك الذي كان حاضرا أثناء عملية الإخلاء إن العاملين “استخدموا السكاكين لإزالة أربطة الخيام (التي كانت مرتبطة ببعضها)، ومن ثم قاموا بجر الخيام على الأرض، ما يجعلها تالفة وغير صالحة للاستعمال مرة أخرى”.
لكن المحافظة، ورغم الصورة التي تظهر إتلاف خيمة بالسكين، دافعت عن تلك الممارسات قائلة في تغريدة على تويتر “لم تتضرر أو تُسرق أي ممتلكات شخصية خلال هذه العملية”.
من جانبها، أعربت منظمة “أطباء بلا حدود”، التي كانت تنوي إجراء استشارات طبية ونفسية بالقرب من المخيم بعد الحادث، عن أسفها لعدم تمكنها من إنشاء عيادتها المتنقلة بسبب تفكيك الشرطة للمخيم.
وقالت كلوي هانيبو، أخصائية علم النفس في المنظمة غير الحكومية، إنها تأسف لعدم تمكن فريقها من تقديم الدعم للمهاجرين الذين لم تتح لهم حتى فرصة الحداد على صديقهم.
وشددت بالقول:”نعتقد أن الأشخاص الذين عاشوا في المخيم تعرضوا لصدمة بعد المأساة، لا سيما وأن هناك من يعرف الشاب المتوفى”.
وأضافت وفق ما نقلت عنها صحيفة”لا فوا دو نور” المحلية:”الرد الوحيد الذي تقدمه الدولة على هذا الحدث المأساوي هو تدمير مساكن الأشخاص وإبعادهم عن كاليه”.
أما منظمة “هيومن رايتس أوبزرفر” التي تراقب سير عمليات الإخلاء، فقد أكدت أن المهاجرين لم تكن لديهم خيارات بديلة عن الصعود إلى الحافلات التي وضعتها الدولة لنقلهم إلى مراكز بعيدة عن مدينة كاليه، “دون إعلامهم بالوجهة أو بمدة السكن التي ستكون متاحه لهم في المراكز”.
اقرأ أيضا: ارتفاع حالات إعادة المهاجرين من الحدود الألمانية
وقالت المنظمة الحقوقية إنه بعد هذه العملية، تواصل معها العديد من المهاجرين و”أعلمونا بأنهم نُقلوا إلى مواقع تبعد أكثر من 200 كلم عن كاليه”.
وبحسب المنظمة فإنه “على عكس ما ادعت المحافظة، عملية الإيواء ليست عرض مقترح (على المهاجرين)، والهياكل التي توجهت إليها الحافلات هي مراكز سكن مؤقتة لا تتوافق مع الوضع (الإداري) لأغلب الأشخاص”.
والمخيم الذي أخلته السلطات في كاليه، كان يعيش فيه الشاب السوداني الذي تعرض لحادث مأساوي صباح الأربعاء، بعدما دهسته شاحنة أثناء محاولته الصعود على متنها والاختباء لعبور الحدود إلى بريطانيا.
ومطلع الشهر الماضي، فككت السلطات أيضا مخيما للمهاجرين كان يؤوي فيه قرابة 200 شخص في مدينة“غراند سانت” في شمال فرنسا.
يذكر أن أكبر عملية لتفكيك مخيم للمهاجرين في فرنسا كانت في 2016، بمدينة “كاليه”، حين قامت السلطات بتفكيك مخيم يضم قرابة الـ 9 آلاف مهاجر.