أخبار العرب في أوروبا – حسام حميدي
تزامناً مع قرب الانتخابات البلدية في مدينة بوخوم، بولاية شمال الراين-فيستفاليا، غرب ألمانيا، تطفو إلى السطح أزمة السكن وقلة المنازل، للتحول إلى مادة انتخابية دسمة، لا سيما مع الضغط الكبير الذي تتحمله المدينة، كونها مدينة طلابية بالإضافة إلى استقبالها عشرات آلاف اللاجئين خلال السنوات القليلة الماضية.
وبحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن المدينة، فإن عدد السكان بلغ عام 2016 نحو 364,742 في حين تم تسجيل 365.587 شخص مع نهاية العام 2019، بواقع زيادة وصل إلى نحو 10 آلاف شخص.
سمسرة وظاهرة جديدة
كغيرها من مدن منطقة الرور في الولاية الألمانية، شهدت المدينة تزايداً كبيراً في أعداد اللاجئين، بحسب ما توضحه مصادر في البلدية لأخبار العرب، وخلال فترة زمنية قصيرة جداً، ما أحدث نوع من الضغط على المساكن، لافتاً إلى أن البلدية خلال الأشهر الأولى من عام 2016 كانت تستقبل أسبوعياً 150 لاجئاً جديد ليصل إجمالي اللاجئين في المدينة بحلول العام 2017 إلى 3513 لاجئاً.
في غضون ذلك، يشير الشاب “محمد” اللاجئ في المدينة، إلى حالة تصاعد أعداد الباحثين عن مساكن خلال فترة قصيرة زاد من مشكلاتهم في إيجاد المنازل المناسبة أو المطلوبة، خاصةً وأن المدينة رغم كبرها تعاني أساساً من نقص في أعداد تلك المنازل، كونها مدينة تضم عشرات الآلاف من طلاب الجامعات، ومصممة بطريقة تناسب ذلك الواقع، موضحاً أن تلك الأزمة كانت أيضا وراء ظاهرة السمسرة، والتي عززت أزمة السكن، بشكل كبير على اعتبار أن الكثير من أولائك السماسرة كانوا يتآمرون مع أصحاب المنازل لإجبار المستأجر وخصوصاً اللاجئ على دفع مبالغ إضافية.
في السياق ذاته، يؤكد اللاجئ العراقي في المدينة، “سامي” لأخبار العرب، أن اللاجئين كانوا أكبر المتضررين من أزمة السكن في المدينة، كونها أجبرت الكثير منهم على الإقامة في منازل غير صالحة للسكن من الناحية المعيشية والطبية، مشيراً إلى أن ذلك الوضع أجبر الكثير من اللاجئين على ترك المدينة والانتقال إلى مدينة أخرى أو إلى خارج الولاية.
تعليقاً على حديث “سامي” يؤكد المصدر الخاص بـ”أخبار العرب في أوروبا”، على أن أعداد اللاجئين فعلاً قد تراجعت خلال النصف الأول من العام 2018، وصولاً إلى العام 2019، لافتاً إلى أن السجلات الرسمية أظهرت انخفاضاً في عدد اللاجئين مطلع عام 2019 في بوخوم، لتسجل وجود 2122 لاجئ.
كما يفلت المصدر إلى أن أزمة السكن، تعتبر أزمة عامة في منطقة الرور ككل، أكثر مناطق ألمانيا كثافة سكانية وأكثرها استقبالاً للأجانب، كطلاب أو مهاجرين أو عاملين أو لاجئين، مشيراً إلى أن أوضاع السكن في المناطق المحيطة بمدينة بوخوم، كهيرنا وفانايكل ليست بأفضل حال من ناحية توفر العقارات.
أسباب وحلول وانتخابات
وجود الأزمة في بوخوم، يرتبط بحسب المصدر بسلسلة من الأسباب، وليس فقط في أزمة اللاجئين، من بينها اتساع مساحة الأراضي غير المستفلة عمرانياً، والتي كانت كفيلة بشكل أو بآخر بحل المشكلة ولو بشكل جزئي، لافتاً إلى أن مساحة المدينة تساعد على قيام أبنية سكنية جديد.
وكانت الإحصائيات الرسمية قد أظهرت ارتفاع عدد الأجانب المقيمين في ولاية شمال الراين عموماً، للعام العاشر على التوالي، ليصل إجمالي العدد إلى 1.8 مليون أجنبي، النسبة الأكبر منهم من الأتراك، غير حاملي الجنسية الألمانية، بـ 492300 نسمة، في حين حلت الجنسية السورية في المرتبة الثانية، بواقع 225500 نسمة.
في الوقت الذي تحدث فيه المصدر عن الأسباب، اتجه عدد من المرشحين لمنصب عمدة المدينة إلى طرح حلولهم للقضية، حيث يشير المرشح عن حزب FDP، “فيليكس هالت”، إلى أن شعر حملته الانتخابية يقوم على مبدأ أنشئ، زد، استخدم الفجوات، في إشارة إلى تركيزه على مسألة توسع الرقعة العمرانية في المدينة، وتطوير مناطق سكنية جديدة من أجل إنشاء مساحة معيشة بسرعة في بوخوم.
كما يضيف المرشح في تصريحاته لأنصاره: “نحن مدينة طلابية لا نزال نستفيد منها قليلاً، أريد أن أضع الأساس لمشاريع الإسكان الموجهة نحو المستقبل في بوخوم من خلال سكن الطلاب بالقرب من وسط المدينة ومفاهيم الاستخدام المختلط لمساحة البناء، مثل الربط الشبكي بين شقق الطلاب ومرافق المعيشة المساعدة لكبار السن”.
تزامناً، يربط المرشح عن حزب اليسار، “عميد ربيعة”، خطته لحل أزمة السكن، بتوجه مجلس المدينة لإنشاء مساكن منخفضة الإيجار، بدلاً من بيع أراضي البناء لمستثمرين من القطاع الخاص، لافتاً إلى أن تلك الخطوة ستؤدي أيضا إلى وضع حد للإيجارات المرتفعة ووقف دوامة الأسعار، بحسب ما نقلته عنه وسائل إعلام محلية.