أخبار العرب في أوروبا – اسبانيا
تدرس بلدية غرناطة في جنوب إسبانيا، إمكانية إحياء الذكرى السنوية لتسليم مفاتيح المدينة من قبل آخر ملوك المسلمين في الأندلس إلى الملوك الكاثوليك الإسبان دون جمهور، والتي اعتادت السلطات الاحتفال به كل عام، منذ قرون، وذلك بسبب جائحة فيروس كورونا.
وسائل الاعلام الاسبانية، قالت إن “الاحتفالات في الـ 2 من يناير/كانون الثاني المقبل بهذا الحدث، الذي يعود إلى 529 سنة من قبل، سيُختَزل في رفع العلم مرفرفا، مثلما درجت عليه طقوس هذا العيد التاريخي الإسباني، وتحية الملكين إيسابيلا وزوجها فرناندو بزيارة ضريحيهما في كاتدرائية غرناطة في ساحة كارمن بمدينة غرناطة”.
وفي يوم 2 يناير/كانون الثاني من العام 1492، آخر يوم لحُكم المسلمين للأندلس بعد وجود دام نحو 8 قرون، سلّم الأمير أبو عبد الله الصغير مفاتيح مملكته غرناطة للملكة إيسابيلا وزوجها فرناندو، ثم رحل مع أسرته وحاشيته باكيا، كما تقول الروايات الشعبية، إلى دياره وضيعته الكبيرة في آندراتش (Andarax) بمنطقة البُشارات (Alpujarras) لبضعة أشهر قبل اختياره المنفى الطوعي إلى فاس بالمغرب.
الاحتفال يجر ي بـ”استرجاع” غرناطة، من وجهة النظر الإسبانية المسيحية، أو “سقوط” غرناطة، من وجهة النظر الإسلامية الاسبانية وغير الاسبانية، في أجواء متوترة منذ سنوات.
ويجتمع مئات الناس عادةً في ساحة الـ”كارمن” قبالة الكاتدرائية في صفين متعارضين تحت المراقبة الصارمة لقوات الأمن، اذ يهتف كل طرف بشعاراته رافعا شاراته وأعلامه شاهرا مطالبه بشأن هذه الاحتفالات وخلفياتها التاريخية الدينية.
بينما ينقسم الجمهور، بالتالي، إلى مؤيدين بحماس للاحتفالات وهم عادة من الإسبان اليمينيين المحافظين من جهة، والإسبان المسلمين واليساريين المناهضين لهذه الطقوس، من جهة أخرى، الداعين إلى التصالح مع الذاكرة والتخلي عن هذه الاحتفالات التي يعتبرون ذكراها غير مشرفة، لأن الملوك الإسبان خانوا المسلمين ولم يلتزموا بمضمون معاهدة التسليم، وفوق ذلك اضطهدوهم، حسب وجهة نظرهم، دينيا وثقافيا ولغويا وقتلوا المعارضين.
اقرأ أيضا: اسبانيا.. كورونا يعيد اغلاق “قصر الحمراء” الاندلسي
وتتخلل هذه الاحتفالات بين الحين والآخر لرمزيتها التاريخية، اشتباكات بين أفراد المجموعتين المتجمهرتين في ساحة الـ”كارمن” أمام المسؤولين المحليين للمدينة وممثلي الأحزاب السياسية الإسبانية.
يذكر أن تسليم غرناطة جاء بعد توقيع اتفاق سري بشأنه بين مفاوضي الأمير المسلم ونظرائهم المسيحيين يوم 25 نوفمبر من العام 1492 والذي اعتُبر عند اكتشاف أمره خيانة عظمى من طرف سكان المملكة الإسلامية. لكن الأوان كان قد فات حينها لتبدأ مرحلة طويلة من القهر والاضطهاد لملوك إسبانيا لبقايا الأندلسيين الذين أُطلِق عليهم، بعد أقل من 10 سنوات من التسليم، تسمية تحقيرية هي “الموريسكيون”.
و”الموريسكيون” أو “الموريسكوس بالقشتالية” هم المسلمون الذين بقوا في الأندلس تحت الحكم المسيحي بعد سقوط الحكم الإسلامي للأندلس وأجبروا على اعتناق المسيحية، أو ترك الأندلس فرديناند وإيزابيلا في 14 فبراير 1502، وفي الفترة الواقعة ما بين 1609 و1614، أجبرت الحكومة الإسبانية المورسكيين على مغادرة المملكة إلى شمال أفريقيا بطريقةً مُنظمة.