تعليمتقارير

“محمد حلاق”.. رحلة لجوء بدأت من حلب وانتهت في جامعات المانيا بشهادات امتياز

شمال الراين – حسام حميدي

“بحثاً عن أملٍ جديد”، تلخيص شديد الاختصار، أجاب فيه الشاب السوري، “محمد حلاق”، عن الأسباب التي دفعته لترك وطنه الأم، وخوض رحلة اللجوء إلى ألمانيا، قبل سنوات، لافتاً إلى أنه وصل إلى البلد الأوروبي؛ برفقة ابن عمه، الذي شاطره رحلة اللجوء منذ بدايتها.

يقول “محمد”(21 عاماً) : “كنت في السادسة عشر عندما قررت التوجه إلى ألمانيا، عام 2015، لأبحث عن طريق جديد بعد أن قطعت الحرب أوصال بلدي ومدينتي حلب، كان لابد من تلك الخطوة، فكل شيء في حلب وقتها بشير إلى أن لا مستقبل لي هناك”، مشيراً إلى أن رحلته بدأت من تركيا ضمن موجات اللجوء التي استقلبتها ألمانيا في تلك الآونة.

طريق الحلم الشائك

على الرغم من أن “محمد” وجد له مكاناً في كلية الهندسة المعلوماتية في إحدى الجامعات الألمانية، وهو ما كان يشكل أولى وأهم خطوات حلمه في بلد الماكينات، إلا أن طريقه، وبحسب حديثه لموقع “أخبار العرب في أوروبا”، لم يكن سهلاً ورحلة المعاناة لم تنته بالوصول إلى أوروبا قائلا: “في البداية لم أتمكن من الحصول على مقعد في المدارس الألمانية، وتأخرت مدة ستة أشهر حتى التحقت بالمدرسة، ولكن هذا المقعد كان مقتصراً على قواعد اللغة الألمانية وأساسيات في الرياضيات واللغة الإنكليزية، وهو ما استغرق سنة ونصف السنة”.

أما عن حصوله على شهادة الثانوية العامة، فقد أشار “محمد” إلى أنه وبعد ثلاث سنوات من وصوله، تمكن من تجاوزها والحصول على شهادات تفوق من المدرسة، من ضمنها شهادة تقدير من مدير المدرسة، إلى جانب شهادة تفوق بصفوف تعليم اللغة الألمانية بالمعدل التام، وشهادة  الثانوية العامة “Fachabitur” بمعدل 5.1، مضيفاً: “هذا ما ساعدني على العودة إلى طريق بناء مستقبلي في عالم البرمجيات والهندسة المعلوماتية، الذي مثل شغفي منذ الطفولة”.

الإقامة الدائمة.. والطالب مدرس الرياضيات!

جهود “محمد” وسعيه للمضي نحو حلمه، لم يساعده فقط في الوصول إلى الجامعة، وإنما أتاح له الفرصة، للحصول على الإقامة الدائمة في ألمانيا، بعد ثلاث سنوات فقط من وصوله إليها، واستيفاء الشروط بسرعة قياسية.

يقول “محمد حلاق”: “شرحت لموظف دائرة الأجانب أنني أريد أن أنتهي من المدرسة وأتّجه إلى الدراسة الجامعية، عرضت عليه الوثائق المتعلقة بالشروط، إلى جانب كوني أعمل لدى مجلس المدينة كمدرس لمادة الرياضيات في المدارس الألمانية، حيث كانت وظيفتي تقتصر على إعطاء المساعدة الإضافية للطالب ضمن كادر التدريس، وبأجر شبه رمزي، والحمد لله حصلت على الموافقة قبل التحاقي بالجامعة”.

الزعتري في ألمانيا وظروف رحلة محفوفة بالمخاطر والقلق

زخم مشوار “محمد” في ألمانيا، ومع ما وصل إليه اليوم، بعد مرور خمسة أعوام، لم يمنعه من استذكار بعض المحطات المظلمة في مشواره، والتي بدأ الحدث عنها، من بدايتها، مشيراً إلى أن ركوب القارب المطاطي، كان واحداً من تلك المحطات..: “لحظة ركوبنا في القارب بدأت الأمواج تضربنا من كل جانب، كانت لحظات حاسمة وفارقة في حياتنا بين المياه الإقليمية التركية واليونانية، كانت رهان على حياة أو موت، خاصةً بعد أن تعطل بنا محرك القارب عرض البحر، لساعات، وتمتد رحلتنا إلى 7 ساعات وسط الأمواج العاتية، التي كانت تهدد حياتنا في كل لحظة، في حال تمكنت من قلب القارب لا سمح الله”.

“خلال وجودي في عرض البحر، وانقطاع الاتصال بأهلي، كان هناك مأساة أخرى وظروف صعبة تمر على أهلي، الذين لم يتمكنوا من معرفة أي شيء عني خلال تلك الفترة وتبقى التوقعات وحسابات الأسوأ سيدة الموقف”، يضيف “محمد” سرده لرحلته في البحر، مشيراً إلى انه في نهاية المطاف وطأت قدماه أرض الجزر اليونانية ويبدأ المسير نحو ألمانيا.

مع الوصول إلى اليونان بدأ مع “محمد” فصل جديد من فصول رحلة اللجوء، كان عنوانه الأبرز  “الهروب من دوريات الشرطة، موضحا: “عند الوصول إلى غابات هنغاريا حصة كبيرة من الرعب والخطر الذي واجهني كان يتمثل في دوريات الشرطة، التي كانت تبحث عن اللاجئين، وقبلها استغرقنا ساعات طوال في المشي إلى أن وصلنا إلى الحدود مع صربيا، أذكر تماماً الظلام كان دامسا، لم نستطع أن نشعل أي ضوء، كدنا أن نُعتقل أكثر من مرة، بالإضافة إلى الفرار من إمكانية الوقوع بيد عصابات قطاع الطرق والمافيات وشبكات النصب العاملة في مجال الاتجار بالبشر، كما حصل مع الكثيرين، ولكن قدر لنا في نهاية المطاف أن نصل سالمين”.

آخر فصول معاناة الشاب، بحسب روايته، كانت أثناء الوصول إلى ألمانيا، مشيراً إلى أنه تم استقبالهم في بادئ الأمر بمخيم عبارة عن مجموعة من الخيم المقامة على أراضٍ ترابية، مشبهاً إياه بمخيمات اللجوء في الشرق الأوسط، كمخيم الزعتري، ولكن بنسخة أوروبية، وهو المخيم الذي بقي فيه لمدة شهر ونصف الشهر، ليغادره بعدها، واضعاً أولى أحجار بناء مستقبله.

ويختم”محمد” حديثه مع أخبار العرب في أوروبا، برسالة وجهها إلى أقرانه من اللاجئين، بضرورة عدم التوقف عن بناء الأحلام والسعي لتحقيقها مهما كانت الظروف المحيطة صعبة وقاسية، مؤكداً أن رحلة اللجوء على الرغم من كل ما فيها كانت تجربة تستحق أن يخوضها الإنسان، خاصةً إن كان باحث عن مستقبل جديد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى