ابداعات ومواهبتقارير
أخر الأخبار

ألقى بحقيبته في البحر واحتفظ بـ “العود”..”عزمت اللباد” وموسيقاه التي أطربت السويديين والأوروبيين

بقلم أحمد سلوم
آلاف المهاجرين السوريين الذين عبروا البحار في رحلة هي أقرب إلى الانتحار ليصلوا إلى بلدان أوروبا حيث الحرية ‏والأمن اللذان يفتقدونهم في بلدهم سوريا التي دمرتها ألة الحرب.‏
عزمت اللباد أحد السوريين الذين خاضوا تجربة ركوب القارب في البحر من شواطئ تركيا إلى اليونان ليحط رحاله بعد ‏رحلة مضنية في السويد, وأثناء ركوبه القارب تعرض لحادثة غريبة من نوعها ما جعل الإعلام السويدي يتحدث عنها ‏بإسهاب كونها ظاهرة عجيبة لإنسان يخوض المجهول ويرفض الاستغناء عن آلته الموسيقية “العود”.‏
يتحدث “عزمت” لـ “Arabs in Europe”عن رحلته وعن ما كتبت عنه الصحف السويدية قائلا: ” طلب مني المهرب أن ‏أرمي بالعود في البحر فرفضت ذلك واخترت أن أرمي حقيبة ملابسي وجازفت بها وقلت للمهرب أن هذه الآلة هي ‏جواز سفري, فضحك المهرب باستهزاء وقال فلنمضي إذا‎..‎‏”.‏
ترعرع الموسيقي “عزمت” في مدينة الصنمين التابعة لمحافظة درعا ودرس الموسيقى بمعهد المتوسط الموسيقي في ‏ريف دمشق وتخرج بعام 1993 بمرتبة العازف الأول بألة الجيتار‎.‎
وبعد ذلك أنشأ فرقة موسيقية تحت مسمى “سهل حوران” التي أصبحت بعد ذلك من الفرق المعروفة في سوريا, إلا أن ‏‏”عزمت” كان دائما ما يشعر بأن شيء ينقصه فهو لم يدرس الموسيقى لكي يعزف فقط فقرر السفر لمصر والبدء بدراسة ‏عليا للموسيقى إلا أنه سافر من مصر إلى قطر وبقي فيها سنتين ومن ثم عاد للقاهرة ليلتحق في “بيت العود” الذي أنهى ‏فيه دراسته بعد عامين ونصف تقريبا ليبدأ مشواره الفني بالعزف في دار الأوبرا المصرية وفي كبرى المسارح أيضا‎.‎

قرر “اللباد” بعد اندلاع في ربيع العام 2011 العودة لسوريا وهو يحمل شهادته العليا في التأليف والتلحين الموسيقي ‏ليؤلف أربعة كتب في الموسيقى تعتبر بمثابة ثمرة جهده ودراسته ومن أسماء تلك الكتب (صنع بسحر) و (تقنيات العزف ‏على العود للمتقدمين) وافتتح معهدا لتعليم العزف على آلة العود ومع اندلاع الثورة السورية ثار اللباد ثار ضد الظلم ‏والاستبداد بالكلمة و الموسيقى و الصوت وكان دائما سلمياً حيث قام بتلحين الأغاني الثورية الساخرة مثل الأغنية ‏الساخرة (لاكتب على أبواب الفرع) وأغاني مثل (الموت ولا المذلة) التي انتشرت انتشارا واسعا وكانت تردد في كل ‏المظاهرات السورية‎.‎


العود قصة عشق ورفيق درب
‎”‎اللباد” الذي فضل رمي ملابسه بالبحر على أن يرمي حقيبة “عوده” حط رحاله في سنة 2016 بعد رحلة طويلة في ‏السويد ومنها لحن للشاعر الدنماركي من أصول عراقية “أحمد الثرواني” ليصبح بعد فترة وجيزة أحد المدرسين ‏للموسيقى الشرقية في مدينة مالمو السويدية‎.‎
ويشير “اللباد” إلى أن آلة العود كان لها الفضل الكبير في مواساة أحزانه في بلد غريب عنه في لغته وحضارتها ‏وعاداتها فكان العود هو الونيس في ليالي وحدته وانتظاره لقرار إقامته إضافة إلى مساعدته في سرعة اندماجه بهذا ‏المجتمع وحصوله على عمل‎.‎
‎ويؤكد بأنه يستخدم العزف على العود لإيصال رسائل حب وسلام للعالم بعيدا عن المأساة التي تشهدها سوريا، وليظهر ‏للمجتمع الأوروبي عامة والسويدي خاصة أننا نملك حضارة وثقافة في بلدنا, فغالبا ما استوحي المقامات الشرقية مثل ‏‏“الصبا” لأنه يعبر عن الحزن والألم وهو مايجعلني استذكر شيءً عن بلدي سوريا‎. ‎

قصة مهاجر سوري‎ ‎
يتابع اللباد قوله أنه في الأيام القادمة سيكون هناك عمل مسرحي غنائي له تحت عنوان “قصة مهاجر” عبارة عن ‏مقطوعات موسيقية تتحدث عن المراحل التي خاضها السوري بدءا بلجوئه للبنان وصولا إلى أوروبا ويتخلل كل مرحلة ‏مقطوعة موسيقية حيث تبدأ أول مقطوعة من سوريا بعنوان “طفلة” وبعد ذلك إلى لبنان يبدأ الصراع الداخلي بين العودة ‏والحرب والسفر إلى أوروبا وهنا مقطوعة موسيقية بعنوان “عتاب” بمعنى كيف نحن استقبلنا اللبنانيين وكيف هم ‏استقبلونا بشكل غير جيد ويزداد الضغط على ذلك الشخص ضغط الحرب في سوريا والضغط النفسي في لبنان بعد ذلك ‏نسافر إلى تركيا ومنها إلى أوروبا‎.‎

اللباد يطرب السويديين
عزف اللباد في كبرى الأماكن السويدية ومنها دار الأوبرا ومهرجان مالمو ومالمو لايف وغيرها من الأماكن التي تمكن ‏من خلال موسيقاه أن يشعر السويديين بإحساس غريب وجميل لم يشعروه سابقا بموسيقاهم الغربية وفقا لما اعترفوا له به ‏ووفقا لردود أفعالهم الإيجابية أثناء عزفه‎.‎
ينهي “اللباد” حديثه بالقول “الموسيقى شيء جميل وهي غذاء الروح والشيء غير الملموس الذي يشعرنا بأننا بشر نحيا ‏الألم والسعادة معا, فبالموسيقى نحلق للسماء بدون أجنحة وبها نهبط للأرض بعيون مليئة بالأمل‎

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى