اقتصاد واعمال

معمل للراحة الحورانية في المانيا ينافس التركية في أوروبا

خلدون المزعل – المانيا

للراحة الحوارنية “الدرعاوية” طعماً خاصاً وحنيناً يرتبط بذاكرة السوريين أينما حطوا رحالهم، ولكن حنين الصانع يختلف كثيراً عن حنين الذائق .

اشتهرت عائلة “الكور” بصناعة الراحة “الدرعاوية” منذ ستينات القرن الماضي، فتوارث الأبناء هذه “الصنعة” عن الآباء والأجداد.

صانع الراحة “مفضي الكور” أحد الأبناء الذين  قدموا إلى ألمانيا مع عائلته في  منتصف العام ٢٠١٥ بعد أن أغلق معمله في سوريا وخسر  كل أملاكه .

إرادة البقاء لم تتوقف عند وصول “مفضي الكور” إلى ألمانيا، فالعمل والإنجاز هو مؤشر الوجود الحقيقي..

البداية يرويها  “مفضي الكور” لموقع “أخبار العرب في إوروبا” قائلا: “عندما رأيت أنواع الراحة الموجودة في السوق تشجعت كثيراً للعمل لأنني أستطيع المنافسة وإثبات وجودي، وبدأت أعرف أصدقائي الألمان على عملي في صناعة الراحة من  خلال الصور ومقاطع الفيديو، وأجريت اختبار تصنيع في المنزل بأدوات بسيطة وبدائية، وبعد أن تذوقوها أبدوا إعجابهم بالطعم، ودفعوني وشجعوني للبدء بالعمل وتأسيس مصنع صغير ”.

ويضيف “الكور”: “لم أكن أملك أي مبلغ للبدء بالمشروع، وبمساعدة وتشجيع من أحد الأصدقاء الألمان توجهت إلى  مكتب العمل (الجوب سنتر) وطرحت عليهم  مشروعي، و طلبوا مني إجراء دراسة للمشروع تتضمن كل التفاصيل والتكاليف والمصاريف، وخلصت  الدراسة إلى أن تكلفت المشروع تقدر بـ  ٣٠  ألف يوور إذ تكفل  مكتب العمل بتقديم   خمسة آلاف يورو فقط، أما بقية المبلغ  حصلت عليه كدين من أصدقائي الألمان الذين دعموني وأصروا أن أنجز مشروعي، والآن بدأت أعيد ما أخذته منهم”.

الصعوبات …

عن الصعوبات التي واجهها “مفضي الكور” أثناء افتتاح المعمل الذي يقع جنوب مدينة “شتوتغارت” يقول: “بدأت  بالانتاح في بداية الشهر السابع من هذا العام، واستغرقت مدة الحصول على الموافقات والتراخيص اللازمة لتجهيز المعمل أكثر من سنتين ونصف، وذلك بسبب الروتين  والبيراوقراطية” مضيفا أن “أكبر المشكلات هي كثرة  الطلبات وانتظار الحصول على الموافقات التي تستغرق أشهر في بعض الأحيان، ففي ألمانيا يجب  على صاحب أي منشأة أن يحقق مواصفات وشروط معينة بحسب نوع العمل، للحصول على تراخيص وتبدأ الشروط من الجدران والأدوات وصولًا إلى المنتج وشروط السلامة الصحية، وهذا أحد الأسباب في تأخر افتتاح المعمل،  فمنتج الراحة غير معروف هنا لذلك يجب علينا ذكر جميع المحتويات وكتابتها بجميع اللغات على علبة التغليف وكل هذا يحتاج إلى تراخيص ووقت، واليوم منتجنا مرخص ضمن المواصفات الأوربية، كما أنني عانيت من عدم توفر بعض الأدوات والآلات فاستوردتها من تركيا وهذا أيضاً يتطلب معرفة بقوانين وشروط الاستيراد”.

صانع الراحة  الذي حصل على شهادة  تقدير من مسؤولي المدينة الذين  زاروه بعد افتتاح المعمل وعرضوا عليه المساعدة يوضح آلية العمل: ” أعمل أنا وزوجتي في المعمل  فهي الشخص الذي يقف إلى جانبي ويدعمني في كل الأوقات، والمعمل مجهز بكافة الأدوات من آلة الطبخ إلى التقطيع والتغليف، وأسوق منتجي بجهد شخصي ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي وأبيع حسب الطلب بالمفرق والجملة على العنوان التالي (Schömbergerstr.42‏ رقم تلفون -004917624916734.

يقول “الكور” بدأ المنتج ينتشر في جميع دول أوروبا ولا سيما في المحال العربية والتركية، كما أنني منحت أحد السوريين وكالة بيع حصرية في السويد لكثرة الطلبات، وفي المنطقة التي أعيش فيها بدأ المنتج يدخل إلى محلات الألمان ويوجد عليه طلب مباشر من الألمان”.

 الراحة التركية والحوارنية.

وعن ميزات الراحة الدرعاوية “الحورانية” نسبة إلي سهل حوارن التي تشتهر بصناعتها يوضح الكور” تحتلف الراحة السورية “الحورانية” بشكل خاصة عن  الراحة التركية، من ناحية كمية السكر وطريقة الطبخ، فالأتراك يضيفون الكثير من السكر لحلوياتهم بشكل عام، ويعتمدون على  مواد التخزين والحفظ التي تفقد الراحة  نكهتها  وتضمن فترة صلاحية لمدة أطول، حيث أن  علبة الراحة التركي مدة صلاحيتها سنة أما الراحة الدرعاوية مدة صلاحيتها ستة اشهر والسبب أننا نركز على الطعمة الحقيقية”.

يضيف “ راحة حوارن لها ميزة خاصة من ناحية النكهة  والطراوة فنحن نأكل الراحة مع البسكوت وهذا الطريقة معروفة ومشهورة في سوريا كلها، ناهيك عن الطعمات والخلطات التي نتميز بها في المقادير وطريقة الطبخ وهذا هو سر المهنة الذي تناقلناه عن الأجداد، ولذلك  بقيت الراحة الحورانية مميزة رغم انتشار المعامل في جميع المحافظات ”.

“الكور” يبحث عن مكان مناسب لتوسيع المعمل وفتح خطوط إنتاج إضافية، فيقول”  أستطيع أن أؤمن  ١٥ فرصة عمل بدوام كامل في حال التوسعة، ولكن هذا يحتاج لرأس مال أكبر ويتطلب وقت ودراسة، وأطمح أن  أصل إلى العالمية في انتاجها”.

اقرأ أيضا:“أم محمد” تنقل المطبخ السوري إلى العوائل الباريسية

يختم “الكور” كلامه مشجعا السوريين على البدء بمشاريعهم:”أعرف الكثير من السوريين الذين يملكون الخبرة في مصالحهم وأعمالهم، لهذا انصحهم بكسر حاجز الخوف والبدء بتنفيذ مشاريعهم الخاصة، فالمعاملات وطول الانتظار في ألمانيا لا يخيف ولكن تحتاج إلى صبر وهذا  أمر  طبيعي، إضافة إلى ذلك  الحكومة الألمانية تشجع وتعطي صاحب أي مشروع   فترة تجريبية تستمر إلى سنتين ودون أي معوقات، كما أن الشعب الألماني يحب مساعدة أي شخص يجدونه متحمسا للعمل فأنا لولا أصدقائي من عائلة”Matthias und Hanna Roller”   ما كنت أستطعت أن افتتح المعمل والفضل يعود لهم وهنا أريد أن أوجه لهم الشكر والتقدير”. 

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى