أخبارتقاريردول ومدن
أخر الأخبار

تساؤلات في تركيا حول معايير البناء بعد انهيار آلاف المباني جراء الزلزال

أخبار العرب في أوروبا – متابعات

بعد انهيار آلاف المباني والتي تحولت إلى ركام من الأنقاض في 10 مقاطعات تركية جراء الزلزال العنيف الذي ضرب جنوب البلاد وشمال سوريا، أثيرت تساؤلات في تركيا حول معايير البناء وما إذا كان هناك غش و أهمال.

هذه التساؤلات جاءت بعد ما أنفق عشرات الآلاف من الأتراك مدخراتهم على شراء شقق سكنية وتأثيثها لجعلها مكانا مريحا للسكن، لكنها باتت اليوم أكواما من الركام في أعقاب الزلزال المدمر.

وانهارت آلاف المباني الحديثة والقديمة، بعضها شُيد قبل ستة أشهر فقط، فيما سويت مبان أخرى بالأرض، ولغاية الآن لا يعرف الحجم الكامل لأضرار الزلزال الذي بلغت قوته 7.8 وهزات ارتدادية لا تحصى تسببت بكارثة في تركيا وسوريا أودت بحياة أكثر من 35 ألفا لغاية الآن.

ومع ارتفاع حصيلة القتلى في تركيا يوميا، فإنه بموازاة ذلك يتصاعد الغضب من رداءة نوعية البناء ما تسبب بتساقط أبنية كالورق، في بلد يقع على عدة فوالق وسجل في فترات ماضية زلازل كبرى، خاصة زلزال ضرب شمال غرب البلاد عام 1999 وأودى بحياة 17 ألف شخص.

تنقل وكالة “فرانس برس” عن خبراء، قولهم، حول هذا الأمر:”إن لدى تركيا القوانين الضرورية لمنع مثل تلك الكارثة. لكن يتم التساهل في تطبيقها من قبل شركات البناء”.

ويقول المسؤولون الأتراك إن 12.141 مبنى دمر أو تضرر بشدة في البلاد. وبما أن الزلزال الأول كان بهذه القوة كان متوقعا تسجيل أضرار، لكن ليس كالأضرار التي نشاهدها الآن، بحسب “مصطفى إرديك” الأستاذ في جامعة بوغازيتشي.

وحتى أن انهيار مبنى ما، يمكن للناس عادة الاختباء حتى تتمكن فرق البحث من إنقاذهم، كما يقول “إرديك”. لكن هذه المرة تساقطت طبقات أبنية فوق بعضها البعض مثل الصفائح.

وأضاف “إرديك” وهو أيضا من الصندوق التركي لمواجهة الزلازل في حديثه، إن أرضيات الشقق تتكدس فوق بعضها البعض.

هل الإسمنت المستخدم متدني النوعية ؟

هذا السؤال برز بشكل كبير منذ وقوع الزلزال بتركيا، لاسيما سقوط الأبنية بهذا الشكل.

يقول “زيني تكين” المستشار في جامعة إسطنبول التقنية، إن هذه الأسباب تعود في العادة إلى النوعية الرديئة للأسمنت الذي يمزج مع كثير من الماء والحصى وقليل جدا من الإسمنت.

وأضاف المهندس “تكين” أن هناك أسباب أخرى تعود الى نوعية قضبان الحديد التي قد تكون رفيعة جدا بحيث لا تتمكن من دعم الأعمدة، ما يحد من قوة البناء.

لكن “تكين” يلقي باللوم أيضا على تدني مستوى تعليم المهندسين المدنيين والمهندسين المعماريين، رغم ظهور جامعات خاصة في أنحاء تركيا. وغامر المسؤولون الأتراك بتخفيف القوانين، وفق قوله.

ويشير “تكين” إلى أن هذا الدمار الكبير جاء رغم قواعد البناء التركية القائمة على قواعد كاليفورنيا، تتم مراجعتها بشكل دوري منذ زلزال 1999، مؤكدا أنه أجريت آخر مراجعة لهذه القواعد في عام 2018.

بدوره، يؤكد “أيكوت كوكسال” المهندس المعماري في إسطنبول بالقول: “على الورق تُحترم المعايير، مع عقود تمنح لشركات خاصة تكلف التحقق منها”، لكنه عاد وأكد بأن الإشراف على تلك الاتفاقات “متساهل”، ما يمنح البنائين مساحة أكبر لتطبيق القواعد أو عدم تطبيقها.

الأتراك غاضبون

منذ اليوم الأول للزلزال الذي وقع فجر الأثنين الماضي وظهور الحجم الكبير للدمار بعد بزوغ الشمس، عبر الكثير من الأتراك عن غضبهم من طمع وأهمال المقاولين والمهندسين، معتبرين بأن الإجراءات البيروقراطية قد تحد من تحميل المسؤولية إلى جهة ما إذا حصل خطأ.

هذا الإهمال والطمع الواضحان لبعض المقاولين-كما يقول البعض- أثار غضبا واسعا على مستوى تركيا وخصوصا بعد انهيار شقق سكنية فخمة بنيت في السنوات العشرين الماضية مثل أوراق اللعب.

يقول “كوكسال” إن عدد الخطوات والموقعين كبير إلى درجة يجعل من الصعب تحديد المسؤول في نهاية الأمر، موضحا أنه كحل لهذه المشكلة يجب فرض تأمين على جميع أصحاب الشأن ضد الممارسات الخاطئة، تضمن دفع تعويضات للمتضررين من جانب المقاولين المذنبين.

ونوه إلى أن “هذا ما يطبق في أماكن أخرى من العالم وينبغي أن يطبق في تركيا”.

إلى ذلك، قال أستاذ الجيولوجيا في جامعة إسطنبول التقنية “جنك يلتيرق” في حديث لصحيفة “حريت ديلي نيوز” التركية الناطقة باللغة الإنكليزية، إن “مناطق الاستيطان في المنطقة المنكوبة تم اختيارها بشكل غير صحيح”.

اقرأ أيضا: “الخرسانة أشبه بالرمل”.. السلطات التركية تعتقل عشرات المقاولين والمهندسين

وأضاف أن صور الأقمار الصناعيّة تكشف أن “الزلازل لم يلحق أضرارا بالمنازل في المناطق القريبة قليلا من الصدوع أو في مناطق التلال”، مرجعا أسباب الدمار الهائل الذي خلفه الزلزال لعوامل عدة، منها الأبنية الشاهقة وأخرى لا تستوفي الشروط، محذّرا من إعادة الإعمار على هذا النحو.

واليوم الأحد، نفذت السلطات التركية حملة اعتقالات، طالت عشرات المقاولين والمهندسين المعماريين الذين ألقيت عليهم مسؤولية انهيار المباني جراء الزلزال.

وقالت وكالة أنباء “الأناضول” التركية الحكومية، أن أكثر من 100 شخص اعتقلوا في جميع أنحاء المقاطعات العشر المتضررة من الزلزال، حيث أمرت وزارة العدل التركية المسؤولين في تلك المقاطعات بإنشاء “وحدات للتحقيق في جرائم الزلزال”.

كما أمرت وزارة العدل بتعيين مدّعين عامين لتوجيه تهم جنائية ضد جميع “المقاولين والمسؤولين” عن انهيار المباني التي أخفقت في تلبية القوانين الحالية المستحدثة بعد زلزال عام 1999.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى